} تركت التغييرات التي شهدها ملفا الأمن والصحراء الغربية انطباعاً بأن المغرب مقبل على تغييرات أوسع وفي أكثر من مجال، وسط اتجاه الى تقليل الصلاحيات الممنوحة لوزارة الداخلية التي يتولاها السيد إدريس البصري. لاحظت مصادر مغربية انها المرة الأولى التي يُعيّن فيها عسكري رئيساً لجهاز الاستخبارات المغربية الذي كان تابعاً لوزارة الداخلية. ويأتي تعيين العقيد الركن حميدو العنيقري في هذا المنصب خلفاً لوزير الداخلية السيد ادريس البصري الذي كان الملك الراحل الحسن الثاني عيّنه في المنصب، منذ نحو 30 سنة، مسؤولاً سياسياً عن الجهاز، في حين كان المسؤول المباشر عنه شخصية امنية. والمسؤول الجديد لجهاز الاستخبارات عمل في السابق في جهاز المستندات والوثائق المخابرات العسكرية الذي يرأسه الفريق الركن عبدالحق القادري. كما عمل مسؤولاً عن فريق عسكري مغربي كان يقيم في دولة الامارات العربية المتحدة باتفاق امني مع المغرب. بيد ان الدلالات السياسية للتعيين تكمن في انتقال الاشراف على الجهاز من شخصية مدنية الى أخرى عسكرية. وكان منصب مدير الاستخبارات المغربية ظل شاغراً منذ انتقال المسؤول الامني المباشر عنه، العميد عبدالعزيز علابوش، الى العمل في وزارة الداخلية، إثر تعيين السيد بن هاشم العلوي مديراً للامن الوطني. لكن تزامن التعيين واندلاع مواجهات ذات طابع اجتماعي في المحافظات الصحراوية يحمل على الاعتقاد ان هناك اتجاهاً الى معاودة النظر في التعاطي وتطورات قضية الصحراء. يُضاف الى ذلك انه يأتي في سياق تطورات تهدف الى تحويل وزارة الداخلية التي تعرضت لانتقادات عدة بسبب الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الى وزارة عادية مثل بقية الوزارات، خصوصاً ان مجالات عملها التي تتعلق بالوصاية على المجالس المنتخبة عرفت تقلصاً كبيراً لجهة اعطاء المجالس صلاحيات واسعة في ادارة الشؤون المحلية. كما تم في غضون ذلك إنشاء تنظيم جهوي جديد اعطاء المناطق الجهوية صلاحيات واسعة في تسيير الشؤون المحلية. الى ذلك، رأت مصادر سياسية في تزامن تعيين مسؤول عسكري على رأس جهاز الاستخبارات، مع تعيين ديبلوماسي جديد في مهمة التنسيق مع بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية المينورسو، خطوة تهدف الى اضفاء الطابع الديبلوماسي على علاقات المغرب مع البعثة الدولية المكلّفة الاشراف على الاستفتاء. ويخلف الديبلوماسي محمد لوليشكي في المنصب المحافظ احمد عزمي الذي تولى عمليات التنسيق مع البعثة الدولية منذ مجيئها الى الصحراء في بداية التسعينات. وسبق له ان عمل مستشاراً قانونياً في بعثة المغرب لدى الاممالمتحدة في الثمانينات، وكان عضواً في فريق رئيس الوزراء السابق السابق الدكتور عبداللطيف الفيلالي. لكن الاهم في التعيين، بحسب اكثر من مراقب، انه سبق تشكيل لجنة ملكية مكلفة شؤون الصحراء كان العاهل المغربي الملك محمد السادس اعلن قرب تشكيلها لرصد تطورات قضية الصحراء. ويحمل ذلك على الاعتقاد بأن السلطات المغربية تعطي اولوية خاصة لهذا الملف، خصوصاً ان الملك محمد السادس حض حكومة رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي على القيام بزيارات للمحافظات الصحراوية لمتابعة التطورات والاشراف على اقامة مشروعات انمائية جديدة فيها. واللافت في تعيين مسؤولين جدد للاشراف على الملفين الصحراوي والامني، ان الامر يتعلق بتغييرات يتوقع ان تكون لها انعكاسات على مستويات عدة. ويقول مسؤولون مغاربة ان الملك محمد السادس عازم على اسناد مسؤوليات في قطاعات ديبلوماسية واقتصادية الى شخصيات جديدة. ومن المقرر اجراء مناقلات جديدة في الجهاز الديبلوماسي تطاول سفارات المغرب في بريطانيا والولايات المتحدة وعواصم عربية وافريقية عدة، اضافة الى مؤسسات اقتصادية ومالية.