} السيد رئيس التحرير تحية طيبة وبعد، كان واضحاً أن تحريك النعرات ورفع قميص "الدفاع عن الامازيغية" والتلويح به، غايته الاستثمار السياسي من خلال اقامة "سد من اللغة الامازيغية في طريق التعريب"، كما جاء في مقال أحد المثقفين العرب على صفحات يومية عربية دولية يوم 14/7/1998. فهذه الاستفاقة المحمودة من قبل كاتب المقال كانت ضرورية على رغم تأخرها. كان يساورني نوع من الحسرة أمام سطحية طرح بعض المثقفين العرب لموضوع التعريب في الجزائر آخذين عليه التسرع والعشوائية وغيرها من التحاليل الخرقاء. جاء المقال المذكور فأعاد الموضوع في إطاره الصحيح برفع الالتباس. من قال إن ممارسة استعمال الأمازيغية وغيرها من اللهجات الجزائرية ممنوعة في الجزائر؟ إن هدف ما يتداوله البعض بغرض الايحاء والتصريح بأن الناطقين من أصحاب هذه اللهجات مضطهدون ومحرومون من حقوقهم الثقافية، لا يخفى على أحد. ... بينما حقيقة الأمر غير ذلك. فالتهجم على العربية هو مربط الفرس وراء تلك الحملة الشرسة لتحل محلها... الفرنسية لا كلغة ثالثة أو ثانية، بل الأولى. لا أحد يغيب عنه أن جهاز الإدارة أكبر حزب في الجزائر كان دائماً صاحب "الفضل" في تجميد قانون تطبيق اللغة العربية وذلك منذ استقلال البلاد، على رغم وجود ذلك القانون. إن الذين يعتذرون بعدم تطبيق ذلك القانون لعدم صلاحيته وعدم مواكبة اللغة العربية للتقدم والرقي يقدمون أدلة يرونها مفحمة ومفادها أن العربية تفرخ لنا جيش من العاطلين، وفاتهم ان في تلك العبارة نصف الحقيقة، أما النصف الآخر المطموس عمداً هو أنه نظراً لتحكم اللوبي الإداري الفرنكوفوني - الفرنكوفيلي، فعملية التوظيف تتم طبقاً لمعايير لا تأخذ في الاعتبار التحصيل العلمي، بل تتم عملية الفرز للتوظيف بناء على الانتماء اللغوي طبعاً المفرنس ومن خلال تلك العملية الانتقائية يتم اقصاء كل أولئك الذين يسمونهم جيش العاطلين المعربين. وهل هي مصادفة أن عدد الصحف الموقوفة منذ انقلاب 1992 ينتمي جلها 90 في المئة إلى الصحف المعربة أم ان التوقيف راجع إلى عامل اقتصاد السوق! بينما يعلم الخاص والعام ان ما تنشره الصحف المفرنسة يفوق بكثير من حيث الجرأة و"الجرم" ذلك الذي تقترفه الصحف المعربة. إلى ذلك، ان الذين يأخذون على ذلك القانون متذرعين بالتسرع وينصحون بالتريث، لا يقولون لنا متى سيكون الشعب الجزائري مهيأ في تقديرهم لتطبيق ذلك القانون. وهل نحن بحاجة إلى التذكير بذلك الحجم المهول للصراخ والاستنكار والادانة الذي يحدثه اغتيال "مثقف"، فتقيم له الدنيا ولا تقعد، وتستنفر كبار المسؤولين في الجزائر وخارجها، بينما يموت اغتيالاً واختطافاً وتجاهلاً عشرات المثقفين ولا يسمع أخبارهم أحد، لأن "لا - فرنكوفونيتهم" تحول دون شملهم من قبل اللوبي الاعلامي المتنفذ في قائمة التنوير. هل مصادفة ان كل ساسة فرنسا من سياسيين وصحافيين ورجال ثقافة يقفون وراء دعاة الامازيغية وتفسح لهم بعد تشييد أكاديمية في العاصمة الفرنسية الفضاءات الاعلامية المختلفة من تلفزة وصحف واذاعات، بينما تعارض فرنسا تطبيق قانون تعميم اللغة العربية في الجزائر من خلال تحريك بيادقها ولعبها بورقة النعرات. لا أحد يمنع أو يحق له منع فئة من الشعب الجزائري من استخدام لغته المحلية في منطقته، لكن هذا لا يحول دون اتخاذ الجزائر لغة رسمية واحدة، وهي العربية، كسائر الدول التي تعيش فيها فئات مختلفة بلغات عدة. المغالطة المقصودة هي الخلط المتعمد بين اللغة والهوية الوطنية، فإن كانت الهوية الجزائرية إسلامية عربية امازيغية فلغتها الرسمية الوحيدة هي العربية، وذلك لا ينتقص من قيمة سائر الألسنة الأخرى، بل يحتم على السلطة ترقيتها من دون اقصاء أو تهميش.