تواصلت المواجهات أمس لليوم الثالث بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في مدينتي الخليل وبيت لحم وبلدة بني نعيم احتجاجاً على مقتل ثلاثة عمال فلسطينيين الثلثاء على أيدي جنود إسرائيليين عند حاجز ترقوميا. وأدت مواجهات أمس إلى إصابة نحو 40 فلسطينياً من المتظاهرين بجروح. وجاء تصعيد المواجهات وسط موجة استنكار شديدة لقرار إسرائيل اطلاق جنودها الذين قتلوا العمال الفلسطينيين الثلاثة. وشددت السلطات الإسرائيلية "تدابيرها الأمنية" في مدينة القدسالمحتلة تحسباً لاندلاع مواجهات في أعقاب صلاة الجمعة اليوم. وسجلت أعنف المواجهات في مدينتي الخليل وبيت لحم حيث اصيب طفل بعيارات نارية ضمن عشرات تعرضوا لاطلاق النار. واستخدم الإسرائيليون المتمركزون في محيط مسجد بلال بن رباح الذي حولته إسرائيل "قبر راحيل" في المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم سيارات المواطنين دروعاً واقية من الحجارة التي ألقاها الشبان باتجاههم. وقال شهود إن الجنود اطلقوا وابلاً من العيارات النارية والقنابل المسيلة للدموع على مسيرة حاشدة دعا إليها اتحاد النقابات العمالية في المدينة أمس حيث اصيب خمسة فلسطينيين بجروح طفيفة. واندلعت المواجهات داخل البلدة القديمة في مدينة الخليل حيث توجد بؤرة استيطانية يهودية. وقالت مصادر إسرائيلية إن الفلسطينيين ألقوا ثلاث قنابل يدوية وثلاثين قنبلة حارقة مولوتوف في اتجاه الجنود، إلا أن أياً لم يصب. واشتدت المواجهات بعد تنظيم المستوطنين اليهود في البلدة مسيرة احتفالية ب "عيد المساخر" بوريم انطلاقاً من حي تل الرميدة الذي يحتلونه إلى الحرم الإبراهيمي. وقال شهود في الخليل إن عشرات الشبان الفلسطينيين أمطروا حواجز الجنود الإسرائيليين بالحجارة والزجاجات الحارقة عند الخط الفاصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية وبين الجيب الذي يقع تحت السيطرة الإسرائيلية. ورد الجنود الإسرائيليون باطلاق عيارات مطاط وقنابل مسيلة للدموع. وقالت مصادر في مستشفيات فلسطينية إن 15 شخصاً اصيبوا، بينهم فتاتان كانتا تمران في منطقة المواجهات، اصيبت الأولى في الرأس والثانية في البطن. كما اصيب مصور صحافي فلسطيني بجروح طفيفة. إلى ذلك، أطلق مستوطن النار على شاب فلسطيني في دوراً قررب الخليل، وأصابه بجروح خطيرة في الظهر. وكان الشاب البالغ 17 عاماً يقف على شرفة منزله، عندما تعرض لاطلاق النار من المستوطن الذي راح يطلق النار عشوائياً. وتوجه قائد المنطقة الوسطى عوزي دايان إلى الخليل أمس، وعقد مؤتمراً صحافياً بعدما تجول في المدينة، وقال إن الجنود الإسرائيليين تصرفوا كما يجب عند حاجز ترقوميا. ورفض الاجابة عما إذا كانوا سيقدمون للمحاكمة. وأكد أن الجيش الإسرائيلي مستعد لكل الاحتمالات اليوم الجمعة. وقال: "لا أحد يستطيع التنبؤ بما سيحصل، ونحن على استعداد للمحافظة على الأمن". وامتدت الصدامات إلى بلدة بني نعيم ومخيمي العروب والفوار لللاجئين الفلسطينيين في منطقة الخليل، حيث اصيب 17 من الطلاب المتظاهرين. واطلقت إسرائيل الجنود الثلاثة الذين اعتقلوا في أعقاب حادث القتل عند حاجز ترقوميا قبل الاعلان عن نتائج التحقيق التي قال الجيش الإسرائيلي إنه باشر باجرائه. وأكد قائد القوة العسكرية التي تمركزت قرب الحاجز ان الجنود "تصرفوا طبقاً للأوامر"، وجاء قرار اطلاق الجنود في أعقاب الانتقادات التي وجهها عدد من قادة الجيش الإسرائيلي لعملية اعتقالهم. واستنكر أهالي العمال الثلاثة الذين قتلوا في حادث اطلاق النار قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرين إلى أن "دماء الشهداء لم تجف بعد". وقال سمير أبو زنيد من عائلة العامل عدنان أبو زنيد إن اطلاق الجنود يفند ادعاءات الحكومة الإسرائيلية بأنها تقوم بالتحقيق في ملابسات الحادث. واستغرب "قرار اطلاق المعتدين الذين قتلوا بدم بارد عمالاً عزل من السلاح أثناء عودتهم إلى منازلهم". وفي وسط الضفة الغربية، عززت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قواتها داخل البلدة القديمة في القدسالمحتلة وفي محيط الحرم القدسي، فيما أعلن عن منع الفلسطينيين من باقي الضفة الغربية من دخول المدينة لأداء صلاة الجمعة تحسباً لوقوع مواجهات بين الجنود الإسرائيليين والمواطنين الفلسطينيين. واستنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين القرار الإسرائيلي، وقال إن إسرائيل، وكالعادة، تجعل الضحية يدفع الثمن. وشهد مخيم شعفاط شمال القدس مزيداً من الصدامات مع الجنود الإسرائيليين الذين فرقوا المتظاهرين باطلاق العيارات المطاط والقنابل المسيلة للدموع. واصيب مستوطن إسرائيلي أمس بجروح طفيفة في أعقاب رشق سيارته بالحجارة في مدينة البيرة أمس في طريقه إلى مستوطنة بسغوت ولا يزال التوتر يخيم على صناع القرار في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خشية مضاعفات المواجهات مع الفلسطينيين، واوقفت إسرائيل عمل الدوريات الفلسطينية - الإسرائيلية المشتركة في مدينة نابلس، فيما طلب من الطلاب اليهود الامتناع عن زيارة قبر النبي يوسف في المدينة في الأيام القليلة المقبلة. وكان محيط قبر يوسف شهد أعنف الاشتباكات المسلحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أحداث النفق في أيلول سبتمبر 1996 حيث قتل ستة جنود إسرائيليين بعدما تمت محاصرتهم. ودعا قائد قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة الخليل الفلسطينيين إلى "ضبط النفس". وقال في تصريحات صحافية أمس إن استمرار أعمال العنف منوط بمدى ضبط النفس عند الجنود وعند الفلسطينيين، إلا أنه حذر قائلاً: "إن ضبط النفس عند الجنود الإسرائيليين لن يكون على حساب سلامتهم وأمنهم".