كنت أعمل في كولومبو عاصمة سيريلانكا قبل أكثر من أربعين عاماً، عندما تعرفت على هذه الهواية، والتي بدأت الاهتمام بها على حذر، نظراً لعدم إدراكي حينها بأهميتها. وبعد سنوات من التعامل مع بعض الهواة وحضور بعض المعارض الهامة ، ساعدني في ذلك طبيعة عملي، والتي تنقلت خلالها الى دول مختلفة، وأشعر اليوم بعد العديد من القراءات، وبعد أن تكونت لديّ المجموعات المعدنية والورقية للعملات المختلفة. تعتبر هواية جمع العملات من أقدم الهوايات التي عرفتها البشرية، حيث تعود جذورها إلى العصور القديمة. بدأ الناس في جمع العملات كوسيلة لتخزين الثروة وتبادل السلع، ولكن مع مرور الوقت تطورت هذه الهواية لتصبح شغفاً يتجاوز الجانب المالي. يُعتقد أن جمع العملات بدأ في الحضارات القديمة مثل الإغريق والرومان، حيث كانت العملات تحمل رموزاً ثقافية وتاريخية. و على مر التاريخ، كان هناك العديد من الهواة المعروفين في مجال جمع العملات. من بين هؤلاء، يُعتبر "ألكسندر هيرش" أحد أشهر الهواة حيث جمع مجموعة نادرة من العملات الرومانية القديمة. كما يُذكر "ديفيد هيرمان" الذي كان له دور بارز في تطوير سوق العملات في القرن العشرين. هؤلاء الهواة لم يكتفوا بجمع العملات بل ساهموا في نشر الوعي حول تاريخها وأهميتها. ومن مظاهر الاهتمام بالهواية عالميا، أصبحت تُعقد المعارض الهامة حول العالم مخصصة لهذه الهواية، حيث تُعرض فيها مجموعات نادرة ومتنوعة تجذب إليها الكثير من الهواة، ومن أبرز هذه المعارض "معرض نيويورك للعملات" و"معرض لاس فيجاس" الذي يجذب الزوار والهواة سنوياً. و تُعد هذه المعارض فرصة لهواة الجمع لتبادل الخبرات والبحث عن عملات نادرة، بالإضافة إلى التعرف على آخر التطورات في هذا المجال. ونظراً لأهمية هذه الهواية في مجتمعنا، فقد انشأت من ست سنوات الجمعية السعودية لهواية العملات في المملكة العربية السعودية ومقرها مكةالمكرمة لتكون منصة تجمع بين الهواة والمهتمين بجمع العملات. تهدف الجمعية إلى تعزيز الوعي بأهمية هذه الهواية، وتنظيم الفعاليات والمعارض المحلية التي تسلط الضوء على تاريخ العملات وثقافتها. كما تقدم الجمعية ورش عمل ودورات تدريبية لتعريف الأعضاء بأساليب جمع العملات وتقييمها. و تسعى الجمعية أيضاً إلى تطوير مجتمع قوي من الهواة في المملكة، ممّا يسهم في تحفيز الشباب على الاهتمام بتاريخهم الثقافي من خلال العملات. من خلال هذه الجهود، تعزز الجمعية مكانة المملكة في الساحة العالمية والعربية والخليجية لهواية جمع العملات، وتساهم في نشر ثقافة الاهتمام بالتراث المالي. كما تعتبر هواية جمع العملات أكثر من مجرد شغف؛ إنها وسيلة لفهم التاريخ والثقافة. من خلال المعارض والجمعيات، يمكن للمهتمين استكشاف عالم غني من القيم التاريخية والمالية، ممّا يجعل هذه الهواية تستمر في النمو والازدهار في جميع أنحاء العالم.