في عالم التجميل كما في عالم الأزياء وكل العوالم التي تخضع لاعتبارات "الموضة"، لكل أنثى حلم، وحلم الغالبية ارتداء ما "يناسبها". وتبدو هذه العبارة تقريرية فيما هي في الواقع اجابة عامة لسؤال حول الأسس التي تعتمدها حواء في اختيار مستحضرات التجميل. وكانت الاجابات صريحة عند النساء والفتيات وتلخصت غالبيتها في العبارة المشار اليها. وتعكس كلمة "تناسبها" فعليا آراء مجموعة من النساء والفتيات العربيات والغربيات في نيويورك ومونتريال، وليس من المؤكد ما إذا كانت تشغل حواء في كل مكان، إلا أن المؤكد أنها تثير من الأسئلة أكثر مما تلخص من الاجابات، فاذا كانت الموضة وتياراتها عنصرا مهما بالنسبة للبعض فهل المطلوب من مستحضرات التجميل أن تلائم غالبية بنات حواء في لون بشرتهن وطبيعتهن أم شخصيتهن وموازنتهن أم بيئتهن وتقاليدهن وفي حال تحقق بند أو بندان فهل يمكن تحقيق البنود كلها؟ وليست هذه الأسئلة بمجملها خافية على منتجي مستحضرات التجميل المشهور عنهم تحمسهم للاستفتاءات والاحصاءات والدراسات الديموغرافية والبيئية وحتى التقاليد والثقافات. والسؤال ما إذا كانوا قادرين على توفير الاجابات المطلوبة، خصوصاً حين تكون ظروف الجدوى الاقتصادية غير مشجعة. وقالت "لورا كاستيلانو" مسؤولة الاتصالات الدولية في شركة "ايفون" ل"الحياة": "نحن ننتج ما تريده المرأة ونطور منتجاتنا حسب حاجات المستهلك"، وأشارت الى أن الشركة تنتج خطا من مواد التجميل خصيصا للمرأة في أميركا الجنوبية، وتسوق في بعض البلدان الآسيوية منتجات تلائم المرأة الآسيوية، ولديها عمليات نشطة في الأسواق العربية ولكنها لا تنتج ما يمكن اعتباره منتجات خاصة بالمرأة العربية. وتعتبر "ايفون" واحدة من الشركات الرئيسية في مجال انتاج مستحضرات التجميل وتسويقها، وتنشط في الولاياتالمتحدة و134 بلداً. يتشارك عدد محدود من الشركات الأميركية في حصص لا بأس بها من المبيعات في أسواق الخليج تراوح، حسب تقرير أعدته وزارة التجارة الأميركية، بين 11 و12 في المئة في كل من السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت التي قدر اجمالي وارداتها من مستحضرات التجميل العام الماضي بنحو 350 مليون دولار. ولفت التقرير المذكور الى أن الشركات الأميركية تواجه منافسة حادة في الأسواق الخليجية وتأتي، لجهة حصص المبيعات حصرا، في المرتبة الرابعة بعد الشركات الفرنسية والألمانية والبريطانية. ولاحظ أن الشركات الأميركية حققت نموا مطردا في الاعوام الأخيرة لكنه ربط مسألة تحقيق نتائج أفضل بسلسلة من الشروط من بينها تنشيط حملات الدعاية والترويج وطرح منتجات جديدة تلائم الظروف المناخية الخاصة في البيئة الخليجية، خصوصاً منتجات العناية بالبشرة. وتختلف الشركات الأميركية الناشطة في الأسواق الخليجية في نوعية منتجاتها واستراتيجياتها في التعامل مع الأسواق وأساليب التسويق والبيع التي تتبعها، وهي في مجملها أمور مهمة في تعامل المستهلك مع صناعة شديدة التخصص مثل صناعة مستحضرات التجميل، سواء الأميركية أو غيرها . وحسب التصنيف التقليدي لصناعة التجميل تأتي في المرتبة الأولى الشركات التي تبيع منتجاتها في المتاجر الفخمة وتطلق عليها لقب "بريستيج" مثل الماركات الفرنسية "لانكوم" و"كريستيان ديور" و"ايف سان لوران" والشركة الألمانية "صان سوسي" والشركة البريطانية "بودي شوب" والشركتين الأميركيتين "ايسته لودر" وماركاتها الشهيرة "كلينيك" و"اوريجينز" و"تومي هيلفيغر" و"ام اي سي" وشركة "اليزابيث اردن". وتضم المرتبة الثالثة الشركات التي تطرح منتجاتها في المتاجر العامة مثل "لوريال" و"ميبيلين" الفرنسيتين و"ريفلون" و"ماكس فاكتور" الأميركيتين. وتأتي في المرتبة الثانية، لجهة أسلوب التسويق وتجارة التجزئة، الشركات التي لا تطرح منتجاتها في الأسواق بل تتخصص في عمليات البيع المباشر عن طريق المندوبات المستقلات في الدرجة الأولى ثم الطلبات البريدية الكاتالوغ والهاتف والفاكس، ويشتهر من هذه الشركات "ايف روشيه" الفرنسية و"ايفون" و"ماري كيه" الأميركيتان وبضع مئات من الشركات المتوسطة والصغيرة. وتنشط في الأسواق الخليجية والعربية عموما الأصناف الثلاثة من الشركات التي تسوق منتجاتها بأساليب مشابهة للأساليب المتبعة في الدول الغربية مع اختلافات ثانوية ترتبط بخصوصيات الأسواق، الا أن "ايفون" لم تفتتح مكاتب محلية لتنسيق عمليات البيع المباشر في المنطقة مفضلة طرح منتجاتها عن طريق الموزعين المحليين بالترتيب مع مكتب اقليمي مسؤول عن منطقة جغرافية تضم دول الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وأفريقيا ومقره بريطانيا. وتنشط "ايفون" في انتاج وتسويق الملابس والاكسسوارات والألعاب باربي التي تشكل نحو 38 في المئة من اجمالي مبيعاتها المقدرة بنحو خمسة بلايين دولار سنويا، وتتخصص في انتاج وتسويق خطوط متكاملة من العطور ومستحضرات التجميل بتركيز كبير على منتجات العناية بالبشرة التي تعتبر أكثر أنواع منتجات التجميل تطلبا لمراعاة التنوع في احتياجات حواء. ولم تكشف ايفون حجم مبيعاتها في الأسواق العربية فيما عدا القول أنها "جيدة جداً وتنمو باطراد". وتعتقد "لورا" أن عدم انتاج مستحضرات خاصة بالمرأة العربية في الوقت الراهن لا يعتبر قصوراً، مشيرة الى أن الشركة عينت أخيراً مديراً جديداً لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ضمن خطة لتنشيط أعمالها في المنطقة المذكورة. وقالت "لا أستطيع القول أننا ننتج مستحضرات تجميلية خصيصا للمرأة العربية ونثق بأن الموزعين المحليين الذين نرتبط معهم باتفاقات وتراخيص، لا سيما في السعودية ومصر، ينتقون من منتجاتنا ما يناسب المرأة في بلدانهم". ولكنها لم تغلق الباب أمام احتمالات مستقبلية في حال وجدت الشركة مبررات اقتصادية كافية لافتتاح مكاتب للتسويق المباشر أو مصانع اقليمية في المنطقة. وأضافت: "نرى أن عمليات البيع غير المباشر، عن طريق الموزعين المحليين في السعودية ومصر، جيدة جداً وتنمو باطراد، ورغم أننا مستمرون في البحث عن أسواق جديدة وننوي قريباً دخول أسواق منتخبة في البلقان علاوة على باكستان وفيتنام الا أننا لا نملك في الوقت الراهن خططاً جاهزة لاقامة مكاتب للتسويق المباشر في الشرق الأوسط، والأمر متروك للظروف". ولم تستبعد لورا اقامة مشاريع مشتركة لانتاج مستحضرات التجميل في المنطقة العربية، وقالت: "خضنا تجربة المشاريع المشتركة في الصين بنجاح مرتين متتاليتين ونحن سعداء بهذه التجربة، وأعتقد أننا سنكون سعداء بتكرارها في بلدان أخرى". ويشار الى أن لدى "ايفون" مصانع انتاجية في معظم المناطق الجغرافية التي تتواجد فيها علاوة على مكاتب للتسويق المباشر في 46 بلداً. وتقدم "ايفون" منتجاتها الى المستهلك باعتبارها "خيارات ذات جودة عالية بأسعار معقولة" بالمقارنة مع منتجات برستيج، وأشارت لورا في هذا المجال الى دور الشركة في تطويع التقنيات المخبرية لتحضير منتجات متطورة للعناية بالبشرة، وقالت: كنا أول من استخدم "الحامض الغليكولي" وطرح منتجاته للمستهلك مباشرة منذ 1992، قبل منافسينا بسنتين على الأقل. وتستخدم صناعة التجميل الحامض الغليكولي في الكثير من المستحضرات التي تطرح في الأسواق باعتبارها تساعد على التخفيف من التجاعيد وتنشط البشرة. وتجد هذه المستحضرات والمنتجات المشابهة لها الى جانب منتجات التجميل الطبيعية الخالية من العطور، رواجا في الأسواق العربية وتقدر مبيعاتها السنوية في الأسواق العالمية بنحو 70 بليون دولار. وحول الطريقة التي تتعامل بها "ايفون" مع تنوع التقاليد والثقافات بالمنتجات ومواد الدعاية والاعلان، قالت كلارا: "دلت أبحاثنا على أن لدى نساء العالم من عناصر التشابه أكثر مما لديهن من عناصر الاختلاف، ومع ذلك نوفر لمديري التسويق مكتبة الكترونية تتيح لهم اختيار ما يناسب تقاليد وثقافات الأسواق التي يعملون فيها".