انهارت الآمال المعقودة على تحقيق الوفاق في روسيا بعد اعلان اكبر الكتل البرلمانية رفضها المصادقة على تعيين فيكتور تشيرنوميردين رئيساً للحكومة وتخليها عن وثيقة "الوفاق السياسي" وطالب الشيوعيون بپ"ضمانات" تكفل استقالة الرئيس بوريس يلتسن لاحقاً واسناد رئاسة الوزارة الى واحد من ثلاثة مرشحين يختارهم البرلمان، فيما حذر الكرملين من احتمال حل المجلس النيابي والامتناع عن اجراء انتخابات جديدة. وبدا نهار الأحد ان الفرقاء توصلوا الى اتفاق ووقعوا بالاحرف الأولى "الاتفاقية السياسية" التي نصت على امتناع البرلمان عن حجب الثقة عن الحكومة وتعهد رئيس الدولة عدم حل الهيئة الاشتراعية لمدة 18 شهراً. وتضمنت الوثيقة بنوداً اخرى تتعلق بمنح الاحزاب المختلفة فرصاً متكافئة في الاعلام، والشروع في اجراءات لتعديل الدستور واعادة توزيع الصلاحيات لصالح الحكومة والبرلمان والحد من صلاحيات رئيس الدولة. وذكر الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف انه لن يوقع الاتفاقية الا بعد التشاور مع قيادة حزبه. وفي برنامج تلفزيوني مساء الأحد اعلن رفضه للاتفاقية وأيده رئيس الحزب الديموقراطي الليبرالي القومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي وزعيم كتلة "يابلوكو" الاصلاحية المعتدلة غريغوري يافلينسكي. وغدا تفجير هذه "القنبلة" بداية نكوص الى الوراء وأعلن ممثل الرئيس في البرلمان الكسندر كوتنكوف ان يلتسن يرفض توقيع الاتفاقية ويصرّ على تعيين تشيرنوميردين رئيساً للحكومة. وعقد رئيس الوزراء المكلف صباح الاثنين اجتماعاً مع قادة الكتل اليسارية الثلاث الا انه لم يسفر عن نتيجة. وذكر زيوغانوف ان تشيرنوميردين "لا يملك برنامجا" واقترح بدلاً من ذلك ان يعقد مجلسا الدوما والفيدرالية الهيئتان العليا والسفلى للبرلمان اجتماعاً مشتركاً تطرح خلاله اسماء عدد من المرشحين ويتم اختيار واحد منهم بپ"الاقتراع الترجيحي" أي أن رئيس الدولة يكون ملزماً بتعيين الشخص الذي يحصل على أعلى نسبة من الاصوات. وأوضح رئيس لجنة الأمن في البرلمان فيكتور ايليوخين وهو أحد أقطاب الجناح المتشدد في الحزب الشيوعي ان هناك شرطين اساسيين لتحقيق الوفاق اولهما الحصول على "ضمانات أكيدة" بأن يلتسن سوف يستقيل من منصبه والثاني تشكيل حكومة فيها تمثيل يساري مكافئ للتناسب الموجود في البرلمان، اي ان يكون لأحزاب اليسار زهاء نصف الحقائب الوزارية. وأثار موقف المعارضة غضب الكرملين وأكد كوتنكوف ان الشيوعيين "يستفزون" الرئيس ليحل البرلمان املاً في الهيمنة على المجلس النيابي القادم. ولكنه حذر من ان "انتخابات جديدة يستبعد ان تجري" بسبب اضطرابات واسعة محتملة يؤدي اليها تدهور الوضع الاقتصادي والاضطراب السياسي. وأشار رجل الاعمال النافذ بوريس بيريزوفسكي الذي يتزعم اكبر الكتل المالية الداعمة لتشيرنوميردين الى ان الاخير "سيكون رئيساً للحكومة بصرف النظر عن موقف البرلمان". وأضاف ان السلطة اخطأت في دخولها مساومات مع المعارضة وقال ان "التساوم لم يعد له مكان". ودعا الرئيس الى استخدام صلاحياته وحل المجلس النيابي. ورداً على هذا الاحتمال اكد زيوغانوف ان حل البرلمان سيكون "مأساة للجميع". وقال ان بيريزوفسكي يلعب حالياً دور "الرجل الاثير" لدى يلتسن بدلاً من الزعيم الاصلاحي المعروف اناتولي تشوبايس. وتابع ان حل مجلس الدوما سيعني إلغاء الشرعية و"تحويل الكرملين الى بيت للموتى" وسيطرة "المجرمين واللصوص" على الدولة. وفي محاولة اخيرة لاحتواء الازمة توجه رئيس مجلس الدوما غينادي سيليزينوف الى الكرملين لاقناع يلتسن بالمشاركة في جلسة البرلمان وعرض مبرراته لترشيح تشيرنوميردين الا ان رئيس الدولة رفض الطلب وأصرّ على ان يتخذ النواب "قراراً سريعاً". وفي خطابه امام البرلمان قال تشيرنوميردين ان روسيا "على حافة انهيار اقتصادي وسياسي"، وطلب اعتماد البرنامج الذي أعدته لجنة مشتركة تمثل السلطتين التنفيذية والاشتراعية للخروج من الأزمة التي قال ان مواجهتها تقتضي تضافر جهود فروع السلطة والقوى السياسية المختلفة ووعد باسناد حقائب وزارية الى هذه القوى.