حقق البرلمان الاوروبي نصراً مبيناً على الفساد والبيروقراطية التي تمثلها المفوضية الاوروبية عندما اجبرها على استقالة جماعية ودفع الاتحاد الاوروبي في اتجاه أزمة يقول محللون إنها الاولى التي تواجهها اوروبا الموحدة. وأمام قادة اوروبا في الاجتماع الذي سيعقدونه في برلين يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من الشهر الجاري فرصة لتعيين طاقم بديل يدير شؤون المفوضية موقتاً أو الانتظار حتى نهاية العام، إلا أن الحكومة الفرنسية قالت أمس إنها تريد استخدام المؤتمر العادي المقبل للقمة الاوروبية في حزيران يونيو المقبل لادخال اصلاحات دستورية تجعل المفوضية اكثر فاعلية ومسؤولية ازاء حكومات الاتحاد الپ15 ومواطني المجموعة الاوروبية. وجاء الاعلان الفرنسي في وقت خرجت فيه الصحف الفرنسية بعناوين حمّلت المفوضة اديث كريسون التي تدير قسم الابحاث والتنمية والتعليم والتدريب والشباب عار ومسؤولية الاستقالة الجماعية التي طالت المفوضين الت20 بمن فيهم رئيس المفوضية جاك سانتير. وجاءت الاستقالة في اثر تقرير أعده خمسة من المحققين المستقلين خلصوا فيه إلى ان أياً من المفوضين ال20 لم يحقق مكاسب او فوائد مالية من مجموعة القرارات والاجراءات محل التحقيق إلا أنهم كلهم مسؤولون عن فقدان السيطرة على ادارة الموازنة الاوروبية. كريسون المذنبة واتهم التقرير اديث كريسون بالمحسوبية في اشارة الى قراراها تعيين طبيب الاسنان الخاص بها خبيراً في شؤون مرض الايدز في المفوضية، كما لاحظ التقرير ان السيدة كريسون الاشتراكية التي شغلت منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران مدة عشرة أشهر قبل طردها عام 1992 عيّنت صديقها عام 1995 كباحث لقاء مبلغ 160 ألف دولار ولمدة 30 شهراً لكن عمله لم يكن مرضياً لذا اوصى التقرير باسترداد المبلغ منه. إلا أن كريسون قالت في تصريحات صحافية وتلفزيونية عدة أمس أنها ليست آسفة عما حدث وليست مسؤولة عن "اغراق" المفوضية. وان كانت اعترفت انها "لم تكن حذرة قليلاً"، إلا أنها قالت انها ليست في حاجة للدفاع عن سمعتها بعدما تحملّت المفوضية ككل مسؤولية ما حدث. وجادل سانتير في مؤتمر صحافي امس بأن التقرير استند الى معلومات قديمة ولم يأخذ في الاعتبار الاصلاحات التي ادخلها في عهده على عمل المفوضية، الا انه حتى سانتير لم يستطع اخفاء حقيقة جديدة وهي ان سمعة المفوضية تردت وحان الوقت لاختيار طاقم جديد. وقال محلل الشؤون الأوروبية في دار "سولومون سميث بارني" جان فرانسوا ميرسيير لپ"الحياة" امس إن طرد المفوضين "تحرك صغير" في اتجاه تنظيف البيت الاوروبي والتخلص من بعض الاخطاء التي اعترضت المسيرة الاوروبية. وأضاف ان الاستقالة الجماعية تأكيد لعزم البرلمان الاوروبي زيادة اشرافه على عمل المؤسسات الاوروبية وتعزيز صلاحياته، وجهد في اتجاه جعل المؤسسات الأوروبية مسؤولة في صورة اكبر امامه عن تصرفاتها. وقال ميرسيير في تقرير عاجل في شأن الأزمة أعدها بالمساهمة مع زميله غراهام بشوب أن السؤال الاهم بالنسبة للمستثمرين عقب الاستقالة الجماعية الليلة قبل الماضية هي ما اذا كانت ستؤدي إلى شلل سياسي او ستؤثر في تأجيل مواعيد تنفيذ خطوات تعميق الوحدة النقدية في اوروبا. وأوضحا ان تأثير الاستقالة الجماعية على الوحدة النقدية الاوروبية سيكون ضعيفاً جداً نظراً الى محدودية صلاحيات المفوضية على السياسات المالية والنقدية وغياب أي قرارات خاصة بالوحدة النقدية من جدول اعمال الاتحاد هذا العام. إلا ان المحللين قالا ان الاستقالة يمكن ان تؤدي الى تأخير الاتفاق على تمويل الاتحاد الاوروبي حتى نهاية العام الجاري على رغم اعلان المانيا رئيسة الاتحاد حالياً ان الاتفاق يمكن ان يتحقق في اجتماع برلين القريب. ورجح المحللان عدم حدوث أي تطورات مهمة حتى ما بعد الصيف المقبل مع احتمال ظهور تعقيدات ستفرزها انتخابات البرلمان الاوروبي المقررة يومي التاسع وال13 من حزيران المقبل. واضافا ان هناك احتمالاً في أن يبدأ البرلمان الاوروبي الاستماع إلى آراء أي مرشح جديد لرئاسة المفوضية الاوروبية على ان يعقب ذلك تولي الرئيس الجديد منصبه في كانون الثاني يناير المقبل.