كابول - أ ف ب - لا يزال فصيلان فقط من المعارضة الافغانية يواجهان وحدهما قوات حركة طالبان الاصولية التي باتت سيطرتها على كامل افغانستان محتومة بعد استيلائها على مدينة مزار الشريف أول من أمس. ولا تزال قوات حزب الوحدة الشيعي المتحصن بقوة في الجبال في وسط البلاد وشمال شرقها والقوات الموالية لرجل النظام السابق القوي القائد الطاجيكي احمد شاه مسعود تشكل عقبة كبيرة في وجه "طالبان". وقال خبير عسكري غربي: "حتى لو تمكنت طالبان من الاحتفاظ بمزار الشريف، فانها ستواجه مقاومة قوية جدا في منطقة صعبة للغاية اذا ما سعت الى السيطرة على مجمل البلاد". وسمح سقوط مزار الشريف ل "طالبان" بالسيطرة على جميع المدن الكبرى الافغانية في حين مكنتها انتصاراتها في الشمال من وضع يدها على ثلاثة ارباع افغانستان تقريباً. وحرم هجوم "طالبان" المثير في الشمال زعيم الحرب الاوزبكي السابق عبدالرشيد دوستم، احد القادة الرئيسيين للمعارضة، من السيطرة على اي مدينة كبيرة. وهذه ثالث مرة تستولي فيها "طالبان" على مزار الشريف في غضون ما يزيد على العام. وكان الهجومان الاخيران على المدينة اسفرا عن خسائر جسيمة في صفوف قواتها. وعلى الصعيد الاقتصادي، يشكل الهجوم الاخير انتصارا كبيرا للنظام الاسلامي لانه يسمح للحركة بوضع اليد على منطقة شبرقان 120 كلم الى الغرب من مزار الشريف معقل دوستم السابق الغني باحتياطي الغاز والنفط والذي لم يتم استغلاله بعد. وقال متخصص في الشؤون الافغانية ان "الخاسر الأكبر في المعارك الاخيرة هو دوستم، اذ لم يعد لديه شيء. فالتنظيمات الشيعية تستطيع على الاقل ان تنسحب الى وسط البلاد في حين يواصل مسعود سيطرته على الشمال الشرقي". ولجأت المجموعات الشيعية المدعومة من ايران الى المرتفعات الجبلية في وسط افغانستان حول معقلها وقاعدتها الجوية في باميان. لكن منذ ان حشدت "طالبان" جميع قواتها في معركة احتلال الشمال قبل عامين لم تتمكن على الاطلاق من وضع قدمها في منطقة حزاراجات الشيعية. بينما احتفظ القائد مسعود طوال هذه الفترة ايضا بالجبهة الواقعة على بعد 25 كلم فقط الى شمال كابول التي طردته منها "طالبان"، وسيطر بذلك على محور الطريق الوحيد بين شمال البلاد وجنوبها. كما انه يسيطر على المنطقة الفقيرة المعزولة في شمال شرقي البلاد التي ضربها زلزالان مدمران خلال العام الجاري. اما معقله الطاجيكي في وادي بانشير 80 كلم شمال كابول الذي اشتهر بمقاومة القوات الروسية منذ 1979، فيشمل محور سالانغ الذي يمنع اي عبور الى الشمال. وقد اصطدمت جميع هجمات "طالبان"، التي ينتمي معظم عناصرها الى أتنية البشتون، بمقاومة شرسة من قبل مسعود والعقبة الطبيعية الصعبة المتمثلة في جبال هندوكوش. واعتبر الخبير العسكري نفسه انه "من دون السيطرة على الشمال الشرقي ووسط البلاد، فان كابول ستظل عرضة للهجمات ومحرومة من الوصول الى محاور الطرق الرئيسية". لكنه أوضح ان انتصار أول من أمس في مزار الشريف وتدهور معنويات المقاومة سيجعل قوات "طالبان" تحاول في المرحلة المقبلة ان تستخدم كامل طاقتها العسكرية في معركة الاستيلاء على هذا الحاجز الاخير للمقاومة.