في قرار مفاجئ أعلن الرئيس الروسي بوريس يلتسن امس الاثنين اعفاء حكومة فيكتور تشيرنوميردين وتعيين وزير الطاقة والوقود سيرغي كيرينيكو قائماً بأعمال رئيس الوزراء ثم كلفه الاشراف على مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، وذكر انه كلف تشيرنوميردين التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، وشدد على ان اقالة الحكومة لا تعني تغيير السياسة الروسية. وعقد صباح أمس في الكرملين اجتماع ضم يلتسن وتشيرنوميردين أعلنت بعده سلسلة مراسيم تقضي باقالة الحكومة وتولي يلتسن نفسه الاشراف عليها موقتاً. واستثني من القرار الأخير النائب الأول لرئيس الوزراء اناتولي تشوبايس وهو زعيم الجناح الاصلاحي الراديكالي الذي قاد عملية الخصخصة، فقد قرر الرئيس "نقله الى عمل آخر" لم يحدده. واتخذ قرار مماثل في شأن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اناتولي كوليكوف الذي كان يعد من أقوى الشخصيات المسيطرة على أجهزة الشرطة والأمن. وفور اعلان المراسيم الرئاسية حصل انهيار خطير في الأسواق المالية بلغ زهاء 10 في المئة، إلا انه توقف بعد ظهور يلتسن على شاشة التلفزيون مؤكداً انه "لا تغيير في نهجنا السياسي". وأشار الى ان الحكومة "تمكنت من تجاوز الأزمات التي واجهتها"، لكنه اضاف انها اخفقت في "معالجة قضايا محورية". وقال انها تفتقر الى "الديناميكية والمبادرة والليونة"، وأعلن ان الحكومة الجديدة ستكون "قوية وتعطي زخماً" للاصلاحات. وامتدح فيكتور تشيرنوميردين الذي منح وسام "خدمة الوطن". وقال انه طلب منه "تركيز جهوده على التحضير السياسي" للانتخابات الرئاسية عام 2000. ورفض تشيرنوميردين اعتبار هذا التصريح بمثابة اعلان عن تعيينه "خليفة" ليلتسن، ولكنه لم ينف احتمال ترشيح نفسه لاحقاً. وعلى رغم ان رئيس الوزراء قال عن اعفاء الوزراة انه "ليس كارثة ولا يعني أزمة وزارية"، إلا ان المراقبين اجمعوا على ان تشيرنوميردين فوجئ بالقرار، وأشاروا الى ان تكليفه التحضير للانتخابات الرئاسية مجرد "تعويض معنوي" إذ ان بقاءه في موقعه كان سيضمن له مرتكزاً قوياً لخوض الانتخابات، حرم منه الآن. وقدم المحللون تفسيرات عدة لقرار يلتسن، منها محاولته التنصل من مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية وامتصاص النقمة الشعبية التي كانت ستظهر اثناء حركة الاحتجاج العامة في التاسع من الشهر المقبل. وأشار رئيس البرلمان غينادي سيليزنيوف شيوعي الى ان يلتسن قام بخطوة "احترازية" لعلمه ان مجلس النواب سيصدر قراراً بحجب الثقة عن الحكومة في العاشر من الشهر المقبل. وتأتي في هذا السياق اقالة تشوبايس الذي كان يلتسن أعلن انه سيبقى في منصبه حتى عام 2000. ومن الواضح ان اعفاءه سيجعله "كبش محرقة" بتحميله الاستياء من تزايد ديون الدولة للعاملين وتردي الأوضاع الاقتصادية. وعلى رغم تأكيد تشوبايس انه كان طلب من الرئيس منذ شهر كامل اعفاءه من المنصب إلا ان المراقبين يشيرون الى ان رحيله قد يعني تخلي الكرملين عن النهج الراديكالي. ويعزز هذا الرأي اسناد رئاسة الحكومة بالوكالة الى سيرغي كيرينيكو 36 سنة الذي يعد من الجناح الاصلاحي المعتدل ويحظى بدعم غير مباشر من المعارضة. وفي اشارة واضحة الى ان كيرينيكو قد يصبح رئيساً دائماً للحكومة دعا تشيرنوميردين البرلمان الى "الموافقة على ترشيح هذا الرجل الواعد". ولم يكشف يلتسن اسم المرشح ولكنه قال انه شخصية ستحظى بتأييد البرلمان. وأعلن الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف ان تجمع القوى اليسارية والقومية قد يوافق على الانضمام الى الوزارة الجديدة في حال "تغيير النهج". وذكر نائبه فالنتين كوبتسوف ان قرار يلتسن هو "نتيجة ضغط المعارضة". واستبعد ان يوافق البرلمان على تعيين كيرينيكو وتوقع ان يرشح للمنصب واحد من قادة الأقاليم الروسية. وأضاف ان "محافظاً قريباً من المعارضة غير مستبعد". ولكن السكرتير الصحافي للكرملين سيرغي ياسترجيمبيسكي أكد ان الرئيس لن يشكل الحكومة على أساس مبدأ الغالبية البرلمانية، وأضاف ان يلتسن "سيتشاور" مع القوى السياسية المختلفة.