تحدث الرئيس الروسي بوريس يلتسن إلى شعبه أمس الجمعة بعد صمت طويل. وحذر من أن بلاده دخلت في مرحلة الخطر. وأعرب عن أمله في أن تتمكن حكومة رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف من معالجة الأزمة، فيما أكد الأخير ان ذلك يقتضي "الوفاق وتعبئة كل الامكانات المتاحة". وكان يلتسن اعتكف طوال الفترة الماضية بعدما خذله البرلمان مرتين ولم يوافق على تعيين مرشحه فيكتور تشيرنوميردين رئيساً للحكومة. وعرض رئيس الدولة أمس صورة قاتمة للأوضاع، وقال: "الرفوف خالية من البضائع والطوابير أمام المتاجر عادت مرة أخرى والشحة قائمة، والروبل القوي الذي فاخرنا به، يهوي". وأضاف: "وصلنا إلى نقطة خطرة". ومن دون أن يوجه اللوم إلى نفسه أو إلى البرلمان، قال يلتسن إن روسيا ظلت ثلاثة أسابيع من دون حكومة وغدت "على اعتاب أزمة سياسية خطيرة". لكنه قال إن القادة السياسيين برهنوا قدرتهم على التوصل إلى حل وسط. ووصف بريماكوف بأنه "مرشح الوفاق"، وقال إن على حكومته أن تعمل بسرعة على خفض الأسعار وإعادة البضائع إلى الأسواق وتحقيق الاستقرار في النظام المصرفي وضمان ودائع المواطنين. واعترف يلتسن بأن الحكومات السابقة لم تكن تحظى بدعم البرلمان. وقال إن وضعاً جديداً طرأ الآن بقيام وزارة "يؤيدها الرئيس والبرلمان معاً". ودعا المواطنين إلى "العمل سوية" للخروج من الأزمة. واجتمع يلتسن مع تشيرنوميردين ليشكره على "خطوته الشجاعة" بالانسحاب. ثم التقى بريماكوف للبحث في تشكيلة الحكومة العتيدة. وفور مغادرته الكرملين، توجه بريماكوف إلى مجلس الدوما للاجتماع مع قادة الكتل البرلمانية. وأعلن أنه لن يقدم الآن برنامجاً تفصيلياً لخطواته الاقتصادية. لكنه دعا إلى "الوفاق بين جميع القوى وتعبئة كل المتاح للخروج من الأزمة والحفاظ على روسيا كدولة قوية". ونقل نائب رئيس البرلمان فلاديمير ريجكوف عن بريماكوف قوله إنه وضع النواب أمام خيار أن يؤيدوه أو "الأفضل ان لا تصوتوا لصالحي". وطلب مهلة ستة أشهر وليس مئة يوم كالمعتاد، قبل محاسبة حكومته على ما انجزت. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن أحد المشاركين في الاجتماع ان رئيس الوزراء أكد اختياره النائب الشيوعي يوري ماسليوكوف ليكون نائباً أول لرئيس الحكومة ومسؤولاً عن الصناعة والاقتصاد. ويذكر ان ماسليوكوف كان شغل منصباً مماثلاً في العهد السوفياتي وتولى رئاسة لجنة الدولة للتخطيط الاقتصادي. وأيد الشيوعيون اقتراح يلتسن اسناد رئاسة البنك المركزي إلى فيكتور غيراشينكو بدلاً من سيرغي دوبيتين الذي قبل رئيس الدولة استقالته أمس. ورأى المراقبون ان اسناد منصبين أساسيين إلى عنصرين محسوبين على اليسار يعني أن بريماكوف سيشكل حكومة "وردية" تستند إلى أغلبية برلمانية لا تضم الشخصيات "الاصلاحية" التقليدية مثل أناتولي تشوبايس ويغور غايدار