في العاصمة الاقتصادية لسورية، تلعب الاسواق الشعبية دوراً بازراً في الحياة الاقتصادية والعادية للحلبيين وسكان الريف المحيطين بها الذين يعتمدون على حلب في شراء حاجاتهم اليومية والسنوية. ويعتبرسوق "الهال" بمحلاته المتراصة والمزدحمة منذ ساعات الفجر الأولى ومعروضاته المتنوعة من خضار وفواكه ومشتقات الألبان بكافة أصنافها، المركز الرئيسي لبيع الجملة في المدينة التي تعيش على المحاصيل الزراعية التي تنتجها الاراضي المجاورة. ويقول سائق شاحنة أنه وصل إلي سوق الهال في الساعة الخامسة صباحاً كعادته قادماً من مدينة أريحا التابعة لمحافظة إدلب المجاورة، في حين يوضح أحمد مراد مالك البضائع المحمولة أنه لم يستطع تسويق محصوله من الكرز الذي يبلغ بضعة أطنان يومياً إلى السوق الخليجية كما في الأعوام السابقة لارتفاع كلفة التصدير وازدياد حدة المنافسة. ويضيف ان مدينة حلب تشكل "سوقاً جيدة لتصريف الإنتاج بسعر أفضل من أسواق المحافظات الأخرى إضافة لحجم الطلب الكبير في سوقها". ويفضل المزارعون تسويق منتجاتهم الزراعية مباشرة في مدينة حلب تحقيقاً لربح أوفر يعد قيام الكثير من السماسرة معظمهم من الشباب بشراء المنتجات الزراعية من المحافظات الأخرى وتسويقها في المدينة. ويصف أحد فلاحي مدينة اعزاز التابعة لمحافظة حلب هؤلاء السماسرة ب "الجشعين". ويتمنى ان يمتلك وساطة نقل ليحول دون استغلاله. ويشرح كامل موسى أحد تجار مدينة بانياس الساحلية في محافظة طرطوس التي تضم أكبر عدد من البيوت البلاستيكية أسباب ارتياده للسوق الحلبية بانخفاض سعر الكيلو غرام الواحد من ثمار البندورة من 30 ليرة سورية الدولار يساوي خمسين ليرة إلى ثماني ليرات في سوق مدينة طرطوس "بعد اكتفاء التجار الأتراك من شراء كميات ضخمة من مصادرها مباشرة وزيادة العرض الكبير من البندورة في السوق". ويسبق بائعو العربات السيارات الشاحنة المحملة بالخضار والفواكه إلى سوق الهال لانتقاء طلباتهم. وتتوزع عرباتهم باكراً في الساحات والشوارع الرئيسية للمدينة متخذين قرارات مجلس المدينة التي تمنع عرض البضاعة بهذه الطريقة في أماكن محددة حفاظاً على الوجه السياحي للمدينة. وتتقلص مساحة عرض عربات الفواكه ليلاً إلى مراكز محددة في "باب جنين" و "المنشية" و "ساحة الشعار" حيث يجتمع عدد كبير منادين بأعلى صوتهم ترويجاً لبضاعتهم بعبارات محببة تبرز مواصفات الحمولة مثل "ريحاوي يا كرز ما في منو" و "الدنيا نار يا خيار". وتعلو اصوات مكبرات الصوت المعلقة على العربات بصوت عال بعبارات مكررة مثل "اربعة كيلو ب 100 ليرة". و كتبت جريدة "تشرين" الحكومية في إحدى تعليقاتها الساخرة أن هذا الصخب الذي يسببه بائعو العربات "يخدم العملية السياحية حيث يجبر السياح على الاستيقاظ باكراً وصرف مدخراتهم بالعملة الصعبة". وتوجد أسواق شعبية للخضار والفواكه في مختلف الأحياء الشعبية تتمركز عادة في الساحات الرئيسة كما في "ساحة الكلاسة" و"ساحة السكري" و "المشهد" و "الجابرية" و "بستان القصر" و "بستان الباشا". وتوفر معظم الاحتياجات للسكان حتى وقت متأخر من الليل. وتزيد أسعار معروضاتها عن أسعار مركز المدينة كما في "باب جنين" لذلك يفضل ذوو الدخل المحدود التسوق من مركز المدينة أو من سوق الهال مباشرة بين الحين والآخر. وعمد بائعو الخضار والفواكه إلى احتلال مساحة الرصيف المخصصة للمشاة "بسطة" في باب جنين وأماكن أخرى. ولم تفلح الاجراءات القمعية التي تقوم بها "البلدية" في تقليل انتشار هذه الظاهرة. وفاقم من انتشارها حصول بعض "أصحاب البسطات" على "ترخيص اشغال الرصيف" يقدمه مجلس المدينة بعد استيفاء الرسوم المحددة ما سبب إرباكاً لعمليات إزالة المخالفات. كما أن اقبال المواطنين على الشراء منها خاصة في المواسم لما تتمتع به من رخص في الأسعار وتنوع في الأصناف أدى إلى إصرار الباعة على التحدي. وفي الأحياء التي تعتبر حديثة نسبياً تم بناء أسواق لبيع المفرق من خضار وفواكه كما في "سيف الدولة" و"مساكن هنانو" و"الحمدانية" لاتزال دون حاجة أهل الحي مايفسر وجود دكاكين مختصة بذلك في كافة الأحياء متفرعة عن السكن في الطابق الأرضي أو محتلة إحدى غرفه. وبعضها ليس مرخصاً كونها تخل بالمواصفات الفنية للبناء لكنه يلبي حاجة الحي المكتظ بالسكان. وهناك أكشاك برّاكات عند مفارق الطرق والشوارع الرئيسية ومعظمها مختصة في أنواع الفواكه الجيدة ومرخصة من قبل مجلس المدينة. ومن المفارقات يضع البائعون البطيخ على الأرصفة في الأحياء الشعبية والشوارع العريضة بعيداً عن مركز المدينة عارضين بضاعتهم متوسدين الرصيف وقت النوم حتى ينتهي الموسم. وكل من يقصد حلب يضع في حسبانه شراء صابون الغار الحلبي الذي اشتهرت به المدينة ويباع في سوق باب الفرج المخصص للمواد الغذائية لبيع الجملة والمفرق. وتضم حلب الكثير من "المصابين" مصانع الصابون وقلما تحتوي مدينة أخرى في العالم مثل هذا العدد. كما تشتهر بصناعة الزعتر الحلبي وتتوزع محلاته في كافة الأحياء وخاصة في باب الفرج. وتضم المدينة التي تقع ضمن حلب القديمة أسواقاً متخصصة في بيع المواد الغذائية كما في "سوق العطارين". ويقصده الحلبيون لشراء البهارات والكمون والكزبرة والفلفل والزهورات والعسل والزعتر والمكسرات كما ضم محلات لبيع الخضار والفواكه. ويبيع "سوق السقطية" في المدينةاللحوم ويشاركه بيع اللحوم والأسماك "سوق العتمة" الذي يقع في مركز المدينة جانب السور. بينما تعرض حارة "الجديدة" أصناف السمك المتنوعة والطازجة يومياً. وتقف أحياناً سيارات صغيرة لبيع بعض أنواع السمك في "المنشية الجديدة". وحافظت الخضر والفواكه على أسعارها مقارنة مع العام الماضي مع غلاء سعر الثوم والموز، في حين انخفض سعر الحبوب كالقمح والحمص انخفاضاً بسيطاً قياساً بالأعوام السابقة.