يبدو ان الصحف المصرية الرسمية فضلت ان تتحول من سياسة الدفاع الى الهجوم ومن ردود الفعل الى الفعل في شأن الحديث عن السياسات الاميركية تجاه مصر. واذا كان الاعلام المصري الرسمي اعتاد على التصدي للحملات الاميركية التي تظهر على فترات اثناء تبني مصر موقفاً مخالفاً لمواقف الولاياتالمتحدة تجاه القضايا الدولية والاقليمية، فإن ردود الفعل تجاه الحديث المتداول في الولاياتالمتحدة حول تعرض الاقباط المصريين للاضطهاد والذي وصل الى حد قيام لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس بإقرار مشروع قانون الاضطهاد الديني الذي يضع مصر بين دول عدة تتعرض فيها الاقليات للاضطهاد، وكذلك التحذير الذي اصدرته الخارجية الاميركية اخيراً للرعايا الاميركيين بتوخي الحذر اثناء وجودهم في مصر بعد وصول معلومات عن عمليات ارهابية متوقعة ضدهم اثار غضب المصريين الى درجة جعلت الاعلام المصري ينتقل من استراتيجية الدفاع التي تعتمد على تفنيد الادعاءات والمزاعم وتوضح الصورة الى الهجوم المباشر على السياسة الاميركية في مختلف المجالات. وربما كان طبيعياً ان تحوي الصحف المصرية انتقادات للادارة الاميركية في شأن تعاطيها مع قضية السلام في الشرق الاوسط، غير ان العناوين التي خرجت بها صحيفة "الجمهورية" امس لمقال سمير رجب فاقت في حدتها اي هجوم سابق من جانب الصحافيين المصريين ضد الادارة الاميركية. فالعناوين جاءت كالتالي "فليفكر الاميركان جيدا قبل ان يلقوا مواطناً مصرياً واحداً بحجر"، و"هذه الغضبة الشعبية العارمة هل تكون درساً جيداً لهم"، و"تنبهوا واعلموا جيدا: أبداً لن نحني هامتنا وسوف نستمر في دعم اقتصادنا بكل ما اوتينا من قوة". ووصف رجب في مقاله التحذير الاميركي بأنه "مشبوه"، واشار الى ان شعوراً بالدهشة والاستياء معاً ساد الشعب المصري جراء التحذير المذكور. وقال "اخطأت واشنطن خطأ فادحا لانها تعاملت مع كل الحقائق الواضحة وضوح الشمس اما بسطحية او بجهل او لامبالاة وكلها عوامل نقص تسيء اليها اساءة بالغة، ولاحظ ان التحذير "تزامن في توقيته مع الحملة التي شنها بعض اعضاء احدى اللجان الفرعية في الكونغرس الذين نصّبوا انفسهم مدافعين عن الاقباط في مصر". وفي لهجة تحذيرية اضاف رجب "ارجو ان تكون الولاياتالمتحدة تعلمت من هذه السقطة التي وقعت فيها اشياء جديدة عن الشعب المصري ظلت قطعاً خافية عليه فترة طويلة من الزمان مما يفرض عليها ضرورة التفكير الف مرة ومرة بل ان تلقي ابناً من ابناء هذا الشعب بحجر". ولم يقتصر الامر في "الجمهورية" على الحديث عن موضوع التحذير والاقباط فرئيس تحرير الصحيفة السيد محفوظ الانصاري تناول الجولة الاخيرة للرئيس الاميركي بيل كلينتون في افريقيا، وخلص الى انه "لم يقدم للافارقة شيئا ملموسا يخرج القارة من فقرها والمستوى المتدني الذي يعيشه اهلها"، مشيرا الى انه "اكتفى بالمساعدة السلبية التي تتعلق بتثبيت انظمة الحكم الموالية والمتفاهمة مع اميركا من خلال اسلحة قمع وسيطرة، كما اكتفى بإلقاء المحاضرات او الدروس والمواعظ عن الديموقراطية والليبرالية الاقتصادية وفتح الابواب والاسواق".