اجرت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت امس محادثات مع ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز في روضة خريم خارج الرياض. وتركزت المحادثات التي حضرها الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي على الوضع في العراق. وكانت اولبرايت وصلت الى الرياض من الكويت حيث اجرت محادثات مع كبار المسؤولين وحصلت على دعم كويتي للموقف الاميركي من العراق. وفي حين اعلن الكرملين ان الرئيس صدام حسين قدم تنازلات الى الاممالمتحدة وانه مستعد للسماح بتفتيش ثمانية قصور رئاسية وبعودة رئيس اللجنة الخاصة لنزع اسلحة الدمار ريتشارد بتلر الى العراق للقيام بهذه المهمة، اعتبرت واشنطن ان ما يقترحه العراق "ليس حلاً". وأكدت ان نافذة الحل الديبلوماسي قريبة من ان تغلق لكنها لم توصد بعد. لكن مسؤولاً في وزارة الخارجية العراقية نفى امس أ ف ب ان تكون بلاده وافقت على تفتيش ثمانية "مواقع رئاسية" كما اكد الكرملين. ورافق اعلان موسكو عن تحقيق تقدم مع بغداد، توجه مبعوث فرنسي الى العاصمة العراقية حاملاً رسالة من الرئيس صدام حسين. وأعلن رسمياً في القاهرة ان الرئيس حسني مبارك اتصل بپ13 رئيس دولة عربية من اجل تبني موقف "ايجابي مشترك" في الازمة بين العراق والأمم المتحدة. وتستعد القاهرة لاستقبال وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف، فيما سيتوجه الى بغداد قريباً الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد. راجع ص5 وأذيع رسمياً ان الرئيس المصري اتصل بكل من الملك حسين والملك الحسن الثاني والسلطان قابوس والشيخ جابر الاحمد امير الكويت والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البحرين والرئيس حافظ الأسد والرئيس علي عبدالله صالح والامير عبدالله بن عبدالعزيز والعقيد معمر القذافي والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والرئيس اليمين زروال والرئيس زين العابدين بن علي. ورحبت الولاياتالمتحدة وبريطانيا باقتراح الامين العام للأمم المتحدة زيادة كمية النفط المسموح لبغداد بيعها لتغطية الحاجات الانسانية الملحة في العراق. لكن العراق اعرب عن بعض التحفظات عن وسائل توزيع العائدات. وقال كوفي انان ان مبلغ 5.2 بليون دولار الذي اقترحه قد يقلص مستقبلاً بعد فترة الاشهر الستة الأولى وذلك لأن جزءاً من هذا المبلغ خُصّص لمعالجة البنية التحتية مثل المياه والكهرباء. وفي واشنطن، أعلن وزير الدفاع وليم كوهين امس ان الاقتراح العراقي بفتح عدد من المواقع الرئاسية امام المفتشين الدوليين والذي نقلته روسيا الى الولاياتالمتحدة لا يشكل الحل المطلوب للأزمة الراهنة مع بغداد. لكنه اوضح ان الادارة ستدرس هذا الاقتراح. وجاءت تصريحات كوهين وسط انباء عن تحركات ديبلوماسية واسعة لإيجاد حل سلمي للأزمة ومنها اتصال الرئيس الروسي بوريس يلتسن بالرئيس بيل كلينتون للبحث في تطورات الازمة. وصرح مسؤول في الادارة الاميركية بأن "نافذة" التوصل الى حل سلمي مع العراق "قد بدأت تنغلق لكنها لم توصد حتى الآن". وأعرب الوزير كوهين الذي سيبدأ الاحد المقبل جولة تشمل عدداً من الدول الاوروبية والخليجية عن قلقه من تسييس قضية مفتشي لجنة اونسكوم. وقال ان اي مسعى للتسييس اضافة اعضاء غير خبراء الى اللجنة الدولية سيؤدي الى تقويض عملية التفتيش الدولي. وتوقع كوهين ان تدعم دول الخليج الولاياتالمتحدة اذا قررت استخدام الخيار العسكري. لكنه اشار الى ان الادارة لم تتخذ حتى الآن اي قرار باستخدام القوة. وزاد ان افضل حل للأزمة هو السماح للمفتشين الدوليين بالعمل بحرية وزيارة المواقع. وان افضل وسيلة للوصول الى ذلك هو تماسك اعضاء مجلس الأمن "ونعتقد ان لدينا كل الصلاحيات الضرورية لاستخدام القوة العسكرية اذا اقتضى الأمر...". وكرر ان هدف السياسة الاميركية "ليس استهداف صدام حسين بل الحد من قدراته على تصنيع وإعادة بناء اسلحة الدمار الشامل وتهديد جيرانه". ورفض كوهين التعليق مباشرة على ما اذا كانت واشنطن ستستخدم السلاح النووي للرد على اي هجوم عراقي بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية. وقال "لم تتبدل سياستنا وسبق للرئيس جورج بوش قبل الرئيس كلينتون ان اعلن ان اي لجوء عراقي للاسلحة البيولوجية والكيماوية ضدنا او ضد حلفائنا، سيواجه برد قوي ومدمّر". أنان وفي نيويورك، عرض الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان جهوده الحميدة لمحاولة تجنب تصعيد عسكري في الأزمة العراقية، وقال رداً على سؤال ل "الحياة" خلال مؤتمر صحافي عقده أمس ان دوره الشخصي تقرره الجهود الديبلوماسية الروسية والفرنسية والتركية وفي ضوئها يقرر هل سيحاول أن يشمل العراق في زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط الأسبوع المقبل. وحض أنان مجلس الأمن على استهلاك الخيار الديبلوماسي والسياسي قبل اللجوء إلى الخيار العسكري في العراق، لكنه حمل في الوقت ذاته الحكومة العراقية مسؤولية اتجاه الأمور إلى الخانة العسكرية. واعتبر ان "التوتر المتزايد يسببه رفض العراق الامتثال للقرار 678". وتابع: "على القيادة العراقية أن تفهم" ان الضوء في نهاية النفق يتطلب امتثال العراق الكامل لقرارات مجلس الأمن. وأضاف: "ان فشل الديبلوماسية تترتب عليه مخاطر جولة أخرى مدمرة" أبعادها خطيرة على العراق والمنطقة. وزاد: "نأمل بأن يصغي الرئيس صدام حسين إلى رسائل المبعوثين الرفيعي المستوى" من روسياوفرنساوتركيا "من أجل الشعب العراقي"، ومن أجل "تجنب مواجهة عسكرية أخرى شعبه ليس في حاجة إليها والمنطقة ككل ليست في حاجة إليها". واعتبر أنان ان لدى الولاياتالمتحدة الصلاحية لاستخدام القوة العسكرية، إلا أنه ركز على الرغبة في استمرار الموقف الموحد لاعضاء مجلس الأمن. وأشار إلى استمرار المشاورات. وقال: "من الأفضل الحصول على صلاحية من مجلس الأمن للقيام بعمل عسكري". وشدد على ضرورة دخول فرق التفتيش كل المواقع في العراق بلا شروط مسبقة. وقال: "لا اعتقد ان الهدف هو السماح للرئيس العراقي ان يقرر أياً من القصور الرئاسية تدخلها" فرق التفتيش. وتساءل لماذا ثمانية من القصور فقط وليس البقية؟ وأشار إلى جهود تركيا الرامية إلى ايفاد مبعوثين من الدول المجاورة إلى العراق لاقناع القيادة بالامتثال للقرارات. وقال إنه شخصياً سبق وحاول الاتصال بالرئيس العراقي هاتفياً، ولم ينجح في الوصول إليه. وفي باريس، اعتبرت فرنسا أن الموقف العراقي الحالي الذي يرفض فتح المواقع الرئاسية أمام اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة مرفوض وغير مفهوم وتعتبر أنه من الضروري أن يفتح العراق هذه المواقع أمام خبراء اللجنة من أجل حل سلمي. وهذا ما أكده الرئيس جاك شيراك في رسالة خطية حملها برتران دوفورك الامين العام لوزارة الخارجية الفرنسية الى الرئيس صدام حسين وهذه المرة الاولى منذ اندلاع حرب الخليج التي يوجه فيها رئيس فرنسي رسالة خطية الى نظيره صدام حسين. جهود شيراك ويتابع الرئيس الفرنسي شخصياً الأزمة مع العراق مع وزير خارجيته هوبير فيدرين. وكانت محادثات وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت في باريس مع وزير الخارجية الفرنسي ومستشاري الرئيس جان دافيد ليفيت وبرنار ايمييه صباح الجمعة تناولت الازمة العراقية مطولا. وكانت اولبرايت طلبت مقابلة الرئيس الفرنسي الذي كان مشغولاً في الموعد الذي طلبته فاقتصرت محادثاتها على مستشاريه. ونصّ الموقف الفرنسي الذي عرضه كل من وزير الخارجية ومستشاري الرئيس على أن النتائج التي توصلت اليها اللجنة الخاصة لنزع السلاح خلال سبع سنوات بالنسبة إلى تدمير السلاح النووي والباليستي في العراق أفضل بكثير مما أنجزته حرب الخليج وأن اعمال التفتيش التي قامت بها اللجنة الخاصة وأدت إلى التخلّص من معظم السلاح النووي والباليستي جعل الوكالة الدولية للطاقة النووية على وشك التوصل الى نتيجة مفادها ان العراق لم يعد يملك سلاحا نووياً وباليستياً. ولكن لا تزال هناك أسلحة بيولوجية، وأنه في حال ضربت الولاياتالمتحدةالعراق، وطرد الرئيس العراقي اللجنة الخاصة، ستكون النتائج سلبية جدا، اضافة الى أن الضربة ستكون قاسية على الشعب العراقي، لأنه في حال ضربت الولاياتالمتحدةالعراق سيعني ذلك انها ستكون ضربة طويلة وقاسية وموجعة وأن الرأي العام العربي سيعتبر ان المجموعة الدولية تعتمد وزنين ومكيالين. قال مصدر فرنسي مطلع ل "الحياة" ان باريس تتطلع الى نجاح المساعي الدبلوماسية، خصوصاً الى قبول الرئيس العراقي فحوى الرسالة التي بعث بها إليه الرئيس الفرنسي لأن الولاياتالمتحدة تعتبر انها مخولة شرعيا وحسب قراري مجلس الامن الرقم 687و688 وغيرهما بالقيام بضربة عسكرية دون الحاجة الى قرار جديد، إذ أنها تعتبر ان تصرّف العراق مع اللجنة الخاصة بمثابة فجوة في القرارات، تعطيها شرعية لضربة عسكرية. لكن المصدر اكد ان الولاياتالمتحدة تريد قبل اللجوء الى هذه الضربة استنفاد المساعي الدبلوماسية، للحصول بعد ذلك على تضامن كامل حول قرار في مجلس الامن يكون رسالة قوية وشديدة اللهجة إلى العراق في حال استمر على موقفه ولم يعدله. وقال المصدر ان في حال رفض العراق تغيير موقفه بالرغم من كل المساعي الدبلوماسية سيعني ذلك ان الاسرة الدولية ستلجأ الى رسالة شديدة اللهجة في قرار جديد في مجلس الامن، وفي حال لجأت الولاياتالمتحدة الى ضربة عسكرية للعراق، فإن فرنسا لن تشارك ولكنها لن تدين. وعن مضمون الرسالة التي وجهها شيراك الى صدام قال المصدر إنها تتضمن حرص فرنسا على عدم تهميش العراق واحترام سيادته وكرامته. وأكد المصدر ان جميع الذين يعتبرهم العراقيون بمثابة مبعوثين غير رسميين من الحكومة الفرنسية مثل الجنرال لاكاز الذي يزور باستمرار العراق هم بمثابة رجال اعمال لا علاقة لهم بأي جهة رسمية في فرنسا وهم يزورون العراق لأغراض وأعمال فقط. ومن جملة الاتصالات التي اجراها الرئيس الفرنسي بالنسبة إلى العراق اتصال مع الرئيس الصيني. وقالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك التقى امس الامين العام لوزارة الخارجية الفرنسية برتران دوفورك الذي يتوجه الى بغداد خلال الساعات المقبلة، وحمله رسالة شديدة اللهجة الى الرئيس العراقي تطالبه بالتعاون مع الاممالمتحدة. وذكرت كولونا ان شيراك كان اتصل هاتفياً صباح أمس بالرئيس الروسي بوريس يلتسين واطلعه على مهمة المبعوث الفرنسي الى بغداد.