يتوقع ان تتجه دول الخليج العربية إلى اتخاذ قرار بخفض ارتباط عملاتها بالدولار الأميركي والتحول إلى سلة عملات دولية يكون فيها للعملة الأوروبية الجديدة "يورو" حصة كبيرة. وقال إقتصاديون خليجيون إن دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت، استمرت في الارتباط بالدولار لفترة طويلة، لأنه لم تكن هناك عملة أخرى قادرة على منافسة العملة الأميركية نظراً لضخامة اقتصاد الولاياتالمتحدة. وأشار رئيس "المركز الاستشاري للتمويل والاستثمار" في الرياض عبدالعزيز الدخيل إلى أن بدء التعامل باليورو "وضع النظام النقدي الدولي على قدمين بعد أن كان بقدم واحدة، ويتأثر بأية هزات في الاقتصاد الأميركي". وقال في اتصال مع "الحياة" في لندن: "ستسهم العملة الجديدة في استقرار النظام النقدي الدولي إلى حد كبير وسيكون لليورو موقع مهم في احتياطات المصارف المركزية... وأتوقع ان تتخذ دول مجلس التعاون الخليجي قراراً باعتماد اليورو في سعر صرف عملاتها سواء من خلال سلة عملات أو بطريقة أخرى تخفف من ارتباطها بالدولار الأميركي". وذكر الدخيل ان القرار يمكن ان يتخذ في المدى المتوسط على أساس ان دول المجلس ستنتظر وتراقب تطورات اليورو في الأوساط الدولية. وأضاف: "بدأ اليورو بداية قوية وكل الاشارات تدل على أن قيمته سترتفع ويكون إضافة جوهرية إلى النظام النقدي الدولي ويمثل موقعاً مهماً في احتياطات المصارف المركزية والمبادلات والتسويات المالية". سلة عملات وترتبط عملات خمس دول اعضاء في مجلس التعاون الخليجي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والبحرين وقطر بالدولار الأميركي، في حين يعتمد الدينار الكويتي على سلة عملات دولية تبلغ نسبة الدولار الأميركي فيها نحو 75 في المئة. وكانت هناك دعوات متكررة لفك الارتباط بالدولار واعتماد سلة عملات على غرار الدينار الكويتي لتفادي التقلبات الحادة في سعر صرف العملة الأميركية وانخفاض قوتها الشرائية. وتصاعدت تلك الدعوات في أعقاب الانخفاض الحاد في سعر الدولار تجاه العملات الأوروبية في الأعوام القليلة الماضية، ما أثر بشكل كبير على مستوى الايرادات النفطية لدول المجلس بسبب تسعيرها بالدولار وعلى استثماراتها في الخارج التي تتركز بالدولار الأميركي. ولم تتوصل دول المجلس إلى أي قرار بفك الارتباط مع الدولار، نظراً لأنه السعر الرسمي لصادراتها النفطية التي تشكل أكثر من 90 في المئة من اجمالي صادراتها على رغم سعيها إلى تقريب أسعار صرف عملاتها الوطنية بموجب الاتفاقية الاقتصادية الموحدة الموقعة عام 1983 التي تقضي بتأسيس سوق خليجية مشتركة. واتفق الاقتصادي السعودي احسان أبو حليقة مع السيد عبدالعزيز الدخيل بأن دول مجلس التعاون التي تسيطر على 45 في المئة من احتياط النفط الدولي، ستراقب حركة اليورو قبل اتخاذ قرار باعتماده كرديف للدولار في سلة عملات دولية. اقتصادات عملاقة وقال: "أتوقع ان يفرض اليورو نفسه على دول الخليج وغيرها، لأنه مدعوم باقتصادات عملاقة ويتوقف ذلك على أدائه وسعر الفائدة عليه وفرص الاستثمار التي سيولدها". وأضاف: "لا شيء رسمياً حتى الآن في مجلس التعاون، لأن اليورو لا يزال في مراحله الأولى، لكنه ولد قوياً وسيتحول إلى عملاق... وأرى ان تحول دول المجلس إلى سلة عملات من الدولار واليورو يعتبر أمراً منطقياً". وفي تعليق مماثل قال الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون: "لا أتوقع أن يحدث أي شيء قريباً جداً، لكن في المدى المتوسط وعندما يصعد اليورو ويصبح عملة احتياط منافسة للدولار الأميركي ستجد دول الخليج نفسها تتجه إلى سلة عملات تضم العملتين ما سيجنبها مخاطر الارتباط بعملة واحدة تتميز عادة بعدم الاستقرار". وأضاف: "بالطبع أنه قرار مستقل وسيادي لكل دولة في مجلس التعاون، لكن المنطق يقول إن المستقبل سيشهد تعاوناً وتنسيقاً أكبر ما يدفعني إلى الاعتقاد بأن القرار سيكون جماعياً". وفي المنامة، رحبت "مؤسسة نقد البحرين" بإصدار "اليورو" وقالت إنها "ستظل تراقب تطوره عن كثب في السوق المحلية والدولية". ويشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي هي أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي إذ يبلغ معدل التبادل بين الطرفين أكثر من 35 بليون دولار سنوياً، تليها اليابان بمتوسط 33 بليون دولار ثم الولاياتالمتحدة بمعدل 25 بليون دولار سنوياً.