من المؤكد والثابت ان التعرض للانفعالات والتوتر العصبي يؤثر ليس فقط في الجهاز العصبي، بل ايضاً في جهاز المناعة وجهاز الغدد الصماء. وقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود علاقة وثيقة واتصال متكامل بين الاجهزة الثلاثة تحت قيادة غرفة التحكم وهي غدة ما تحت الدماغ والغدة النخامية في المخ. والانفعالات تؤثر بشكل مباشر في المناعة والعكس صحيح، وهناك العديد من الامراض والعلل وبالذات تلك التي تنتج وتزيد من الانفعالات والتوتر يمكن فهمها والتحكم بعلاجها بشكل ايسر. واجريت دراسات عدة على كفاءة الجهاز المناعي في الاشخاص المصابين باكتئاب نفسي شديد وفصام عقلي بالمقارنة بأشخاص طبيعيين لا يعانون من اي امراض نفسية. وتبين منها ان هناك انخفاضاً ملحوظاً في عدد الخلايا اللمفاوية التائية المساعدة "T Cells" وهي جوهر الجهاز المناعي. كما وجد ان استجابة هذه الخلايا وكفاءتها تقلان بدرجة ملحوظة حين تهاجمها الميكروبات. وتبين من خلال دراسات اخرى ازدياد نسبة الاصابة بالامراض الخطيرة في الاشخاص المصابين بالاكتئاب العقلي والنفسي عنها في الاشخاص الاصحاء. وجرت دراسات في الاتحاد السوفياتي السابق عن الاشخاص الذي يعيشون بالقرب من مفاعل "تشيرنوبل" الذي انفجر العام 1985 ويعيشون في قلق دائم ومستمر من احتمال تكرار هذه الكارثة. وتبين منها ان هؤلاء الاشخاص تقل كفاءة الجهاز المناعي لديهم ويعانون من خلال في وظائفه نتيجة التوتر الدائم والمستقر الذي يعيشون فيه. والحرمان العاطفي ايضاً من العوامل التي تؤثر في المناعة. وتبين ان الرجال اكثر معاناة وتأثراً من الوحدة والحرمان العاطفي من النساء، واظهرت دراسات طبية ان الرجال الذين فقدوا زوجاتهم قلّت لديهم قدرة الخلايا اللمفاوية والمواد المناعية وقوة جهاز المناعة بشكل عام اكثر من النساء اللاتي فقدن ازواجهن وذلك في خلال شهرين بعد الوفاة. ومن هذا المنطلق يجب على الانسان اذا تقدم به العمر الا يحاول الانعزال عن مجتمعه واصدقائه والعيش وحيداً حتى ولو بعدوا عنه بالفراق او الموت، اذ يجب ان يكوّن علاقات جديدة وصداقات وينعم بحياة اسرية مستقرة مهما بلغ به العمر. وظهر كذلك ان انفعال الامتحان وتوتر الاعصاب قد يؤديان الى زيادة افراز المواد المسببة للحساسية والتهابات الجلد وسقوط الشعر وزيادة الاصابة بالامراض المعدية، وكلها من جراء النقص في كفاءة الجهاز المناعي نتيجة للانفعالات الحادة. ومن اهم النظريات التي لاقت قبولاً واستحساناً في المحافل العلمية خلال السنوات الاخيرة لتفسير اسباب الاصابة بالكثير من الامراض نظرية الشوارد الحرة. والشوارد الحرة هي ذرات الاوكسجين الطليقة الموجودة في الخلية بصورة منفردة في حين يجب ان توجد دائماً بصورة مزدوجة مع ذرة اخرى. ووجود الذرات منفردة يؤثر في خلايا الجهاز المناعي ويقلل من كفاءته بصورة عامة. ان هذه الذرات الطليقة من الاوكسجين تدمر الحامض النووي للخلية وتحدث به الكثير من الطفرات التي تؤدي الى اصابة الانسان بالعديد من الامراض التي لا يعرف لها علاج كالسرطان وضمور الجهاز العصبي وامراض المناعة الذاتية وامراض القلب وتصلب الشرايين والجلطات وغيرها. وتعتمد هذه النظرية ببساطة على ان احتراق الغذاء وتوليد الطاقة تنتج عنهما ذرات حرة من الاوكسجين الذي ينبغي ان يوجد في صورة جزيئية مزدوجة. ووجود ذرات الاوكسجين الحرة طليقة في الخلية هكذا يسبب كل مظاهر التدمير والامراض المذكورة. ومن هذا المنطلق حاول الاطباء استخدام بعض الفيتامينات التي عرف عنها انها من مجموعة موانع الأكسدة لكي تمنع وجود الاوكسجين بهذه الصورة الطليقة المدمرة داخل الخلية. ومن هذه الفيتامينات فيتامين A وفيتامين C وفيتامين E وفعالية هذه الفيتامينات تكمن في انها تقلل او تزيل هذه الشوارد الحرة تماماً