تجري وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت مساء اليوم الأحد محادثات حول عشاء مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، المشاركين في مؤتمر الدول المانحة لمساعدة السلطة الفلسطينية يبدأ اعماله غداً الاثنين، ستتركز على الوضع في منطقة الخليج خصوصاً العراق. وسيشارك في المحادثات الاميركية - الخليجية والتي تجرى قبل اسبوع من انعقاد قمة دول مجلس التعاون في ابو ظبي كل من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والاماراتي راشد عبدالله النعيمي، والقطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، والبحريني الشيخ محمد المبارك آل خليفة والعماني يوسف بن علوي بن عبدالله. وسيمثل الكويت وزير التخطيط السيد عبدالعزيز الدخيل. وتأتي هذه المحادثات وسط استمرار ازمة المفتشين الدوليين التابعين للجنة "اونسكوم" مع العراق - وإن تراجعت حدّتها قليلاً - واستمرار المداولات والمشاورات حول كيفية التعاطي مع نظام الرئيس صدام حسين ودور المعارضة العراقية في هذا الشأن. ولم يفاجأ المراقبون بالعناوين الاخيرة حول مواقف واشنطن، ومنها ربط الادارة بين رفع العقوبات بتغيير النظام في العراق. وتعترف المصادر المطلعة ان هذا الموقف ربما كان السياسة الاميركية علماً بأنه لا يعلن عادة على الملأ. وما يعلن هو انه اذا نفذ العراق قرارات مجلس الأمن وتقيد بنصوصها ومنها التعاون الكامل مع "اونسكوم" وكشف كل برامج اسلحة الدمار الشامل والتعويض للكويت واعادة الاسرى والمعدات فلن يكون امام الولاياتالمتحدة خيار سوى رفع العقوبات الاقتصادية. ووسط الكلام عن العراق والعقوبات ونظام التفتيش والمعارضة كان السؤال المطروح: ما هي سياسة واشنطن الحقيقية تجاه المعارضة العراقية؟ تؤكد المصادر في هذا المجال ان الادارة ترغب جدياً في دعم المعارضة، وان الجديد هو ان صوت التأييد بات عالياً اكثر، خصوصاً بعدما دخل الرئيس كلينتون للمرة الأولى قبل اسبوعين على خط دعم المعارضة والكلام عن الحكم البديل في بغداد خصوصاً بعدما اعلن تراجع العراق وتجميد الخيار العسكري، علماً بأن الوزيرة اولبرايت سبق وتحدثت في هذا الموضوع سابقاً. وتضيف المصادر انه لن يتبدل الكثير في الموقف الاميركي وراء الستار. اذ لا تزال واشنطن تشكك في قدرات المعارضة وتعتبر ان الطريق امامها طويل وان المطلوب قيام عملية طويلة بعيدة المدى تتم خطوة خطوة، وان الپ97 مليون دولار التي امر بها الكونغرس للمعارضة العراقية تبقى موضوعاً استنسابياً للرئيس كلينتون، علماً بأن المبلغ ليس نقدياً يذهب مباشرة الى المعارضة "حساب سحب من المخزون العسكري" الاميركي يمكن اعطاؤه الى المعارضة داخل العراق او خارجه اذا امر الرئيس كلينتون بذلك في وقت ما. لكن مصادر واشنطن لا تزال تشكك في مدى تجاوب الدول الست المحيطة بالعراق مع وجود معارضة عراقية مسلحة اميركياً على اراضيها تعمل لاسقاط النظام في بغداد. وتؤكد المصادر ان الادارة لا تزال تعتقد بوجود صعوبات في العمل مع المعارضة "ولا تبدل في واقع ان المعارضة غير موحدة ولا تغيير في ان للدول الست المحاذية للعراق شكوكاً ولا تغيير في واقع ان الرئيس العراقي هو ديكتاتور ظالم لديه جيش وحرس جمهوري قادر على القضاء على هؤلاء الناس المعارضة". ولا تصرح المصادر بشيء عما لدى المخابرات الاميكرية من نشاطات في هذا المجال، لكنها تشير الى نشاطات علنية مثل الملايين الثمانية المخصصة لدعم المعارضة وتنظيمها ولانشاء اذاعة العراق الحر. وهناك الپ97 مليون دولار من المعدات العسكرية التي يمكن للرئيس الأمر بها او بجزء منها متى وجد ذلك ملائماً وفي الوقت الذي يراه مناسباً. وتقول المصادر ان الخطوة المقبلة للادارة بموجب التشريع هي ان تقدم الى الكونغرس في كانون الثاني يناير المقبل لائحة بأسماء منظمات المعارضة المرشحة للحصول على المساعدات العسكرية. والجدير بالذكر ان المسؤولين الاميركيين لا يزالون يبحثون منذ شهور عن اسم "المنسق" المفترض ان يتعاطى مع المعارضة العراقية، علماً بأن السفير انديك يقوم حالياً بهذه المهمة في انتظار ايجاد الشخص المناسب. وتضيف المصادر ان فرض منع تحرك بري على القوات العراقية في جنوبالعراق يتطلب "التزامات كبيرة من جانب القوات المسلحة الاميركية"، خصوصاً انه من الصعب جداً تنفيذ المنع من الجو فقط "اذ سيكون على القوات الاميركية ان تراقب كل شاحنة عراقية متوجهة الى الجنوب، ناهيك عن صعوبة معرفة ما اذا كانت "هذه الشاحنة حسنة ام سيئة". ويحاول بعض الاوساط الاميركية المقارنة بين حرب في افغانستان ضد الاتحاد السوفياتي سابقاً والوضع العراقي، لكنه يرى ان الفرق شاسع. وتتساءل هذه الاوساط: على افتراض ان هناك مقاومة عراقية قادرة كالمجاهدين الافغان، فأين هي "باكستان المنطقة التي كانت تشكل شريان حياة المقاومة الافغانية؟". وتجيب: "اذهبوا واسألوا الدول المحيطة بالعراق"