عاش الجنوب اللبناني امس مواجهات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و"جيش لبنان الجنوبي"، الموالي لها، والمقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" التي نفّذت سلسلة عمليات على امتداد جبهة المواجهة وداخل الشريط الحدودي المحتل، بدءاً من الخامسة والنصف فجراً كان ابرزها اقتحام موقع حدّاثا ورفع راياتها بعد السيطرة عليه. وتدخّل سلاح الطيران الاسرائيلي الحربي والمروحي وردّت مدفعية الاسرائيليين و"الجنوبي" بقصف القطاعين الاوسط والغربي واقليم التفاح بنحو مئتي قذيفة. وأسفرت المواجهات عن اصابة جنديين اسرائيليين بجروح احدهما برتبة ضابط، وإصابته خطرة، اضافة الى عنصر من "الجنوبي"، وسقوط مقاوم وقتيل مدني. وأصدرت "المقاومة الإسلامية" بياناً بالعمليات وفيه "تأكيداً منها على امتلاك زمام المبادرة على امتداد جبهة المواجهة وفي عمق المنطقة المحتلة، شنّت المقاومة الإسلامية امس هجوماً منسّقاً على اكثر من 18 موقعاً للإحتلال والعملاء. ففي الخامسة و25 دقيقة صباحاً اقتحمت مجموعات في سرية الشهيد هادي نصرالله من القوة الخاصة التابعة للمقاومة موقع حدّاثا بعد تأكدها من وجود قوة صهيونية - لحدية مشتركة فيه. وبعد تدمير تحصيناته ودفاعاته تدميراً كاملاً اجتاز المجاهدون حقول الألغام التي يتجاوز عرضها ال75 متراً وسيطروا على الموقع سيطرة كاملة بعدما أوقعوا افراد حاميته بين قتيل وجريح ودمّروا تحصيناته الداخلية والآليات الموجودة فيه ورفعوا رايات "حزب الله" لوقت غير قصير". وتابع "تزامناً مع الهجوم الصاعق على حدّاثا شنّت مجموعات اخرى هجوماً واسعاً على 17 موقعاً على امتداد الجبهة". وأشار الى "ان المجاهدين تمكنوا من تحقيق اصابات دقيقة في المواقع المذكورة فشوهدت النيرات تندلع في عدد منها. وبرزت خلال المواجهات سيطرة كاملة لوحدة قنص الدبابات في المقاومة الإسلامية التي منعت دبابات العدو من التدخل والمشاركة في المواجهات". ولفت الى "ان هذه العمليات اسقطت ادعاءات قادة العدو بدقة التنسيق ما بين قواته البرية وسلاح الجو، اذ بعد مرور 45 دقيقة على بدء العمليات تدخلت مروحيات العدو التي تصدّت لها المضادات الأرضية التابعة للمقاومة الاسلامية بغزارة ومنعتها من تحقيق اهدافها. وبقيت رايات "حزب الله" مرفوعة اكثر من ساعتين داخل موقع حدّاثا. وعلى رغم مرور ساعتين من المواجهات لم يستطع الجيش الاسرائيلي ادخال اي تعزيزات او سحب اصاباته من موقعي حدّاثا وبرعشيت". وأهدت المقاومة الاسلامية عملياتها الى "الشهداء والأسرى المحرّرين". ونعت المقاومة الإسلامية المقاوم هادي محمود مشيمش من مواليد بلدة كفرصير عام 1976. الذي سقط اثناء اقتحام موقع حدّاثا. وفيما نفت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية خبر اقتحام موقع حدّاثا، قالت الاذاعة الاسرائيلية الناطقة بالعبرية ان مقاتلي "حزب الله" اقتحموا الموقع المذكور "وسيطروا عليه ورفعوا اعلامهم في ارجائه واستولوا على الكثير من الغنائم من داخله".واعترف ناطق عسكري اسرائيلي بالهجمات وقال "ان جنديين اسرائيليين اصيبوا بجروح احدهم برتبة ضابط، جروحه خطرة، اضافة الى اصابة عنصر من "الجنوبي" اسمه حازم الصغير من بنت جبيل"، مشيراً الى "ان دوي انفجار القذائف وصل الى المستوطنات الاسرائيلية ما ادى الى انتشار حال ذعر لدى السكان". وذكر متحدث عسكري اسرائيلي بعد الظهر "ان قذيفة هاون اطلقت من داخل الاراضي اللبنانية، سقطت على قرية عرب العرامشة العربية داخل الحدود الاسرائيلية، وأدت الى اصابة منزل بأضرار طفيفة، وأن اسرائيلياً اصيب بصدمة". واعتبر "ان "حزب الله" فتح النار على القوات الاسرائيلية من القرى المأهولة في الجنوب". وخلال المواجهات شنّت طائرات حربية اسرائىلية غارة على المنطقة الواقعة بين برعشيت وبيت ياحون مستهدفة اياها بأربعة صواريخ جوّ - أرض. وفي الوقت نفسه اطلقت مروحيات اسرائيلية عدداً من الصواريخ على غرب برعشيت ومشّطت برشّاشاتها الثقيلة مجاري الأودية والتلال المحيطة بمنطقة العمليات. وجُبهت بنيران المضادات الارضية، فيما اطلقت المدفعية الاسرائيلية ومدفعية "الجنوبي" نحو مئتي قذيفة ميدانية من عياري 175 و155 ملم، اضافة الى قذائف من عيار 120 ملم، في شكل عشوائي تركّز على المناطق المواجهة للمواقع الاسرائيلية والبعيدة عنها في القطاعين الغربي والأوسط واقليم التفاح، خصوصاً بلدات ياطر وحدّاثا وعيتا الجبل وكفرا وصربين وصفد البطيخ وعين المزراب ومجدل سلم ومجدل زون وقبريخا وتولين وحبوش وكفررمان وكفرتبنيت وزوطر الشرقية وزوطر الغربية ومزرعة الحمرا ومحيط شقرا وتبنين وميفدون وشوكين ومجاري اودية الليطاني والحجير والسلوقي والزهراني ونبع الطاسة وجباع واللويزة ومليتا وسجد والجبل الرفيع وعين بوسوار ومزرعة عقماتا ومرتفعات اقليم التفاح، فتضررت منازل عدة واشتعلت حرائق في الحقول والمزروعات. وترافق القصف مع اعتداءات بحرية، اذ اقدمت الزوارق الحربية الاسرائيلية فجراً على اطلاق نيران رشاشاتها الثقيلة، وعلى دفعات في اتجاه الشواطئ الجنوبية لمدينة صور، طاولت المنطقة الممتدة بين الرشيدية ورأس العين. وأحصت المصادر الأمنية سقوط اكثر من مئتي قذيفة من أعيرة مختلفة معظمها من النوع الدخاني، واصفة القصف "بالأعمال العسكرية الهستيرية التي تلي وقوع اصابات لدى الاسرائيليين". ورجّحت ان تكون القوات الاسرائيلية نقلت عدداً من المصابين خلال هذا الغطاء الناري والدخاني. وأدى القصف الاسرائيلي على بلدة ياطر ومحيطها الى وفاة المواطن عبدالمنعم سويدان 65 عاماً الذي اصيب بذبحة قلبية خلال وجوده في حقله. واندلعت سلسلة حرائق في محيط عيتا الجبل وتبنين أتت على اشجار مثمرة وحرجية. وتعليقاً على المواجهات قال مسؤول منطقة الجنوب في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق "ان المقاومة الاسلامية وجّهت رسالة قاسية الى الاحتلال اكدت فيها ان لا أمان له حتى داخل حصونه، وأن الموت سيأتي الى جنوده من حيث يحتسبون او لا يحتسبون". وعن خرق اسرائيل تفاهم نيسان ابريل اعتبر "ان الاحتلال يدفع بالوضع نحو مرحلة جديدة يتحمّل هو مسؤوليتها بالكامل، لأن حفظ أمن اهلنا فوق كل الاعتبارات". من جهة ثانية، وعلى وقع اصوات القذائف، أنهت لجنة مراقبة وقف النار المنبثقة من تفاهم نيسان اجتماعها قبل ظهر امس. واعتبرت "ان الشكويين اللبنانية والاسرائيلية تشكلان انتهاكاً". وحضّت الأطراف على "ان يمتنعوا، في كل الظروف، عن العمليات التي تهدد حياة المدنيين وممتلكاتهم مباشرة"