عقد البرلمان الشيشاني جلسة طارئة أمس الأربعاء للنظر في اتهامات خطيرة وجهها ثلاثة من أبرز القادة الميدانيين الى الرئيس اصلان مسخادوف واتهموه بپ"ارتكاب جرائم فادحة وانتهاك الدستور". وأجرى مسخادوف اتصالاً هاتفياً عاجلاً مع رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف لإطلاعه على الموقف في بلاده، وجاء ذلك في وقت بدأت تقارير تتحدث عن "صلة" بين البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي والمتشددين الشيشان خصوصاً بعدما لعب دوراً بارزاً في اطلاق رهينتين بريطانيتين لدى مسلمين شيشانيين الاسبوع الماضي. وبسبب الأزمة في روسيا، لم تسلط الأضواء على التوتر المتزايد في جمهورية الشيشان والخلاف بين "رفاق السلاح" الذي بلغ ذروته عندما وقع رئيس الحكومة السابق شامل باسايف وقائد "جيش الجنرال دودايف" سلمان رادويف ورئيس مركز مكافحة الارهاب خونكار اسرافيلوف الرسالة التي تحمل اتهامات للرئيس. ويعد الثلاثة من أكثر وأهم قادة التشكيلات المسلحة الشيشانية ولهم دعم واسع في قطاعات مختلفة. وكان باسايف حل في المرتبة الثانية بعد مسخادوف في الانتخابات الرئاسية وتحالف معه اثرها. لكن الخلافات دفعته الى الانسحاب من رئاسة الحكومة وقيادة القوات المسلحة. واكدت الرسالة ان مسخادوف "اغتصب السلطة وهيمن على الهيئات القضائية ... وانتهك الدستور مراراً". ولم يقدم القادة الميدانيون حقائق أو تفاصيل. لكنهم ذكروا ان مسخادوف بدأ مفاوضات مع موسكو في شأن تحديد الوضع القانوني لجمهورية الشيشان في حين ان دستورها ينص على ان "سيادة الدولة الشيشانية واستقلالها لا يخضعان لنقاش". وذكرت الرسالة ان مسخادوف حصل على أسلحة من روسيا بعد سلسلة لقاءات مع وزير داخليتها سيرغي ستيباشين. واتهم القادة الميدانيون رفيق السلاح السابق بأنه "يشيد قصوراً ويقيم احتفالات باذخة فيما آلاف الشيشانيين بلا مأوى". وطالبت الرسالة بمحاسبة مسخادوف بهدف انقاذ البلد من مواجهة داخلية. وحضر الرئيس الشيشاني الجلسة السرية للبرلمان امس، وذكر مكتبه الصحافي ان نواباً كثيرين وجدوا ان الرسالة "لا تتضمن حقائق تقتضي اتخاذ اجراءات جدية". وأضاف ان العلاقات بين مسخادوف وموقعي الرسالة "ليست على ما يرام" بعدما وجهت تهم جنائية الى رادويف ووضعت خطط لحل مركز مكافحة الارهاب الذي يقوده اسرافيلوف. ومعروف ان القادة الثلاثة يصنفون في خانة "المتشددين" المطالبين باعتراف فوري باستقلال جمهورية الشيشان ودفع تعويضات لها. وأعلن باسايف أول من أمس انه خصص "جائزة" لمن ينظم أفضل عملية للاستيلاء على بنك روسي بهدف سد جزء من التعويضات. وهدد رادويف مراراً بقصف مدن روسية واجتياح جمهورية داغستان المجاورة بعد اعتقال عدد من حلفائه فيها. البليونير اليهودي وقال لپ"الحياة" مصدر شيشاني ان هناك "صلة ليست واضحة بعد" بين دور البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي في الافراج عن مواطنين بريطانيين كانا رهينتين في الشيشان، وبين التصعيد الأخير. وأوضح ان بيريزوفسكي الذي له صلة وثيقة برادويف لم يخف "استياءه" من حكومة يفغيني بريماكوف. وأجرى الأخير اتصالاً هاتفياً مفاجئاً مع مسخادوف وأعلن في موسكو ان البحث خلاله تناول الوضع في القوقاز والعلاقات بين موسكو وغروزني ولم تقدم أي تفاصيل. وكان اسم بيريزوفسكي عاد إلى دائرة الضوء في موسكو بعدما لعب دوراً أساسياً في الافراج عن مواطنين بريطانيين كانا اختطفا في جمهورية الشيشان. وذكر القائد الميداني سلمان رادويف أول من أمس الاثنين أنه كان "وسيطاً" بين بيريزوفسكي والخاطفين، وعقدت الصفقة على أساس "علاقات عمل" وليس مقابل فدية مالية. وعلاقات بيريزوفسكي المتشعبة تمتد من الشيشان وقرغيزيا إلى إسرائيل وواشنطن ولندن. وأقام أخيراً صلات قوية مع صاحب الامبراطورية الصحافية العالمية روبرت مردوخ وجرى اتفاق مبدئي على إقامة شبكة اخبارية مشتركة. والمتابع لتاريخ بيريزوفسكي لا يخفى عليه هدف هذه الصفقة، فهذا الرجل الوثيق الصلة بعائلة الرئيس بوريس يلتسن، يعتمد هيكلية معروفة تبدأ بپ"صنع" الأموال واستخدام جزء منها لتكوين امبراطورية إعلامية تستغل للوصول إلى السلطة أو إدارتها من وراء الكواليس. وبدأ بيريزوفسكي باحثاً علمياً وصار عضواً مراسلاً في أكاديمية العلوم. إلا أنه تحول في زمن الپ"بيريسترويكا" إلى ميدان آخر وانشأ شركة "لوغوفاز" التي ذكرت الصحف الروسية أنها كانت تشتري من مصنع "لادا" السيارات بأسعار مخفضة بحجة تصديرها إلى الخارج ثم تبيعها في الأسواق الروسية بربح هائل. وهكذا بدأ تكوين ثروته التي قدرتها مجلة "فوريس" بثلاثة بلايين دولار. إلا أن وجوده الدائم في دائرة الخطر، عرضة إلى أكثر من محاولة اغتيال، وقتل في واحدة منها سائقه وحارسه، لكنه نجا باعجوبة وغادر روسيا حيث أقام فترة في إسرائيل وحصل على جنسيتها. وسرعان ما عاد بيريزوفسكي إلى موسكو ليوسع أعماله ويستولي على إدارة قناة "او. آر. تي" المركزية التي لا يملك من أسهمها سوى ثمانية في المئة، لكنه يوجه سياستها بفضل "علاقات خاصة" مع كبار المسؤولين. ولعب التلفزيون دوراً أساسياً في تأمين انتخاب يلتسن لولاية ثانية عام 1996، وكان بيريزوفسكي اللولب الذي ضمن ولاء الاعلام وأمن في الوقت ذاته أموالاً للحملة الانتخابية قدرت بپ500 مليون دولار.