بحث خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات خلال استقباله إياه في جدة أمس الشأن الفلسطيني وجمود العملية السلمية والجهود الدولية لتذليل العقبات الإسرائيلية امام مسيرة السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ودول المنطقة في الشرق الأوسط. وقال مسؤول فلسطيني رافق الرئيس عرفات في زيارته الى السعودية ان "الفلسطينيين تبادلوا وجهات النظر مع القيادة السعودية حول الشأن الفلسطيني وتطورات عملية السلام". وكان عرفات التقى في وقت سابق بعد وصوله امس إلى جدة ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئىس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وبحثا في العملية السلمية في ظل المأزق الذي يواجهها، والتطورات الأخيرة المتمثلة في دعوة وزيرة الخارجية الأميركية لاجتماع لندن والمحاولات الدولية من قبل الإسرائيليين لتكريس احتلال الأراضي الفلسطينية وتهويد مدينة القدس. وتناولت المحادثات السعودية - الفلسطينية الكثير من القضايا المشتركة. وقدم الرئيس عرفات مجسماً للمسجد الأقصى هدية من السلطة الوطنية تقديراً للأمير عبدالله ومواقفه تجاه المسجد. وكان عرفات قدم مجسماً مماثلاً للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد أن عقدا اجتماعا قصيراً تناول تطورات العملية السلمية. وقدم الأمير سلطان للرئيس عرفات هدية تذكارية. وأعرب الامير سلطان عن ثقته في الجهود الاميركية لدفع عملية السلام، وقال رداً على سؤال ل "الحياة" إن "التفاؤل الذي يحمله أبو عمار وزملاؤه يدعونا الى الاطمئنان، ولا نعتقد أبدا ان الولاياتالمتحدة الاميركية بقيادة الرئيس كلينتون تتخلى عن عملية السلام وتعهداتها تجاهه". وأضاف الأمير سلطان رداً على طلب الفلسطينيين ضمانات لحضور لقاء لندن: "لا أعتقد هذا لأن أي اجتماع مفتوح يتطلب وفاقاً، والضمانات تأتي بعد توقيع الاتفاق". ورافق الرئيس الفلسطيني في زيارته للسعودية أمين سر اللجنة التنفيذية عضو اللجنة المركزية لفتح محمود عباس أبو مازن، ووزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث، والأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم. وأدى عرفات مناسك العمرة وزار المسجد النبوي الشريف قبل مغادرته السعودية. والتقى الرئيس الفلسطيني الليلة الماضية الزعيم الروحي لپ"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ أحمد ياسين وعبر الزعيم الروحي ل "حماس" عشية مغادرته السعودية إلى الدوحة في مستهل جولة تقوده إلى عواصم عربية وإسلامية عدة، عن شكره وتقديره لحكومة المملكة العربية السعودية وشعبها لما وجده من رعاية واهتمام قال إنه لم يجد مثله في مكان آخر. وأضاف في تصريح إلى "الحياة" انه وجد في كبار المسؤولين والأمراء الذين التقاهم "موقف العظمة ورأيت فيهم شموخ العروبة وعظمة الإسلام عندما يعلنون تأييدهم ونصرتهم لقضيتنا". وأمضى الشيخ ياسين نحو شهرين في السعودية، أدى خلالهما فريضة الحج وتلقى العلاج في مستشفى الملك خالد التابع للحرس الوطني، الأمر الذي انعكس تحسناً ملحوظاً في صحته مكنه من أداء شعائر الحج وزيارة المسجد النبوي الشريف. كما لبى خلال الأيام الأخيرة دعوات وجهها إليه عدد من أعيان ورجال الأعمال في مدينة جدة لحضور لقاءات تحدث فيها بصوت واضح عن واقع قضية شعبه الفلسطيني وحركته الإسلامية. ويغادر الشيخ اليوم إلى العاصمة القطرية الدوحة وبعدها إلى الكويت ثم إلى طهران وبعدئذ إلى دمشق وعمّان في جولة تستغرق أسابيع عدة قد توصله إلى باكستان وماليزيا أيضاً. وقال الشيخ ياسين إنه سمع "كلاماً طيباً من خادم الحرمين الشريفين ونائبه سمو الأمير عبدالله، ووجدت عندهما النصرة والتأييد ما أشعرنا بالاطمئنان اننا لسنا وحدنا نواجه الصهاينة". وكرر الشيخ ياسين في احتفال اقيم له أمس في جدة في منزل رجل الأعمال السعودي السيد عبدالقادر حافظ شكره للقيادة السعودية وتحدث عن الخدمات التي شهدها في الحج، وقال: "لم نشهد من يهتم بأمر المسلمين والحجاج مثلما شهدت في هذا الحج بالخير، فلا يفعل ذلك إلا من أراد رضا الله عز وجل". وقال إن حركة "حماس" تقوم على سياسة عدم التدخل في شؤون الدول العربية "من ساعدنا شكرناه ومن لم يساعد عذرناه". وأكد رفض الحركة اتهام السلطة الوطنية الفلسطينية لبعض أفراد "كتائب عزالدين القسام"، الجناح العسكري ل "حماس" باغتيال رفيق لهم هو المهندس محيي الدين الشريف، قائلاً: "هذه رواية واهية وأبناء حماس اخوان في خندق واحد توجهوا إلى الله فلا يمكن ان يقتتلوا، بل أنه لا يوجد ما يقتتلون عليه". غير أنه اعلن بوضوح رفض الحركة التام الدخول في مواجهة مع السلطة الوطنية، وقال: "لقد حرّمنا الدم الفلسطيني، وجميع ابناء حماس والشعب الفلسطيني يعلمون ذلك، ومن هو على خطنا يلتزم بذلك". وقال إن حصول أدنى اقتتال بين أبناء الشعب الواحد "يفتح الباب للعملاء الذين يريدون ان تقع مجازر بيننا". وقال: "إذا اغتيل مسؤول فلسطيني وقيل إن حماس خلف العملية، فلا تصدقوا ذلك، فإنها جريمة من فعل العملاء. أما حماس فلن ترفع السلاح ضد فلسطيني مهما استفزت وبرغم التجاوزات الواقعة عليها".