يندر ان يفوت متصفح اي من المجلات الفرنسية عدد الصفحات الاعلانية التي تنصح النساء باستخدام هذا النوع او ذاك من مستحضرات العناية والتجميل. ومن الصعب على من يتوقف عند هذه الاعلانات المدعمة غالباً بصور لنساء رائعات الجمال الا يلمس الايحاء التالي: اما الاقرار بضرورة اللجوء الى هذه المستحضرات وبالتالي اكتساب جزء من جاذبية هؤلاء الرائعات وإما الاستسلام للذبول ولمظاهر التقدم في السن والشيخوخة. فالمستحضرات المتنوعة تطرح نفسها درعاً واقياً في مواجهة الزمن وعنصراً ملازماً للمرأة في مواجهة الاحوال الجوية وظروف الحياة اليومية. فلكل عمر مستحضراته وكذلك لكل وقت من اوقات الليل والنهار، ولكل جزء صغير من اجزاء الوجه والجسم، ولكل من الامزجة سواء كانت هادئة ام صاخبة. وتترافق هذه الاعلانات مع عبارات مقتضبة جداً وإنما مباشرة تؤكد مزايا المستحضرات ومنها مثلاً: "ثمانية أيام لاضفاء شباب واضح على بشرتك"، و"أفضل طريقة لاسعاد شعرك" و"العائق الوحيد امام بروز علامات الشيخوخة على يديك" و"لأقدام ساحرة خالية من السمنة"، وغيرها. والمقصود بهذه العبارات اقناع من تقرأها بأنها بمجرد اقتنائها للمستحضر المقصود تكون اقتنت لنفسها قدراً من الجاذبية والجمال والشباب. وتأتي المجلات النسائية لتؤكد بنصائحها المغلّفة بلغة رقيقة ما توحي به الاعلانات، ولتوصي بدورها باستخدام المستحضرات التي بلغت درجة من التطور تجعلها كفيلة بمعالجة اي مشكلة او عيب وبإبراز أوجه الجمال لدى اي امرأة. وبالنتيجة، ما من امرأة فرنسية اياً كانت امكاناتها المادية، الا وتقدم على استخدام نوع معيّن من المستحضرات خصوصاً انها حاضرة في كل مكان وبأسعار شديدة التفاوت سواء في المتاجر الكبرى او المتاجر المتخصصة او الصيدليات او حتى السوبر ماركت. وتفيد الاحصاءات ان المرأة الفرنسية تنفق كمعدل وسطي نحو 1200 فرنك سنوياً على مستحضرات العناية بالبشرة والتجميل، لكن هذا الرقم قد يصل الى عشرات الآلاف بالنسبة للنساء الميسورات المتفرغات لمستلزمات أنوثتهن. وتقف وراء كل هذا امبراطوريات صناعية تنبثق عنها مراكز ابحاث وشبكات توزيع وتسويق على غرار مجموعة "لوريال" و"لانكوم" وغيرهما. وفيما أبدت "لانكوم" تكتماً مطلقاً حول حجم مبيعاتها او رقم اعمالها السنوي، افادت "لوريال" ان رقم اعمالها الاجمالي عام 1998 بلغ 75.4 بليون فرنك فرنسي وعكس نمواً قدره 9.1 في المئة مقارنة مع 1997. وأوضحت المجموعة ان هذا الرقم يشمل الفروع الثلاثة التي تتوزع عليها نشاطاتها وهي مستحضرات الزينة ومستحضرات العناية ومستحضرات العناية الخاصة بالصيدليات. وذكرت ان حصة أوروبا الغربية من هذا الرقم تبلغ نحو 57.1 في المئة وان حصة فرنسا تقدّر بنحو اربعة في المئة من حصة أوروبا الغربية. اما مجموعة "ال في ام اتش" التي تضم مؤسسات "كريستيان ديور" و"غيرلان" و"جيفنشي" و"كنزو"، فذكرت ان رقم اعمالها عام 1997 بلغ تسعة بلايين فرنك فرنسي. لكنها رفضت الكشف عن تفاصيل هذا الرقم الذي يضم فرعي مستحضرات التجميل والعناية وأيضاً العطور، كما رفضت تحديد حصة كل من المؤسسات الأربع منه. في المقابل، أفادت احصاءات الاتحاد الفرنسي لصناعات التجميل والعطور ان حجم مبيعات هذه الصناعات في السوق الفرنسية بلغ نحو 32 مليون فرنك فرنسي عام 1997 مقارنة مع نحو 29.2 مليون فرنك عام 1995. وأشارت الى ان قيمة ما بيع في فرنسا من مستحضرات للعناية بالوجه والجسم بلغ عام 1997 نحو 7.2 مليون فرنك فرنسي تقريباً مقابل 6.7 مليون عام 1995. ويتوزع هذا الرقم على انواع عدة من المستحضرات منها ما هو خاص بتنظيف الوجه، وبيع منها بقيمة 1.5 مليون فرنك، والمستحضرات المرطبة التي بيع منها ما قيمته 324 الف فرنك، والمستحضرات التي تساعد على التنحيف 274 الفاً ومستحضرات العناية بدائرة العيون والرقبة 349 الفاً. وأشارت الاحصاءات الى ان هذه المبيعات سجّلت نمواً في السوق الفرنسية بلغ 3.9 في المئة عام 1996 مقارنة مع عام 1995، و2.1 في المئة عام 1997 مقارنة مع 1996. ويبدي العاملون في مجال هذه الصناعات ارتياحهم لنموها المستمر، لكنهم يشتكون من شدة المنافسة الذي يشهدها والتي تفرض على منتجي صناعات التجميل التركيز على الابحاث العلمية وصولاً الى ابتكارات متنوعة ومتجددة، تضعها في خدمة المرأة. وأظهر بعض الدراسات التي اجريت في هذا المجال ان مبيعات مستحضرات التجميل يمكن ان تتوسع لتشمل الرجال ايضاً، اذ ان العديدين منهم بدأوا يعلّقون اهمية فائقة على مظهرهم الخارجي خصوصاً في ظل المنافسة الحادة بينهم وبين النساء في سوق العمل. ومن هذا المنطلق تعرض بعض الشركات ومنها "اراميس" و"لييراك" مستحضرات خاصة للعناية ببشرة الرجال وحمايتها من التجاعيد. ويقول احد بائعي هذه المستحضرات انه لاحظ ارتياحاً بالغاً لدى زبائنه منذ طرحها في الاسواق، ما اتاح لهؤلاء الزبائن الاستغناء عن استخدام مستحضرات زوجاتهم سراً.