هاجم السيد قمرالدين خربان، وهو من الاعضاء المؤسسين للجبهة الاسلامية للانقاذ، الهدنة التي اعلنها "الجيش الاسلامي للانقاذ". واعتبر في مقابلة مع "الحياة" أمس، ان الهدنة تُمثّل "انقلاب عسكريي الجبهة على قيادتها السياسية". وفي ما يأتي نص المقابلة: ما رأيك في الهدنة؟ - ان ما يسمى هدنة انما هو بالأحرى وقف للنار من جانب واحد اعلنه الجيش الاسلامي للانقاذ. ولنتذكر الظروف التي جاء فيها هذا الاعلان لندرك اسباب رفضه من القيادات السياسية للجبهة ما عدا السيد رابح كبير. إذ كان الجميع يطالب الشيخ عباسي مدني، بعد الافراج عنه في تموز/ يوليو 1997، بالعمل على وقف النزف الدموي. فسارع الشيخ، في خطوة اولى، الى الاتصال بفصائل المجاهدين للطلب منها الاستعداد للاستجابة للهدنة اذا وجّه نداء بهذا الشأن. وبعد موافقة الفصائل الجهادية وجميع القيادات السياسية داخل الجبهة على هذه المبادرة، شرع الشيخ عباسي في الخطوة الثانية وهي ابرام هدنة مع النظام بحضور جانب اجنبي لضمان تنفيذ الاتفاق رسالة الشيخ عباسي الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان. وفي الوقت الذي وضع الشيخ عباسي أرضية للاتفاق، تمت اعادته الى السجن مرة أخرى. وهذا دليل على ان النظام كان يريد فقط المخادعة وليس صلحاً حقيقياً. ووسط استياء الرأي العام الداخلي والخارجي، نفاجأ باعلان الاخ مدني مزراق أمير "جيش الانقاذ" الهدنة. فالأمر كان جلياً: انه انقلاب عسكريي الجبهة على قيادتها السياسية. ان الهدنة التي كانت الورقة الاساسية في يد الشيوخ نزعها منهم الجيش الاسلامي للانقاذ. ان الشيوخ سيبقون في السجون ما لم تنته هذه الهدنة الهزلية. لقد استطاعت الاستخبارات الجزائرية بمكر ودهاء ان تتخلص من القيادة التاريخية للجبهة بواسطة ابنائها. هذا سبب لرفضنا الهدنة. وثمة سبب ثانٍ يتعلق بمن استفاد من الهدنة الى يومنا هذا. الجواب: ان المستفيد الوحيد هو النظام في الجزائر. لقد اتصل بي الشيخ أحمد بن عيشة أمير منطقة الغرب في "الانقاذ" في رمضان الماضي ليناقشني في الهدنة، فسألته: ماذا حققتم منها؟ فاجابني : سترى. قبل نهاية شهر رمضان سيُطلق سراح الشيخ عباسي مدني ويُسمح بزيارة الشيخ علي بن حاج. قلت له: لنجعل مهلة هذا الامر ثلاثة اشهر وليس نهاية رمضان. وكما توقعنا لم يحدث شيء، خصوصاً اذا صح ان الاتفاق على الهدنة مدته خمس سنوات. باختصار نقولها صراحة: ان هذه الهدنة انقلاب على الشيوخ واستسلام للنظام. إذ اتاحت الفرصة للجيش الجزائري النظامي لكي يحصي، بكل حرية، عدد المجاهدين واماكنهم ثم محاصرتهم بالميليشيات. أما القرى التي ترفض تنفيذ المخطط فتُرتكب فيها المجازر ويُسلّح اهلها وتتشكل فيها الميليشيات. رسالة عباسي ماذا عن رسالة الشيخ عباسي مدني الى الجماعات المسلحة، وهل هي واضحة في تأييد الهدنة او رفضها؟ - ان رسالة الشيخ عباسي واضحة. انها تُطالب الفصائل الجهادية بالاستعداد للاستجابة اذا وجه نداء الى الهدنة. اذا وجه هو النداء وليس غيره. وقد وضع الشيخ عباسي معالم هذه الهدنة في رسالته إذ قال انها تتم "باكرم الطرق وأصح المناهج واسلم المراحل الاجرائية". وفي آخر الرسالة، الامر أكثر وضوحاً، إذ قال: ارجوكم عدم اتخاذ اي موقف سياسي قبل الاستشارة لا في الداخل ولا في الخارج. اذن لو لم يعلن "الجيش الاسلامي" الهدنة لكان النظام اُجبر على اطلاق الشيخين وابرام اتفاق حقيقي مع الجبهة. لكن للاسف، الذي يطيل بقاء الشيخين في السجن ويطيل عمر الازمة هو هذه الهدنة التي استدرجت قيادة المخابرات "جيش الانقاذ" اليها. ان الذي يبرئ النظام من المجازر يقصد "جيش الانقاذ" علماً انه الطرف نفسه الذي كان ارسل شريط فيديو يُظهر فيها مجازر النظام ضد الشعب، ثم يقول ان الحل هو بالعودة الى وثيقة أول نوفمبر بعدما كان يدعو الى اقامة الدولة الاسلامية، فانه يستطيع بالطبع القول ان رسالة الشيخ عباسي توافق على هذه الهدنة. وماذا عن موقف القيادة السياسية للانقاذ؟ - كنا نظن في البداية ان الاخوة المفرج عنهم اي عبدالقادر حشاني وكمال قمازي وعبدالقادر بوخمخم وعلي جدي ونورالدين شيقارة، موافقون على الهدنة خصوصاً بعد البيان الذي صدر عنهم. ولكن بعد شهر او شهرين من الهدنة، اعلن هؤلاء، في اتصالاتهم مع الاخوة في الخارج، براءتهم من الهدنة، حتى ان بعضهم وصفها بانها خدعة من النظام. هذا في الداخل، أما في الخارج فان الاخ رابح كبير هو الوحيد الذي يوافق على هذه الهدنة. والباقون موقفهم معروف: انهم لا يوافقون على الهدنة، ومنهم الاخ موسى كراوش وعبدالله أنس وأحمد الزاوي وجمال لونيسي وأنور هدام.