أكد الشيخ أحمد بن عيشة، الرجل الثاني في "الجيش الاسلامي للانقاذ"، الجناح المسلح للجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة، وجود اتصالات مع الحكم الجزائري، على رغم النفي الرسمي لذلك. وأقر بان هذه الاتصالات محصورة ب "الجانب الامني". وقال بن عيشة في مقابلة مع "الحياة"، هي الاولى له منذ الهدنة في ايلول سبتمبر 1997، ان القيادة السياسية ل "الانقاذ" بما فيها الشيخ عباسي مدني، موافقة على الهدنة. وأرسلت "الحياة" اسئلة الاسبوع الماضي الى بن عيشة، "أمير" منطقة غرب الجزائر في "جيش الانقاذ"، عبر نشرة "السبيل" التي تصدر عن أنصار "الانقاذ" في بريطانيا، وحصلت على أجوبته، مكتوبة بخط اليد، عبرها ايضاً. وتميّزت أجوبته بكثير من التحفظ تمثّل في امتناعه عن اتهام اي جهة بالوقوف وراء المجازر، واعتباره ان الحل للازمة يكمن في العودة الى بيان أول نوفمبر تشرين الثاني 1954 الذي اعلن بدء ثورة جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. وفي ما يأتي نص الحوار: ماذا حققت الهدنة التي اعلنها "الجيش الاسلامي للانقاذ" منذ اعلانها في تشرين الاول اكتوبر 1997؟ - حققت الهدنة حتى الآن مجموعة من المصالح التي نعتبرها شرعية، منها: 1- عودة الأمل الى الشعب الجزائري بقرب عودة السلم الى البلد. 2- حققت قدرة الجزائريين في امكان وجود حل لمشاكلهم من داخل الجزائر. 3- حققت ايضاً تعميقاً لصدقية الجيش الاسلامي وقدرته على الدفاع بكل صدق عن اختيارات الامة. 4- بيّنت هذه الهدنة المجرمين الحقيقيين في هذا البلد منذ انقلاب 1991. أثارت الهدنة منذ اعلانها تساؤلات في اوساط الاسلاميين. إذ عارضها بعضهم وأيدها بعض آخر. فما هو تقويمكم لوضع الهدنة داخل التيار الاسلامي المسلح؟ - الحمد لله ان غالبية الكتائب الجهادية الحرة ادركت في فترة وجيزة المصلحة الشرعية من هذه الهدنة. ولذلك ما زالت بيانات الموافقة على هذه الهدنة متتالية. يُقال ايضاً ان الهدنة لم تلق قبولاً في اوساط بعض قادة الجناح السياسي ل "الانقاذ"، وان للشيخ عباسي مدني والشيخ عبدالقادر حشاني تحفظات عنها. فهل تؤيد القيادة السياسية ل "الانقاذ" هدنة الجناح المسلح. - ان المصلحة الشرعية من وراء الهدنة التي اعلنها الجيش الاسلامي للانقاذ كانت وما تزال قناعة لدى كل الخيرين من ابناء هذا الشعب وعلى رأسهم شيوخ الجبهة الاسلامية للانقاذ. وخير دليل على ذلك رسائل الشيخ عباسي مدني الينا وبيان شيوخ الجبهة المفرج عنهم. نفت الحكومة الجزائرية في أكثر من مرة ان تكون السلطة الجزائرية تفاوضت او أجرت إتصالات مع "جيش الانقاذ" لاعلان الهدنة. فما هو ردكم على هذا النفي، وهل تحصل اتصالات بالفعل بين الجيش الجزائري و"جيش الانقاذ"؟ وفي حال كان الجواب بتأكيد وجود الاتصالات، هل يمكن ان نستنتج ان ثمة خلافاً داخل السلطة حيال التعاطي مع "الانقاذ"؟ - ان بيان الجيش الاسلامي للانقاذ المؤرخ في 21 ايلول سبتمبر 1997 الذي نُشر في وسائل الاعلام الرسمية لدليل قاطع على وجود اتصالات بين قيادته والسلطة. أما في ما يخص الجزء الثاني من السؤال فالذي اعتقده هو ان لا فرق بين الجناح السياسي والجناح العسكري في مثل هذه القضايا المصيرية. والذي يريد السير ضد هذه القناعة - العودة الى السلم - سيتجاوزه الشعب الجزائري. بالنسبة الى الوضع الامني، حصلت قبل في بداية شهر رمضان الماضي مجازر مهولة في ولاية غليزان. فهل يمكن ان نعرف من وراء هذه المجازر، خصوصاً ان بعض المعلومات افاد ان كتيبة من "الجماعة الاسلامية المسلحة" هي من نفّذها؟ - اعتقد ان الذي يقف وراء هذه المجازر، بغض النظر عن الاسماء والعناوين، هم اعداء الانتصارات التي حققها الشعب الجزائري المسلم في الانتخابات التشريعية عام 1991، وكذلك اعداء السلم الذي أصبح مطلب كل الخيرين داخل الجزائر وخارجها. تردد ان مواجهات حصلت بين "جيش الانقاذ" و"الجماعة الاسلامية المسلحة" في غرب الجزائر. فما هي حقيقة العلاقة بينكم وبين هذه الجماعة؟ - ان موقفنا من الجماعات الاسلامية المسلحة الموجودة في الساحة محددٌ بالشرع حيث النصح والتقويم عند الخطأ والتجاوز. تتهم اوساط عديدة السلطات الجزائرية بالوقوف وراء العديد من المجازر التي تشهدها البلاد، وهو إتهام تنفيه الحكومة. فهل تعتقدون حقاً ان الجيش الجزائري متورط في المجازر؟ - نحن من خلال هذه الهدنة نسعى الى الوصول الى الحقائق المجهولة في هذا الصراع الدائر في الجزائر والتي ستكشفها الايام. يتردد ان المفاوضات بين الجيش الاسلامي والسلطة تتعلق بالجانب الامني فقط وتستبعد الجانب السياسي. فما حقيقة ذلك؟ - ان كان كذلك فهو مرحلي فقط يدخل في استراتيجية عامة لحل الازمة الجزائرية من منطلق وقف النزف الدموي اولاً ثم تلي ذلك المجالات الاخرى. تقول السلطة واوساط سياسية ان الجبهة الاسلامية للانقاذ فقدت شعبيتها وان انصارها توزعوا بين الاحزاب الشرعية الموجودة في الساحة، وبالتالي لم يعد لها وجود فعلي في الساحة. فما ردكم؟ - ان الحكم في ذلك سابق لاوانه، ونترك الكلمة للصناديق الاقتراع عندما يُفتح المجال امام حرية الاختيار في هذا البلد. وما هو تصوركم للحل في المستقبل؟ - الحل الذي نتصوره هو العودة الى وثيقة أول نوفمبر 1954 التي جمعتنا في مثل هذه الظروف.