«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عالم تحول" بقلم جورج بوش وبرنت سكوكروفت ... الحلقة السابعة . أبلغ 81 عضواً في الكونغرس الرئيس معارضتهم "بالتأكيد لأي عمل عسكري هجومي" . بوش : فليعرف الجميع ان التزامي بخروج صدام من الكويت من دون قيد او شرط يبقى راسخاً
نشر في الحياة يوم 04 - 10 - 1998

في القسم الاول من الفصل ال 16 وعنوانه "ثبات على الطريق" يشرح جورج بوش ان الصحافة بدأت تتهمه بتحويل الازمة مع العراق الى رغبة شخصية في الانتقام من الرئيس العراقي صدام حسين. كذلك كانت هناك مسألة معارضة الكونغرس للحرب وضرورة تشاور الادارة معه في ما اذا كان ينبغي اتخاذ قرار بشن حرب. فضّل الكونغرس اعطاء العقوبات الدولية فرصة للنجاح، وكتب 81 عضواً ديموقراطياً في الكونغرس رسالة الى بوش يقولون فيها "اننا معارضون بالتأكيد لأي عمل عسكري هجومي". وناقش مجلس الامن الاميركي خيارات الادارة، وما اذا كان يجب توجيه انذار الى صدام، وما الذي سيعنيه ذلك. وكان بوش يناقش في غضون ذلك مع مستشاريه التحضيرات العسكرية واختيار الموعد الأفضل لشن الحرب، وسبل تبرير التحضيرات العسكرية للكونغرس والرأي العام.
جورج بوش
بعد معارك الموازنة في الاسابيع السابقة، انتابنا شعور بالفرج تقريباً عندما ارفضَّ الكونغرس في 28 تشرين الاول اكتوبر للتحضير لانتخابات تشرين الثاني نوفمبر. في الاسبوعين الاخيرين من الحملة، تجوّلت في أنحاء البلاد داعياً الى مساندة المرشحين الجمهوريين وملقياً كلمات في حفلات جمع التبرعات. أردتُ ان أُبقي الأزمة خارج نطاق العملية السياسية الداخلية قدر ما امكن، وتعمدت التشديد على الدعم من الحزبين لجهودنا في الخليج. كررتُ المرة تلو المرة مقولة السناتور آرثر فاندنبيرغ بأن "المحازبة يجب ان تقف عند حافة الماء" أي ان لا تنعكس على القضايا الخارجية. مع ذلك فقد كانت هناك اتهامات احياناً من صحافيين مثل ديفيد هوفمان بأنني أُقوّي الضغط على صدام ليتصادف مع الانتخابات كي أُبعد اهتمام الناس عن معركة الموازنة الاخيرة. وجدتُ تلك الفكرة مثيرة للسخط بصورة استثنائية. اذ عنت ضمناً انني كنتُ مستعداً لأن أتلاعب سياسياً بأرواح أبنائنا وبناتنا في الخليج.
تعرضت لمتاعب بسبب تصريحات قوية بخصوص الرهائن، وكانت تلك أيام مقارناتي الكثيرة بين صدام وهتلر. تحدثتُ عن سفارتنا المحاصرة في الكويت كي أُفهم الناس ان هناك تهديداً حقيقياً للتهذيب وتحديات خطيرة للقانون الدولي بالطريقة التي يُعامل بها الرهائن. أدى هذا بكثيرين الى التكهن بأنني سأستخدمهم ذريعة للقيام بعمل. قلتُ في احدى حفلات جمع التبرعات "لقد طفح بي الكيل" بسبب ما كان يحدث لسفارتنا، التي كان يجري تجويعها. سألت "وماذا سأفعل بشأن ذلك؟ فلننتظر لنرى. لأن الكيل طَفَحَ بي بسبب ذلك النوع من المعاملة للاميركيين". كنتُ غاضباً لأن الناس كانوا غارقين في ورطة الموازنة الى حدٍّ بدا معه انهم نسوا الى أي مدى كان الوضع سيئاً.
ولكن لم أكن أحاول تحضير الناس لعمل عسكري، وانما فقط تذكيرهم بما كان يحدث.
برنت سكوكروفت
كان واضحاً ان الرئيس أخذ ينغمس عاطفياً في المعاملة التي كانت تعامل بها الكويت. كان مخلصاً بعمق لكنَّ وَقْعَ بعض كلامه بدا سلبيَّ النتائج الى حد ما، او على الاقل أثار الصحافة - التي بدأت تتهم الرئيس بتحويل الازمة الى رغبة انتقام شخصية من صدام - الأمر الذي عنى الشيء نفسه تقريباً. وكان ان بدأنا في هذا الوقت، أنا وبوب غيتس، عادةَ سفرِ أحدنا معه في رحلات الحملة الانتخابية. كان الغرض الاساسي ان يكون أحد الى جانبه اذا ما برزت ازمة مفاجئة في الخليج او مكان آخر. ولكن، بدرجة ثانية، كان الغرض تذكيره باندفاعه اللفظي احياناً الذي اخذ يوقعه في متاعب.
أوجد إرفضاض الكونغرس في 28 تشرين الاول اكتوبر مشكلة جديدة. كيف سنشاوره ونشركه معنا بينما هو في إجازة الى أجل غير مسمى، والكونغرس الجديد لم يكن من المقرر ان يعود حتى 3 كانون الثاني يناير؟ كان الكونغرس قد عيّن فريقاً خاصاً من ثمانية عشر عضواً للتشاور معنا. طلبَ رئيس مجلس النواب توم فولي وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ جورج ميتشل استماعاً خاصاً لزعماء الحزبين لمناقشة الوضع في الخليج، بسبب احتمال حدوث تطورات جديدة - بما في ذلك عمل عسكري - بينما كان الكونغرس في اجازة. اجتمعنا صباح 30 تشرين الاول اكتوبر.
بعدما جلسنا لنتحدث، سلّم فولي الرئيس رسالة علىها تواقيع واحدٍ وثمانين عضواً ديموقراطياً. كانت مُصاغة ك "تعبير عن القلق" بشأن دور الكونغرس في حالة نشوب حرب في الخليج. طلبوا منه اختيار اعضاء من بينهم، اضافة الى الزعماء، عندما يتشاور بشأن التطورات. وقد أجملوا في الرسالة دواعي قلقهم:
تدلّ التقارير والايجازات الاخيرة على ان الولايات المتحدة قد تحولت من وقفة دفاعية الى وقفة هجومية وعلى ان الحرب يمكن ان تكون وشيكة. اننا نعتقد بأن العواقب ستكون كارثية - تُسفر عن خسائر ضخمة في الارواح، بما في ذلك 10.000 - 50.000 اميركي. لا يمكن وصف هذا الا بأنه حرب. بمقتضى دستور الولايات المتحدة الكونغرس وحده يمكن ان يُعلن حرباً.
اننا معارضون بالتأكيد لأي عمل عسكري هجومي. ونحن نعتقد بأن الحظر المفروض من الامم المتحدة يجب اعطاؤه كل فرصة لينجح وان كل الوسائل المتعددة الجنسية وغير العسكرية لحسم الوضع يجب اتباعها. واذا ما جُرِّبت كل الوسائل السلمية لحلّ الصراع واستُنفِدت، وكان الرئيس يعتقد بأن للعمل العسكري ما يبرره، فعندئذ... يجب ان يسعى الى طلب اعلان حرب من الكونغرس... اننا نعتقد اعتقاداً راسخاً بأن التشاور مع هذه المجموعة لا يَحِلّ بأي صورةٍ محلّ التزام الرئيس الدستوري بالسعي الى اعلان حرب قبل الاضطلاع بأي عمل عسكري هجومي. اننا نطلب ألا تقوم الادارة بأي عمل عسكري هجومي من دون التشاور التام والاعلان الذي يتطلّبه الكونغرس.
أبلغ الرئيس المجموعة أننا نقترب من مرحلةٍ مفصلية. على رغم ان التقيّد بالعقوبات مرتفع، فإنها لا تولّد تأثيراً كبيراً في ما يبدو، كما ان بغداد لم تبدِ اهتماماً بعمل اي شيء سوى إضعاف التحالف وتقسيمه. ولأن العراقيين قد ضاعفوا تقريباً عدد قواتهم في الكويت وبالقرب منها منذ ان بدأنا بنشر قواتنا، فإننا نتحرك، من اجل التأكد من بقاء خيارنا العسكري ذا صدقية، نحو مزيد من التعزيز لقواتنا في الخليج وندفع حلفاءَنا الى عمل الشيء نفسه.
أجمَلَ فولي الخوف في الكونغرس من اننا نغيّر سياساتنا. قال: "السبب في الدعم الفائق للعادة الذي حصلتم عليه يعود الى انكم استخدمتم عقوبات الامم المتحدة وحظراً. اذا حدث اي تغيير، في غياب استفزاز قاس، فإن الدعم سيتغير دراماتيكياً. البلد والكونغرس ليسا مستعدين لعمل هجومي". وافق ميتشل على ذلك…. حضَّ باتريك ليهي ايضاً على ان ندعَ العقوبات تعطي أثرها. قال: "الصبر افضل من الحرب. ليس هناك اجماع على هجوم في الكويت". واتفقَ معه ديفيد أوبي. عبّر جون وورنر عن قلقه بشأن الأثر الطويل الأجل لحرب في المنطقة، خصوصاً على عملية السلام في الشرق الاوسط. أراد كليبورن بيل عدم استخدام القوة من دون الكونغرس، وحتى عندئذ يجب ان تكون تحت مظلة من الامم المتحدة.
قال ليز آسبين: "انني اتفق مع زملائي بشأن المزاج العام. لا شك في ان ]البلاد[ ابتعدت عن موقفٍ اكثر تشدداً خلال الشهر الماضي. لقد أزاحت معركة الموازنة العراق عن الصفحة الاولى. الازمة تفتقد الى جِدّةٍ وسُخط. الجمهور أقل ثقة بأن الحكومة تعرف ماذا تفعل". الناس يركزون على القضايا الداخلية. اذا حدث استفزاز، مثل قتل الرهائن، سيكون الامر مختلفاً. الدعم لأغراضنا ما زال هناك، ولكن ما لم يخدم صدام غايتنا يجب علينا ان نتطلّع الى الامم المتحدة.
أعلن جاك مورثا انه لا يتفق مع ذلك. قال: "لا اعتقد بأن لديكم اي بديل من استخدام القوة. اننا ننسى ان الكويت غُزيت وان اسعار النفط ارتفعت. كلما استمر ذلك، ازداد اعتراض الناس على استخدام القوة. لا اعتقد بأننا نملك رفاهية الوقت... اننا نشهد بالفعل اهتماماً اعلامياً مبالغاً فيه ببضع تظاهرات. سيكون أكثر صعوبة عليكم اكثر واكثر اتخاذ قرارات".
قال بوب كاستين ناصحاً: "يجب ألا تتخذوا قرارات على اساس الرأي العام. المسألة الحقيقية هي هل الوقت الى جانبنا أم الى جانب صدام". أشار الرئيس الى ان الحلفاء ليسوا متفقين على كيفية تأثير الوقت في الامور، والى انه بينما يوافق على اننا لا نستطيع اتخاذ قرارات على أساس الرأي العام، فإن من المهم الحصول على دعم الشعب الاميركي.
اعترَضَ ميتشل قائلاً: "مضى اقل من ثلاثة شهر على الغزو، وأقل من شهرين على بدء تطبيق العقوبات. لم يتوقع احد ان تنجح في اسبوع. لم يقل أحد أن العقوبات فشلت…". كان النطاق الزمني لقرار عسكري بين 1 تشرين الثاني نوفمبر و1 كانون الاول ديسمبر، بينما بدا ان معظم الجمهور يعتقد بأن العقوبات يجب ان تستمر على الاقل لتسعة شهور قبل ان نقوم بعمل عسكري. قرار استخدام القوة قد يأتي أبكر مما نظن.
قال فولي: "أريد ان أناشدكم شخصياً قبل ان تأخذوا البلاد الى حرب. ما لم يكن هناك استفزاز كبير، لن يكون لديكم دعم شعبي".
برنت سكوكروفت
بعد ظهر ذلك اليوم، قبل الرابعة بقليل، وعلى خلفية ذلك الاجتماع غير المُساعِد، اجتمعت مجموعة النواة في غرفة الموقف للبحث في ما اذا كان ينبغي التمسك بالعقوبات او التوجه الى القوة في حلول تاريخٍ معيّن اذا لم ينسحب العراق من الكويت ويُطلق الرهائن.
عرضتُ وجهة نظري الخاصة في المسألة للرئيس في مذكرة لتحضيره للاجتماع:
هدفنا الاساسي في هذه المرحلة يجب ان يكون استرداد قوة الدفع وانتزاع المبادرة من صدام. هذا يتطلّب استراتيجية ذات مسارين: على الجانب الديبلوماسي، ضغط متجدد من اجل انسحاب عراقي كامل وغير مشروط حسب ما يدعو اليه قرار مجلس الامن 660" وعلى الجانب العسكري، تحضيرات متسارعة توفّر بديلاً حقيقياً اذا ما فشلت الديبلوماسية. سيكون من بين طرق تنفيذ هذه الاستراتيجية اعطاء صدام إنذاراً يُطالب بانسحابه كلياً من الكويت وإطلاق جميع الرهائن مع السماح بعودة الحكومة الشرعية في حلول تاريخٍ معيّن. ويمكنني ان اجادل بأن التاريخ الأكيد يجب ان يكون حوالي نهاية السنة، اي بعد نحو خمسة أشهر على الهجوم وفرض العقوبات.
أشرتُ الى ان هذه الاستراتيجية لا يمكن ان تنجح الا اذا تلقينا الدعم من الاعضاء الاقليميين في التحالف على الأقل. كنتُ اعتقد بأنه علينا إبلاغهم ان النهج المثالي هو الحصول على قرارٍ جديد من مجلس الامن يأذن باستخدام كل الوسائل الضرورية لتحقيق هذه الاهداف، لكننا سنكون مستعدين لحشد جهدٍ متعدد الجنسية وغير رسمي خارج الامم المتحدة للغرض ذاته. أياً تكن الحال، فإننا نهدف الى اعلان انذار حوالي نهاية تشرين الثاني نوفمبر لإعطاء وقت للاستعدادات العسكرية الاضافية وللردّ على الحجة القائلة أننا لا نعطي الديبلوماسية فرصة. "وسيسمح لنا ذلك ايضاً باستغلال رئاستنا لمجلس الامن اذا ما تبين ان مسار الامم المتحدة ممكن. كما ان هذا سيفجّر الامور قبل ان يُتاح للعراق وقت اطول بكثير لتطوير قدرته على انتاج اسلحة بيولوجية ونووية والتحصّن تماماً في الكويت، وقبل ان نجد انفسنا متجهين نحو طقس رديء، ونحو رمضان والحج".
اعتقد بأن هذه المقاربة العامة افضل من التمسك بالعقوبات. لا يبدو ان العقوبات وحدها ستحقق ما نسعى اليه في المستقبل المنظور. في غضون ذلك، تبقى الرهائن رهائن ويجري تدمير الكويت وتوطين آخرين فيها. تبدو على التحالف علائم تفكك في حوافّه بسبب خلافات على قضايا مثل استخدام القوة، والحاجة الى انسحاب عراقي كامل، واعادة اسرة الصباح والقضية الفلسطينية….
افتتح الرئيس اجتماع مجموعة النواة. "حان الوقت لتقرير هل يجب ان نستمر في وضع معظم بيضنا في سلّة العقوبات، التي ستستغرق وقتاً أطول بكثير حسب ما تسير علىه الامور الآن ولكن يمكن ان يُجنبنا هذا مخاطر وكلفة حرب، أو هل سنزيد الضغط على صدام بالاندفاع على المسارين العسكري والديبلوماسي كليهما. انني أدرك أننا اذا أعطينا صدام موعداً أقصى من نوعٍ ما، فإننا عملياً نُلزم أنفسنا بحرب. وأدركُ أيضاً أننا بتوجيه تهديد كهذا والتحضير له، يمكن ان نزيد ايضاً من احتمالات موافقة صدام على حلٍ سلمي. والواقع انه قد يكون من الضروري دفع الأمور الى حافة الحرب اذا كنا نريد إقناع صدام بحلٍِ وسط. ولكن أياً تكن الحال، فإنني أريدُ ان يعرف الجميع أن التزامي برؤية خروج صدام من الكويت من دون قيد او شرط يبقى راسخاً...".
قال سكوكروفت: "السؤال هو هل نحن عند نقطة حسم في الوضع في الخليج؟ يبدو لي ان عندنا ثلاثة خيارات اساسية. الاول، يمكننا ان نستمر في العقوبات ونرى ما يحدث" الثاني، يمكننا ان نخطط لاستخدام القوة، الامر الذي يعني الاتجاه الى تاريخ محدد، وكيف نتعامل مع الجمهور، وهل علينا ان نسعى الى تفويض من مجلس الامن الدولي، وتطوير استراتيجينا وتكتيكاتنا العسكرية، واختيار تاريخ مفضّل" والثالث، كيف يكون ردّ فعلنا على استفزاز او هل نخلق استفزازاً من شأنه ان يسمح بعمل عسكري - على سبيل المثال سفارتنا في مدينة الكويت…. اذا تراجع صدام حسين الآن، هل نحتاج الى اكثر ]مما تنصّ عليه قرارات الامم المتحدة[؟".
سأل الرئيس السؤال الاساسي: هل العقوبات تنجح، وهل ستؤدي العمل المطلوب؟ ردَّ بيكر: "السؤال هو: كم نحتاج من الوقت لنكون قادرين على القول اننا اعطينا العقوبات فرصة؟ اعتقد بأن العقوبات لن تُخرجه ضمن مدى زمني نستطيع قبوله".
قال تشيني مخمّناً: "شباط فبراير حتى آذار مارس". أوجز الخيارات العسكرية. بدأ بالقول: "لدينا قوة دفاعية في مكانها الآن. يمكننا ان نشنّ حملة جوية الآن، ويمكننا عمل خدعة الى الغرب الآن. اما بالنسبة الى هجوم حقيقي، فسنحتاج الى قوات اضافية كبيرة - ثلاث فرق اخرى. لذا أوصي بأن نضيف الى القوة، اذا أردتم منا ان نفعل اي شيء باستثناء الخيار الاول ]هجمات جوية على اهداف استراتيجية في العراق[. أضاف باول ان التخطيط متقدم جداً على اساس مزيد من القوات. قال: "يمكننا ارسال مئة واربعين الف شخص اضافي الى هناك في حلول 15 كانون الثاني يناير. وأنوي ايضاً إرسال أي شيء آخر يمكنني إرساله. اننا نتحدث عن حرب كبرى ضد العراق. أريد ان أرسل ما بين خمس وست مجموعات حاملات طائرات". أضاف تشيني: "منذ آب اغسطس حصلَ حشد عراقي كبير، وقد اتخذوا اجراءات دفاعية كثيرة. ويمكنهم حتى عمل المزيد في الشهرين ونصف الشهر المقبلين...".
قال باول محذّراً: "سيدي الرئيس، يجب ان تفهم اننا اذا مضينا قدماً في هذا الحشد، فلن نكون قادرين على اتباع سياسة مناوبة بإرسال قوات ثم اعطائها اجازة. اننا عند مفترق في الطريق إما ان نُجري إبدالاً وإما ان نحشد". سأل سكوكروفت هل نستطيع تنفيذ اجزاء من الخطة بما في ذلك خدعة الى الغرب، قبل 1 شباط فبراير ثم ننقل بقية قواتنا.
أجاب باول: "نعم، يمكننا عمل الحملة الجوية وبعدئذ ننتظر. وجهة نظري هي انك اذا كنتَ ستفعل ذلك، فيجب ان ننفّذ العملية كلها وننفذها بسرعة. ينبغي ألا نجعلها تمتد".
اقترح بيكر: "إن إنذاراً، اضافة الى حشدٍ كبيرٍ للقوات، سيوضح اننا جادون. ولكن اعتقد بأننا يجب ألا نسمّيه انذاراً".
قال سكوكروفت: "جيم يجب ان يُقنع شركاءَنا في التحالف بوضع ثقلهم وراء خطتك ]خطة الرئيس[. سأل الرئيس ما هي القرارات التي نحتاج الى اتخاذها. اجاب سكوكروفت: "تعزيز القوات وسيناريوهات لرحلة بيكر".
قال بيكر للرئيس: "آمل بأن نقول نعم للقوات، ولكن فلنتمهل في مثل هذا القرار الى ان يقول السعوديون نعم. سأكون في المملكة العربية السعودية يوم السبت ]3 تشرين الثاني/ نوفمبر[ على افتراض انه لن يكون هناك استفزاز، يجب الا نستخدم القوات قبل 1 شباط فبراير. هذا لن يكون تاريخاً لا يمكن إلغاؤه، وسنحصل على تفويض للعمل".
سأل تشيني: "تعني اننا سنتخلى عن القيام بعمل اذا لم نُستَفز او اذا لم نحصل على دعم من الكونغرس؟ هذه قرارات كبيرة. اننا نتخلى عن الشيء الكثير. اخيراً، نحن نتخلى عن الشيء الكثير اذا اصدرنا انذاراً من نوعٍ ما. سيتمكن صدام حسين عندئذ من تحسين دفاعاته. وسيحدث تآكل في الدعم في الداخل، ومَنْ يدري أي حوادث ستقع في غضون ذلك".
قال بيكر: "اذا لم يكن هناك اجراء تفويض من الامم المتحدة، فسنعرف ذلك في تشرين الثاني نوفمبر. القيد الزمني الوحيد سيأتي اذا حصلنا على قرار من الامم المتحدة".
قال تشيني محذِّراً: "الانتظار حتى 1 شباط فبراير مسألة كبيرة".
سأل الرئيس: "تريد تاريخاً أبكر، 1 كانون الثاني يناير؟".
ذكَّرنا باول قائلاً: "القوات لن تكون في مكانها قبل 15 كانون الثاني".
اقترح بيكر ان نفكّر في تاريخ قريب من منتصف كانون الثاني يناير. قال: "فُرَصُنا تتحسن في الامم المتحدة كلما كانت هناك فرصة أطول لنجاح العقوبات".
قال الرئيس يجب على وزارة الدفاع ان تمضي قدماً وتحرّك قوات، مشيراً برأسه الى تشيني وباول: "ماذا يحدث اذا قَصَفَ صدام حسين غداً؟"
ردَّ سكوكروفت: "نُهاجم اولاً ]في الكويت[.
قال بيكر: "سنُعلن عن حشد القوات يوم الاثنين ]5 تشرين الثاني/ نوفمبر[ اذا قال السعوديون نعم".
قال الرئيس بوش: "سنقول للصحافة ان قواتنا تواصل التحرك، ولكن لم تُتخذ قرارات. فلنكتب أسئلة لبيكر، وستكون الرسالة الى الصحافة ان القوات تستمر في الوصول، وأننا نراجع الموقف".
برنت سكوكروفت
القرار الذي اتُخذَ في ذلك اليوم لم يكن اننا سنستخدم القوة، وإنما سنواصل الحشد لخيارٍ هجومي. احتاج باول ببساطة الى معرفة هل ينوي الرئيس بوش الاستمرار في نشر القوات. خط الأنابيب الموجود حالياً كان ممتلئاً. واذا كنا سنتوقف عند 250.000، وهو العدد الذي كنّا ملتزمين به في ذلك الوقت، فلا بد للعسكريين من ان يعرفوا فوراً حتى يستيطعوا إقفال الحنفية. اذا أغلقها باول، ثم قرر الرئيس اضافة مزيد من الجنود فسيمزق هذا النظام إرباً. كان الرئيس قد صرّح علناً بأننا سننشر قوات كافية للدفاع عن المملكة العربية السعودية وإبقاء خياراتنا مفتوحة. وبالنسبة اليّ عنى "إبقاء خياراتنا مفتوحة" اننا اذا أردنا التحرك شمالاً فستكون لدينا قوات كافية لعمل ذلك. كان صدام يزيد عدد قواته في الكويت بما لا يقل عن 200.000.
تقرَّرَ توقيت تعزيز القوات وفقاً لاعتبارات عملية عسكرية، لكن توقيت الاعلان عن الزيادة كان مستنداً الى اعتبارات سياسية. أراد الخبراء العسكريون ان يؤخروا الاعلان الى ما بعد انتخابات الكونغرس في 6 تشرين الثاني نوفمبر. لم أعتقد بأنه كان من الضروري قول اي شيء باستثناء ان الرئيس يحافظ على خياراته الحالية مفتوحة إزاء حشدٍ عراقي مستمر. أراد تشيني ان يُعلن القرار فوراً. وكما أشار، ستكون قوةً اكبر مما يمكن مناوبتها، وستكون زيادة العدد اكبر مما يمكن السكوت عنه. اذا أراد باول إبقاء خط الانابيب مفتوحاً، فإنه لا يستطيع الإنتظار الى ما بعد الانتخابات لكي يُعطي الأمر. أمَرَ بنشر القوات وبدأ الجنود والمعدات بالتحرك. وأثار هذا على الفور قصصاً صحافية قبل ان نُطلع الكونغرس، وهو ما كنا ننوي عمله في اليوم التالي للانتخابات.
وجّهنا الاعلان في 8 تشرين الثاني نوفمبر، بينما كان بيكر في ما وراء البحار. وقد غضب عندما سمع بالنبأ في موسكو، في اليوم السابق لاجتماعه مع شيفاردنادزه وغورباتشوف. عنَّفَ هاس، الذي كان منسق مجلس الامن القومي في الرحلة، قائلاً ان الامر جنوني من الناحية السياسية. وأبدى حنقه من ان الاعلان جعل الأمر يبدو كما لو كنا قد حزمنا أمرنا مسبقاً بشأن اتخاذ موقف هجومي في وقت كان يحاول الحصول على دعم ديبلوماسي لقرارنا.…".
جورج بوش
أثارت الأنباء عن زيادة القوات، خصوصاً لجهة عددها، احتجاجاً شديداً في الكونغرس وهجمات غاضبة عليَّ واتهامات انني غيّرت السياسة وقررت الاتجاه الى الحرب من دون تشاور.
كان النداء لا يزال "اتركوا العقوبات لتنجح". وجزمَ المحللون واعضاء الكونغرس في البرامج الاذاعية الصباحية بأنني أدمِّرُ رئاستي. وكان السناتور بات موينيهان، رئيس لجنة مجلس الشيوخ الفرعية التي راقبت شؤون الخليج، وهو سفير سابق لدى الامم المتحدة، وصديق، غاضباً جداً ومنتقداً. وجَادَلَ في مقابلة تلفزيونية يوم 12 تشرين الثاني نوفمبر بأننا يجب ألا نحصل فقط على موافقة من الامم المتحدة والكونغرس على استخدام القوة، وانما ايضاً بأننا رفضنا التشاور ولم نُرِدْ إجماعاً. لم يشعر بأن الكويت، خصوصاً زعامتها، تستحق ان تُحرَّر، وصوّرهم انهم "اولئك الكويتيون الذين سيطروا على فندق شيراتون في الطائف ويجلسون هناك بأثوابهم البيضاء ويشربون القهوة ويحضّوننا على الحرب".
تبادلنا في ما بعد رسائل في بعض هذه النقاط، ولكن بدا لي انه لم يعتقد أبداً بأن ما فعله العراق بالكويت يستحق القتال من أجله، او حتى ان الكويت لها الحقوق نفسها في حماية الامم المتحدة كالدول الاخرى. وقد سمّى وجودها حادثةً تاريخية قائلاً ان بيروقراطيين من القوى الاستعمارية رسموا حدودها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة