القول ان انتخاب قائد الجيش العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية يعني ان لبنان سيدخل مرحلة سياسية جديدة على انقاض المرحلة السابقة، أطلق العنان للسؤال عن مدى استعداد الطبقة السياسية للتكيّف مع متطلباتها، خصوصاً ان الجزء الاكبر منها أسهم في منع تحقيق الاصلاح الاداري وأمعن في "تشريع" المخالفات والتجاوزات؟. ويقول قطب سياسي ل"الحياة"، رداً على السؤال، ان الطاقم السياسي الذي انتجه اتفاق الطائف "سيضطر الى التكيف ولو ظاهرياً، شعوراً منه انه لا يستطيع الوقوف في وجه الدعم السوري للرئيس المنتخب، أو الخروج عن الارادة الشعبية التي عبّرت عن ارتياحها الى مجيئه خصوصاً ان العهد الجديد سيكون مضطراً الى الدفاع عن الشعارات التي رفعها وعبّرت عنها كلمة لحود الى اللبنانيين". ويؤكد "ان الطاقم السياسي، أو بعضه على الأقل ممن تعرّض ويتعرّض لانتقادات بسبب سلوكه المتناقض مع قيام دولة المؤسسات والقانون، سيتصرف من الآن وصاعداً ليختبر نيات العهد الجديد، كأنه أشبه "بعجينة الحديد" التي تتكيّف مثلما يريد صانعها، خوفاً من ان يصطدم بدمشق وبالرأي العام اللبناني على السواء، اذ ان اداء الطبقة السياسية أوصل القيادة السورية الى اقتناع بان لبنان لا يستطيع الاستمرار أو يكمل طريقه بالاسلوب نفسه والممارسة التي كانت موضع انتقاد من أهل النظام وأركانه". ويضيف "يفترض من الآن وصاعداً الا يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد، اذ لم يعد من الجائز ان يمارس السياسي، أكان وزيراً أو نائباً، نقيض ما يدّعيه من رغبته في بناء دولة المؤسسات ويعلن على الدوام انه يقف ضد الاهدار والانفاق ولا يحبذ ما يسيء الى تطهير الادارة من الفساد، بينما يطلب من المعنيين تمرير الخدمات لناخبيه، وهو يعرف قبل غيره انها مخالفة للقوانين". ويلفت الى ان "صمود الرئيس المنتخب على الثوابت التي أطل بها على اللبنانيين في رسالته الاولى قبل ان يقرر الغياب عن الاعلام والالتفات الى درس الملفات، تحضيراً للانطلاقة الاولى للعهد الجديد، سيدفع بالطاقم السياسي الذي يفترض ان يتعاون معه، الى عدم التسرّع في افتعال مشكلة سريعاً، لانه سيكون في عداد الخاسرين مسبقاً، حتى لو تقدّم بمرافعة لتبرير اسباب اندلاع الخلاف". ويعزو السبب الى ان اي خلاف طارىء بين الرئيس المنتخب ورئيسي المجلس النيابي والحكومة، لا يمكن ان يعالج من الآن وصاعداً بالاسلوب نفسه المتبع في الوقت الحاضر، اي من خلال الاحتكام الى دمشق طلباً لوساطتها بغية التوصل الى تسوية يمكن ان ترضيهم ولا تترك ارتياحاً لدى الرأي العام". ويضيف ان "التزام لحود ما وعد به وبالاخص لجهة رفضه اي طلب خاص لنفسه سيحرج الآخرين الذين لن يلقوا تجاوباً من دمشق حيال العودة الى المحاصصة التي اساءت الى النظام السياسي وحالت دون الارتقاء الى مستوى المسؤولية. والسلاح الذي يملكه لحود ليطل به على اللبنانيين بات معروفاً ويتلخص في تثبيت مشروع الدولة وحمايته من خروقات يمكن ان يتسبب بها الطاقم السياسي". ويختتم القطب "للوهلة الاولى نلحظ ان الرئيسين نبيه بري ورفيق الحريري بدآ يقرآن في كتاب واحد هو نسخة طبق الاصل عن الكتاب الذي سيحمله العماد لحود الى القصر الجمهوري، وهذا ما يدعونا الى الارتياح والتفاؤل بامكان تغليب مشروع الدولة على اي مشروع آخر، خصوصاً انهما بادرا باجراء تقويم نقدي لتجربتهما في الحكم وان كان رئيس الحكومة بدأ به منذ أكثر من ستة اشهر ربما لشعوره ان لبنان مقبل على مرحلة سياسية جديدة".