من الصعب القول ان "أبو عمار" يشعر بأي نوع من الخيبة هذه الأيام رغم العقبات التي يحاول بنيامين نتانياهو وضعها في وجه تنفيذ اتفاق اوسلو الذي هو في النهاية اعتراف متبادل بين شعبين قررا العيش على أرض واحدة هي أرض فلسطين، مع ما يعنيه ذلك على صعيد ان الدولة الفلسطينية قامت فعلاً وان لا نتانياهو ولا غير نتانياهو يستطيع منع قيامها. في هذه الأيام يتذكر "أبو عمار" انه عندما خرج من بيروت صيف عام 1982، سأله مودعوه الى أين أنت ذاهب فأجاب: "الى فلسطين". وها هو الآن على الأرض الفلسطينية. ويتذكر ان مجرد لقاء سري غير رسمي أواخر السبعينات في عهد الرئيس كارتر بين اندرو يونغ ممثل الولاياتالمتحدة لدى الاممالمتحدة وممثل منظمة التحرير الفلسطينية، كلف يونغ منصبه رغم ان طابع اللقاء كان مناسبة اجتماعية. أما الآن، فإن وزيرة الخارجية الاميركية تتصل بياسر عرفات من دون تكليف وتدعوه الى الصبر وتشيد بمواقفه، حتى انه للمرة الأولى في تاريخ النزاع العربي - الاسرائيلي هناك علاقة فلسطينية - اميركية أفضل من العلاقة الاسرائيلية - الاميركية، أقله على الصعيد الشخصي. اما التعاطف فكان يمكن للادارة ان تعبر عنه بطريقة أفضل لو سمحت لها ظروفها الداخلية بذلك. ويتذكر "أبو عمار" خصوصاً هذه الأيام لقاء عقده مع يوري اندروبوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي بعد رحيل ليونيد بريجنيف. وكان الشاهد على ذلك اللقاء فكتور بوسوفاليوك نائب وزير الخارجية الروسي حالياً وكان يتولى الترجمة لأندروبوف آنذاك. في ذلك اللقاء الذي حرص ياسر عرفات على تذكير المسؤول الروسي به أخيراً عندما استقبله في غزة، سأل اندروبوف الزعيم الفلسطيني عن أهدافه فأجابه انه يريد إقامة دولة فلسطينية. وكان رد الزعيم السوفياتي ان معلوماتنا تشير الى انه ليس لكم ثقل في فلسطين!... هل ان مثل هذاالنوع من المعلومات ساهم في انهيار الاتحاد السوفياتي؟ ربما. ولكن يبقى الأهم من ذلك كله بالنسبة الى "أبو عمار" انه لم يعد أحد يسأله عندما يزور احدى الدول العربية، وهذا السؤال كان يتكرر كثيراً بعد خروجه من بيروت، كم أنت باقٍ عندنا؟ فقد بات معروفاً انه عائد الى بيته في فلسطين وليس في أي مكان آخر. لذلك كان أوسلو انقلاباً كبيراً على صعيد الشرق الأوسط. ولذلك قام هذا التحالف غير المقدس بين المتطرفين في اسرائيل والمتطرفين العرب وغير العرب لإفشاله وإسقاطه. ولذلك ايضاً تبدو الصعوبات كبيرة وهي تحجب بعض الحقائق البسيطة من نوع أن "أبو عمار" موجود في فلسطين... وليس في الفاكهاني وليس في تونس... عنوانه صار فلسطين.