أثارت مواقف ايديث كريسون المفوضة الأوروبية لشؤون البحث العلمي والتعليم الرافضة لكل مسؤولية والنافية لوجود فساد في المفوضية أصلاً، غضب الكتل البرلمانية في ستراسبورغ حيث جرت أمس الأربعاء مفاوضات ربع الساعة الأخيرة بين جاك سانتير، رئيس المفوضية الأوروبية وأعضاء البرلمان الأوروبي للخروج بحل وسط يجنب الاتحاد الأوروبي خيار سحب الثقة من المفوضية بكاملها. وفي وقت اعترف مانويل مارين نائب رئيس المفوضية بأنه قد يكون أخطأ في اتخاذ بعض القرارات إنما من دون أن يغطي على الفساد أو يساهم فيه، ودفعت مواقف كريسون البرلمانيين الأوروبيين في اتجاه التلويح مجدداً بإقالتها ومارين. وسارع سانتير إلى التهديد بالاستقالة إذا جرى عرض الاقتراح بحجب الثقة على البرلمان في جلسة صباح اليوم الخميس. وظهرت صورة التجاذب السياسي ولعبة عض الاصابع بين اليمين واليسار في البرلمان الأوروبي وكأنها صورة مصغرة عن الوضع الذي يواجهه الرئيس الأميركي بيل كلينتون أمام كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون. فالغالبية المتحمسة لقرار سحب الثقة من مارين وكريسون، تمثل المسيحيين الديموقراطيين وحلفاءهم الليبراليين، فيما تسعى الكتل الأخرى إلى تسوية تلبي المصالح الأوروبية من دون تهديد الاستقرار الأوروبي أو إضعاف اليسار. وفي آخر محاولة لردع خصومهم، أصر ممثلو الكتل الاشتراكية واليسارية على أن يدرج اسم جاك سانتير المسيحي الديموقراطي مع المفوضين المتهمين بالمسؤولية عن تفشي الفساد، إذا اقتضى الأمر ذلك. ويشعر الكثير من المراقبين السياسيين ان البرلمان الأوروبي الذي طالما جرى تجاهله من قبل المفوضية وبعض الدول الأعضاء في السابق، كشف عن أسنانه وحجم عزيمته. ويعتقدون ان حظوظ الوصول قبل ظهر اليوم إلى نهاية مرضية للخلاف بين المؤسستين كبيرة، هذا إذا لم يذهب الليبراليون والمسيحيون إلى أبعد من ذلك في المواجهة الأخطر منذ تأسيس الاتحاد.