سلك مشروع قانون الموازنة العامة امس طريقه النيابية، في لجنة المال والموازنة، في "رحلة" قد تستمر شهرين وتنتهي بإقراره في الهيئة العامة. وهو كان مدار بحث بين رئيس الجمهورية إميل لحود وكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الاقتصاد والمال بالوكالة ناصر السعيدي ورئيس لجنة المال النيابية خليل الهراوي، اضافة الى مواضيع عامة اخرى تناولها بري في لقائه الأسبوعي مع النواب. رأى الرئيس بري، بحسب نواب التقاهم امس وأثاروا معه مشروع الموازنة، ان "من اجل تشجيع الصناعة الوطنية، يفترض زيادة الرسوم والضرائب على عدد من البضائع المستوردة كالالبسة والاحذية، خصوصاً ان الصناعة الوطنية عندنا اصبحت ذات جودة عالية. وفي الوقت نفسه فإن هذه الرسوم تجلب مداخيل لابأس بها للخزينة". وطرح نواب مسألة خفض سن الاقتراع الى 18 عاماً، فقال بري "حتى الآن اصبح هناك 24 قانون انتخاب، وفي النتيجة يجب ان نخرج بقانون واحد وقبل آخر العام الجاري". وبتعليق نواب ان المدة الفاصلة بين صدور القانون وتاريخ اجراء الانتخابات صيف العام المقبل غير كافية، اجاب ان "امامنا ثمانية اشهر للتحضير ليصبح القانون جاهزاً وصادراً وهذه المدة كافية، وأفضل من الماضي اذ كانت تحصل الانتخابات بعد شهر او شهرين من صدور القانون". وأشار الى ان "هناك اقتراح تعديل دستوري في المجلس النيابي مقدم منذ مدة في شأن سن الاقتراع". وأوضح النواب ان لجنة الادارة والعدل ستدرسه الثلثاء المقبل وفهم النائب جاك جو خادريان من لهجة بري وانطباعه "انه متقبل لخفض سن الاقتراع". وعن موضوع دمج الوزارات، رأى بري ان "كل المشاريع ستأتي في النهاية الى المجلس النيابي وكل نائب لديه رأيه فليدل به وليس ضرورياً ان نصادق على كل ما تقرره الحكومة، فكل ما يحتاج الى دمج يدمج، علماً انني مع فكرة دمج بعض الوزارات والمؤسسات التي تتطلب الدمج، كمبدأ عام ولكن في التفصيل كل شيء سيدرس على حدة". وتناول بري التهديدات الاسرائيلية الاخيرة للبنان، فقال "انها ليست جديدة فإسرائيل تعتدي وتقصف كل يوم وتهدم البيوت وتقتل الشيوخ والنساء والاطفال المدنيين". ولفت الى "انها تحاول ان تستخدم الجنوب ولبنان ورقة انتخابية الى درجة ان المسؤولين الاسرائيليين نسوا القضية الفلسطينية وأسقطوا من حساباتهم كل شيء في هذا الموضوع وحتى في الشأن الداخلي عندهم، ووضعوا نصب اعينهم لبنان ويتعاملون معه كقضية رئيسية في الانتخابات، ولدى مرشحيهم"، مؤكداً ان "الجواب الوحيد عن التهديدات والاحتلال هو نفسه: المقاومة ثم المقاومة ثم المقاومة". وعقدت لجنة المال برئاسة النائب الهراوي قبل ظهر امس اول اجتماع لدرس مشروع الموازنة. واستمعت الى شرح من الوزير السعيدي عن سياسة الحكومة المالية والاقتصادية. وقال الهراوي ان "النواب رأوا ان الضرائب والرسوم الجديدة تطاول ذوي الدخل المحدود، مشيرين الى ان خفض الانفاق العام يجب ان يكون مدروساً اكثر مطالبين بتقديمات اجتماعية وخدماتية، وملاحظين ان الموازنة لم ترفق بتصور او خطة لمعالجة الواقع المالي وتفعيل النمو الاقتصادي". ونقل عن السعيدي "وعده بإحالة الرؤية الاقتصادية لاحقاً مع مشروع الفذلكة خلال 15 يوماً. أما الوزير السعيدي فأكد انه عرض "الخطوط العريضة للخطة المالية ودخلنا في مشروع الموازنة ككل، وأوضحت موضوع النفقات والواردات ونسبة العجز المرتقبة وألمحت الى المواضيع التي ستذكر في الخطة الخمسية للنهوض الاقتصادي"، وقال ان "النقاش كان جيداً وكذلك تجاوب النواب" موضحاً ان "نسبة العجز هي 3.40 في المئة اي 3770 بليون ليرة لبنانية". واعترف بخفض موازنتي الزراعة والصناعة، مشدداً "في المقابل على زيادة نفقات استثمارية وتحقيق عدالة اجتماعية فيما يتعلق بالضرائب واتجاه الى اصلاح مالي وخفض تدريجي لنسبة العجز والدين". وأكد ان "ارقام الموازنة مبنية على واردات لا على افتراضات وان ما تحقق في الفصل الاول من السنة اظهر نسبة عجز 30 في المئة هي اقل بكثير عما كان يسجل سابقاً". وقالت مصادر نيابية ل"الحياة" ان الموازنة "يجب ان تستند الى معايير الوضع وأن تساؤلات النواب ركزت على الرسوم والضرائب ورسم خطوط الموازنة والتركيز على المناطق النائية والإنماء المتوازن، فوعد الوزير السعيدي بخطة اقتصادية جيدة ومتكاملة تخفف من الديون والعجز". ولاحظوا "ان ثمة خفضاً قاسياً لموازنة الزراعة، إذ كانت في الماضي 37 بليون ليرة وأصبحت اليوم 16 بليوناً، والصناعة انخفضت نحو 50 في المئة، فأكد السعيدي انه مع تفعيل القطاعات الزراعية والصناعية". وفيما اشار نواب الى ان الاجتماع كان هادئاً، لاحظوا "جهداً لخفض العجز بزيادة الرسوم"، معتبرين "ان المعالجات كانت ترقيعية"، ودعوا الى "حلول جذرية إذ أن الموازنة لم تختلف كثيراً عن الماضي". ولفتوا الى "ان ثمة موارد كان يجب ان تلحظها الموازنة غير البنزين والدخان الذي بدت سلبياته اكثر من إيجابياته".