السلاح في اليمن الأقوال حوله والأرقام تفاوتت وتتفاوت الآراء حول خطورة انتشار السلاح بين اليمنيين وعدم خطورته. ولا توجد حتى اليوم وربما الى القرن القادم احصائيات دقيقة لقطع السلاح التي يملكها المواطنون اليمنيون غير ان المؤشرات وفقاً لواقع الحال في هذا البلد تشير الى ان كل يمني قارب سن البلوغ 16 عاما وما فوق يملك سلاحاً شخصياً وربما اكثر من قطعة واحدة، مسدس، وبندقية كلاشنيكوف او من ذات الحجم ومن ماركات تعود الى بلدان عدة. وبرغم المخاوف الرسمية والشعبية من ظاهرة انتشار السلاح الا ان احصائيات الاجهزة الأمنية في اليمن تؤكد ان نسبة الجرائم بسبب اقتناء السلاح الناري اقل بنسبة 30 في المئة من نسبة الضحايا بسبب سوء استخدام السلاح بين عامة الناس وان نسبة الجريمة والضحايا بسبب اقتناء وانتشار السلاح الناري هي اقل بكثير من بلدان تحضر قوانينها بيع واقتناء الاسلحة بين عامة الناس. وهناك من يعتقد بوجود خمسين مليون قطعةسلاح بحوزة المدنيين في اليمن واحصائية اخرى نحو سبعين مليوناً وغيرها ثلاثين مليون قطعة ورسمياً لم تظهر احصائية مؤكدة ومن الصعب على اجهزة السلطات اليمنية الوصول الى احصائية مؤكدة ودائماً يقول وزير الداخلية اليمني اللواء حسين محمد عرب ان "الاحصائيات التي تنشرها وسائل الاعلام مبالغ فيها". في اليمن توجد عدة اسواق لتداول السلاح الخفيف والمتوسط ونسبة محدودة من السلاح الفتّاك مدافع ميدانية، هاون، وقاذفات بزوكا، ورشاشات عيار 14 ونصف و23 مضادة للطيران وتستخدم للهجوم ارضاً وأبرز الاسواق سوق الطلح في ضاحية قريبة من مدينة صعدة 270 كيلومترا شمال العاصمة صنعاء وسوق جحانة في مركز مديرية خولان على بعد 30 كيلومتر شرق صنعاء وسوق آخر في محافظة عمران 55 كيلومتر شمال صنعاء والعشرات من محلات تبيع الاسلحة الشخصية والخفيفة والذخائر التي يمكن اخفائها في المدن وعلى الطرق الرئيسية التي تربط المحافظات اليمنية عن عيون "الشرطة" والقانون. وزير الداخلية اليمني اكد ان انتشار السلاح في البلد ظاهرة خطيرة تقلق الأمن والأجهزة الرسمية لكن محاربة هذه الظاهرة في المدن كفيل بنزع فتيل خطورتها لأن الناس في الأرياف اعتادوا على حمل السلاح واقتنائه كتقليد يمني يستند الى إرث الآباء والأجداد "وان الروابط الاجتماعية والأسرية والانتماء الى القبيلة او القرية او المنطقة وحتى الانتماء الى اليمن" يردع الناس ويمنعهم من استخدام السلاح ضد بعضهم، اما مشاكل الثارات والاعتداءات المسلحة بين المدنيين فلا يعود السبب الرئيسي الى توفر السلاح وان كان سبباً، لكن السبب عائد لموروث اجتماعي له جذوره واليمن تعاني منه مثل غيرها من الدول - هكذا يرى وزير الداخلية اليمني. وهناك حقيقة مرة تعود الى انتشار السلاح بكل انواع "باستثناء السلاح الثقيل الذي يملكه الجيش الرسمي" بين القبائل اليمنية ما يسبب في حدوث حروب قبلية تعجز قوات الأمن والجيش غالباً في التدخل لانهائها واصبح لكل قبيلة سلاحها الذي تعتبره رصيداً في ميزان قوتها وتقارن به امكانياتها مع القبائل المجاورة كما ان هذا السبب في انتشار اسواق السلاح في اليمن. ولما تمكنت القبائل من امتلاك السلاح المتوسط والرشاشات المحمولة على "الونيتات" من عيار 14 ونصف و12 وسبعة وعيار 23 وقاذفات آر بي جي والقنابل الدفاعية والهجومية والألغام الفردية ساعد ذلك في وضع صعوبات امام اجهزة الأمن والسلطات في ملاحقة مرتكبي جرائم خطف الاجانب وتفجير انبوب النفط والمعتدين على ممتلكات الدولة والاشخاص والخصوم احياناً وقطاع الطرق الذين يحتمون احياناً بالقبيلة من القانون، ولذا تلجأ السلطات الى التفاوض مع بعض مشائخ القبائل لإطلاق المخطوفين الأجانب او استعادة ممتلكات ومسروقات وتطلب تعاون القبائل واعيانها في القبض على الملاحقين قانونياً بجرائم جنائية او باللجوء الى وسائل الضغط اما بمحاصرة هذه المناطق او شن حملة احتجاز لأبناء هذه القبيلة او تلك المنطقة "لأن استخدام القوة يعرض السلام الاجتماعي للخطر ويقحم السلطات في مواجهات دموية مع القبائل والمواطنين" هكذا يُبرّر مسؤولون امنيون ويؤكدون ان امتلاك القبائل للسلاح بأنواعه "الممكنة" لا يهدد البلد بالخطر واحيانا تكون له فوائد منها احداث توازن "القوة" بين القبائل يحد من محاولة اعتداء القوي على الضعيف. من جانبه يؤكد الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب وزعيم قبيلة حاشد ان الحديث عن مخاطر انتشار السلاح في اليمن مبالغ فيه "اليمنيون يعتبرون السلاح جزءاً من مظهر اليمني وزيه التقليدي وإرث الآباء والأجداد وليس لغرض ارتكاب الجريمة والاعتداء الآثم"، وها هو الشيخ الاحمر يلقي بمسؤولية حوادث الخطف ضد الأجانب وتفجير انبوب النفط والحروب القبلية وحوادث الثارات داخل المدن وخارجها على وزارة الداخلية واجهزة الأمن. في العاصمة صنعاء وباقي المدن لا تخلو مناظر المسلحين في الشوارع وعلى اكتاف "المرافقين" رجال الحماية على سيارات كبار المسؤولين في الدولة وزراء وضباطاً كبار وزعماء الاحزاب ومشائخ القبائل واعضاء البرلمان وحتى بعض ضباط "المرور" كل من يستطيع تسليح رفاق له وإصطحابهم في "مشاويره" الخاصة ليظهر انه "مهم" وانه من ذوي "النفوذ" و"الحظوة". زعماء في احزاب المعارضة يؤكدون بان انتشار السلاح وأسواقه وراءه متنفذون في السلطة "يبيعون ويبيحون لأغراض تجارية بموافقة السلطات ورغماً عن القانون" ويرى هؤلاء ان السلاح في اليمن "قنبلة موقوتة قد تنفجر موتاً وخراباً ودماراً في اي لحظة، فيما يعتبرها الحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام" على لسان العميد يحيى المتوكل الأمين العام المساعد وكان وزيراً سابقاً للداخلية ظاهرة مقلقة للنظام والشعب غير انها "ليست قنبلة موقوتة" وينبغي تنظيم حمل وبيع السلاح بقانون، ويضيف، من السهل ان يتم "ضبط ظاهرة السلاح" غير ان من الصعوبة "نزع سلاح اليمني" لأنه جزء من تراثه وكرامته. ويرى مثقفون وصحافيون وأساتذة جامعة ان السلاح في اليمن وانتشاره بين المدنيين ظاهرة قديمة وإرث تقليدي لم يسبق ان عرضت المجتمع والأمن الاجتماعي للخطر غير انها اليوم بحاجة الى ضبط والى خطوات حقيقية تهدف الى "تكريس الوعي والتعليم" بين صفوف العامة ويقول استاذ جامعي "الأمية هي الخطر الحقيقي الذي يؤدي الى اساءة استخدام السلاح". اما الرئيس علي عبدالله صالح فقد اكد اخيراً ان السلاح في اليمن لا يشكل خطراً على الاستقرار والأمن في البلد "شعبنا يملك السلاح" لكنه حضاري في تعامله ولا يستخدمه الا دفاعاً عن وطنه، لكن الرئيس صالح اكد على اهمية قيام اجهزة الأمن بمسؤولياتها لحفظ الأمن ومنع الجريمة وعدم التهاون في واجباتها وضبط انتشار السلاح بالقانون. الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الداخلية انجزت قبل عدة اشهر مشروع قانون لتنظيم حمل السلاح وحيازته ولا يزال المشروع في اروقة مجلس النواب وتحت "قبته" ينتظر "الفرج" ولأن اعضاء المجلس النيابي "خليط" من مشائخ ووجهاء القبائل والمثقفين والسياسين فقد أثر ذلك "التنوع" البرلماني على مشروع قانون السلاح، البعض من "الاعضاء" لديهم تحفظات احدهم قال ل"الحياة" ان المشروع بحاجة الى مراجعة متأنية "ولن نصوت على قانون ينزع سلاحنا منا ويناقض تقاليد المجتمع اليمني بأكمله" وآخر يؤكد ان على الحكومة تقديم مشروع يمنع الفوضى في انتشار السلاح ويحد من خطر انتشاره على الأمن العام "تدريجياً" ولن نصوت على قانون يثير الفتنة بين الحكومة والشعب، وبرلماني ثالث من فئة المثقفين "حمل السلاح تعبير عن الخوف من بعضنا بعضاً والخوف من المستقبل وتوجس اعداء وهميين" والحد من خطر الظاهرة يتطلب "عزيمة وإرادة حكومية وسياسية على اصلاح شامل" في كل مفاصل الدولة وتحقيق تنمية متساوية ومتوازية موزعة على الخارطة اليمنية دون تمييز او محاباة او مراعاة حينها سيكون المواطن اكثر طوعية في تنفيذ القانون، وبرلماني رابع ربما "معارض" لانتشار السلاح ضمن الفوضى الشاملة في البلاد والحد من السلاح يبدأ بالحد من الفوضى. في سوق "جحانه" القريب من العاصمة صنعاء يشاهد الزائر عشرات "الدكاكين" المكتضة بالسلاح الصغير والكبير الخفيف والمتوسط وحتى انواع المدافع "هاون" واخرى رشاشات ثقيلة وباعة من كل الاعمال "مراهقين، وشيوخ، ورجالاً في مقتبل العمر ومتوسطه" والبندقية "الآلي" نوع "كلاشنيكوُ" هو السلاح الذي يحبذه معظم اليمنيين غير ان سلاحاً من نفس الحجم ومن صناعات متنوعة - اميركي - الماني - تشيكي - عراقي - صيني - اوكراني - وحتى اسرائيلي عوزي دخلت حلبة المنافسة والكل يباع والأسعار متفاوتة وكل له "سعره" وله "زبونه"، وفي السوق يشاهد الزائر سياحاً وصحافيين اجانب ومحليين وبائعين متجولين وتجار جملة وفيه يحدثك الحاج احمد بائع عن كل الاسلحة التي تخطر على بالك اصنافها - انواعها - ذخائرها - جودتها - افضلها - اسوئها وتلك التي لها مميزات خاصة، ويستعد لأن يوفر لك طلبك في ضوء ما هو معروض لكن الحاج احمد وغيره من الباعة يرفضون الافصاح عن مصدر السلاح الموجود بوفرة في السوق او كيف يدخل اليمن وعبر اي طريق، ويرد عليك "هذا ليس من شأنك". والسلاح في اليمن ليس له طباع او نزعات او رغبات او عقل يتحكم في توجيهه وهو متعدد الأشكال والأنواع والهوية والقدرة ووحده الانسان في اليمن وسواه من بلاد العالم يتحكم في السلاح وتحديد وجهته ومخاطره وهو "السلاح" اما "لمظهر تقليدي" او أداة "موت". ويبقى الحال على ما هو عليه حتى اشعار آخر.