سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان: السجال يتواصل على تمويل سلسلة الرتب والرواتب وفتح الدورة الاستثنائية . بري يخشى اضطرابات اجتماعية بفعل الضرائب والحريري يتخوف من تحريك الإتحاد العمالي العام
وصل السجال بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري الى حافة الكباش السياسي. الاول يصر على فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي والثاني يطالب بمناقشة سبل تمويل الاضافات على كلفة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، التي يفترض ان يناقشها ويقرها المجلس، وعلى وجوب الاتفاق المبدئي على التمويل قبل ان تقر السلسلة في المجلس. والمواجهة المحتملة بين السلطتين الاشتراعية والتنفيذية في هذا الشأن ستكون مدار بحث اليوم في جلسة مجلس الوزراء، وقبلها خلال اجتماع بين رئيس الجمهورية الياس الهراوي والرئيس الحريري اللذين سيبحثن ايضاً في موضوع فتح الدورة الاستثنائية. وقالت مصادر الرئيس بري انه تلقى اتصالاً من الرئيس الهراوي امس عرضا خلاله موضوع فتح الدورة الاستثنائية. وأوضحت ان الهراوي "ابلغ اليه انه سيطرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء وتمنى بري ان تفتح الدورة والا تعد عريضة نيابية لذلك". وسيطلع الهراوي الحريري على نتائج مداولاته مع بري. ويبدو من السجال الدائر الآن ان رئيسي المجلس والحكومة على موقفيهما ومطالبهما. فبري يرفض الدخول في حوار لتأمين تمويل كلفة السلسلة والاضافات عليها، اذ ان مصادره اوضحت انه ابلغ الهراوي خلال لقائه اياه ليل اول من امس رفضه اي ضرائب او رسوم جديدة لتمويل السلسلة، مستنداً بذلك الى لائحة اعدها احد نواب حركة "أمل" محمد عبدالحميد بيضون تفيد ان مجموع الاموال التي جمعتها ويمكن ان تجبيها الحكومة من الضرائب والرسوم التي قررتها حتى الآن يكفي لتمويل السلسلة. وقالت مصادر بري ان هذه اللائحة تشمل الزيادات على رسوم ميكانيك السيارات. والزيادات التي تقررت على سعر صفيحة البنزين قبل سنتين ورسم العشرة في المئة على التبغ وزيادة ال2 في المئة على جمارك كل البضائع المستوردة، ورفع الرسوم والاشتراكات للهاتف الثابت وخفض النفقات في موازنة العام الجاري، وفروقات الفائدة على ديون تم تحويلها من الليرة اللبنانية الى العملة الاجنبية بقيمة بليوني دولار، اضافة الى اقتراح بتعديل الاتفاق مع شركتي الهاتف الخليوي الذي يعتبره بري نهراً من الواردات. واعتبرت ان رسوم الميكانيك والجمارك وحدها امنت مدخولاً بقيمة 840 بليون ليرة كانت خصصت للسلسلة وللمهجرين. ونقلت مصادر بري عنه قوله انه لهذا السبب لن يقبل اي ضرائب لأن الناس لا يتحملون، واشارته الى ان الحكومة تعطي ارقاماً غير صحيحة عن كلفة السلسلة، فيما الكلفة الفعلية 265 بليوناً. واتهمت رئيس الحكومة بأنه رفع الزيادة على رواتب المتقاعدين في محاولة منه لكسب ود الموظفين، وانه يعتقد ان طرح الحريري فكرة تمويل السلسلة بالضرائب والرسوم قد يهدف الى غير ذلك، على مشارف الاستحقاق الرئاسي. وحين سئلت المصادر عما يقصده بربط الضرائب بالاستحقاق الرئاسي، قالت "قد يكون الهدف توديع عهد الهراوي بإضرابات واحتجاجات وقلاقل اجتماعية واستقبال العهد الجديد باحتجاجات وتحركات نقابية ضد فرض الرسوم والضرائب". الحريري وفي المقابل، ردّ مصدر حكومي على ما نسب الى مصادر بري ان ما اتفق عليه في الورقة الاصلاحية الرئاسية من خطوات يكفي لتمويل السلسلة بأن هدف هذه الورقة "معالجة الوضع المالي في نهاية العام 1997 وتحصين موازنة العام 1998 وخفضها الى 42 في المئة من النفقات، وأن زيادة رسوم الميكانيك والهاتف والجمارك رفعت الإيرادات في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 28 في المئة وأن فرق الفوائد على الديون خفض كلفة الدين ما أدى الى انخفاض عجز الموازنة بنسبة 35 في المئة، اي من 1887 الى 1235 بليون ليرة". وذكر المصدر ان الحكومة "أكدت في بيانها الوزاري الذي نالت على اساسه ثقة المجلس النيابي، ومن ثم في فذلكة الموازنة، انها لن توافق على زيادة في الانفاق اذا لم تقترن بزيادة مماثلة في الواردات". وأشار الى "تأكيد الحكومة ان السلسلة تحتاج الى موارد لتغطيتها والإجراءات المتخذة تغطي جزءاً منها قبل التعديلات التي ادخلت عليها". وأكد "ان تغطية كلفة السلسلة منفصل عن الورقة الاصلاحية الرئاسية". ونقل امس زوار الحريري عنه: "انا مع فتح الدورة الاستثنائية وانما كما جرت العادة، لا بد من التفاهم بين الرؤساء الثلاثة على المشاريع واقتراحات القوانين التي ستدرج على جدول اعمالها. ومشروع قانون السلسلة سيكون الابرز، وقد ارسلته الحكومة الى المجلس بكلفة 425 بليون ليرة، وأمنت ما بين 275 بليون ليرة و300 بليون لتغطيتها، على ان نبحث في سبل توفير ما تبقى من المبلغ من خلال طرح افكار في شأن رسوم وضرائب جديدة لا تشكل عبئاً على ذوي الدخل المحدود". ونفى ان يكون في وارد العودة الى اقتراح زيادة سعر البنزين. وأضاف "لكن اللجان النيابية ألزمت الحكومة صرف مفعول رجعي ابتداء من 1/1/1996، وكلفته نحو 325 بليون ليرة اضافة الى زيادة 50 بليوناً للمتقاعدين و35 بليوناً للمؤسسات العامة الادارية فأضحت الكلفة الاجمالية لمشروع السلسلة 835 بليوناً". وأكد ان الحكومة لا تعارض صرف المفعول الرجعي، لكنها طلبت التمهل ليتاح لها توفير المبالغ المستحقة للموظفين من اجل صرفها بالتقسيط، لئلا يؤدي صرفها كاملة الى زيادة العجز في الخزينة. ورأى ان "المشكلة ناجمة عن ان كلفة مشروع الحكومة 425 بليوناً، اقل من مشروع اللجان النيابية وما اضيف عليه 835 بليوناً وهذا امر غير قابل للتنفيذ لعدم قدرة الخزينة على صرفه في الوقت الحاضر"، مشيراً الى ان اللجنة الوزارية "سارعت الى انصاف المتقاعدين قبل العام 1991 ومساواتهم بالموظفين المتقاعدين بعد ذاك العام خصوصاً ان هناك هوة في التعويضات تستدعي منا العمل لردمها". وسيقرّ مجلس الوزراء بند المتقاعدين ويحيله على المجلس النيابي اليوم. واعترف بأن "المشكلة بين الحكومة والمجلس "ليست أننا لا نريد تسوية اوضاع الموظفين، انما عدم قدرتنا على تحمل الكلفة في الوقت الحاضر وخصوصاً المفعول الرجعي". ودعا الى الابتعاد عن لعبة "التكتكة" في التعاطي مع قضية مهمة كسلسلة الرتب. وقال ان "هناك من يسعى او يخطط للايقاع بين المجلس والحكومة، وأنا اتجنب الوقوع في المشكلة لأني لست في وارد الدخول في مشكلات مع احد". وسأل الحريري "هل الهدف من تكبير كلفة السلسلة في المجلس النيابي، تحضير الاجواء السياسية لافتعال خضة جديدة بعد اعادة انتخاب الياس أبو رزق رئيساً للاتحاد العمالي العام؟ نحن مع ان يستعيد الاتحاد وحدته وكنا اول من هنأ أبو رزق بانتخابه، ولكن هل يرمي البعض الى توفير مادة سياسية لتحريض العمال على الحكومة، خصوصاً ان هناك من يربط ذلك بأسباب الانقلاب في مواقف بعض الاطراف لمصلحة عودة أبو رزق الى قيادة الاتحاد؟". ومع تكرار رفضه اي "اشتباك سياسي جديد"، قال "قصدت منزلي في فقرا نهاية الاسبوع من الشهر الفائت وراجعت الوضع بنقد ذاتي وبصوت عالٍ لتجربتي على رأس الحكومة، وخلصت الى القول ان المرحلة الانتقالية تنتهي فور انتخاب رئيس جديد وان البلاد لا تدار بالعقلية السائدة في الوقت الحاضر. وحاول البعض تفسير كلامي على غير حقيقته". وقال انه لم يقترح "الغاء احد، او الانتقام من هذا الفريق او ذاك بمقدار ما رأيت ان عقلية الحرب لا بد من ان تتغير لتطوير مشروع الدولة". ولفت الى ان مراجعته المرحلة الراهنة لم تقلل من الانجازات التي تحققت على كل المستويات، لان "من يجري مقارنة بين ما كنا عليه وأين اصبحنا اليوم، لا يستطيع ان يخفي الحقيقة، بل سيكون مضطراً الى الاعتراف بما شهده البلد من انماء واعمار، وان كان في مقدورنا ان نحقق اكثر لجهة اصلاح الادارة". وأشار الى التعاون القائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية "ولكن من حقي القول ان استمرار الوضع على حاله لم يعد مقبولاً". وينتظر ان يغادر الحريري بيروت الاثنين المقبل الى المملكة العربية السعودية للإطمئنان الى صحة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ومنها الى سردينيا. ما هو مصير الدورة الاستثنائية، والحوار لتأمين تمويل السلسلة، في ظل هذه المواقف؟ لا يملك اي من الافرقاء اجوبة واضحة وحاسمة الى الآن، والوزراء والنواب يتفرجون على المواجهة تتواصل. والمادة ال33 من الدستور تنص على ان "لرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة ان يدعو مجلس النواب الى عقود استثنائية بمرسوم يحدد افتتاحها واختتامها وبرنامجها. وعلى رئيس الجمهورية، دعوة المجلس الى عقود استثنائية اذا طلبت ذلك الاكثرية المطلقة من مجموع اعضائه".