هل يبتلع المحيط الاطلسي العاصمة الموريتانية نواكشوط؟ سؤال مخيف فرض نفسه قبل أيام قليلة في المدينة الساحلية التي تحتضن 28 في المئة من سكان موريتانيا بعد اندفاع مياه البحر عبر الحواجز الرملية الطبيعية، في ثورة أدت الى مقتل سبعة اشخاص وضياع ممتلكات قيمتها 230 مليون أوقية. وفيما تعمل الهندسة العسكرية لسد الثغرات التي تهدد العاصمة، صدرت أوامر الى باعة الرمل بالتوقف عن استنزاف الكثبان الرملية التي تحمي نواكشوط. وأدت عاصفة الى غرق سبعة صيادين مع زوارقكم، لكن الذعر دب في العاصمة حين لوحظ اندفاع مياه البحر عبر الكثبان الرملية التي تشكل حاجزاً طبيعياً يحمي المدينة من الخضم. وتضررت احياء الصيادين على الشاطئ، اذ غزت المياه بعضها، وغرقت زوارق وقوارب صيد كانت على البر. وقدرت الخسائر المادية بنحو 230 مليون أوقية 1.700.000 دولار. وعلى رغم ان المحيط عاد الى "وقاره" بعد هياج مفاجئ، فإن الخبراء يقولون ان خطر ابتلاع اليم المدينة الممتدة في شكل فوضوي على السهول الملحية المحاذية للبحر، والواقعة تحت مستوى الحاجز الطبيعي يبقى ماثلاً. فالكثبان الرملية التي تلجم الماء متآكلة، ضعيفة في عدد من النقاط بسبب يد الانسان. وتطرح الأزمة الحالية مجدداً موضوع تجارة الرمل التي تدر على موريتانيين أرباحاً طائلة. ومنذ تأسست نواكشوط قبل 38 سنة تستنزف الكثبان الرملية "المبطنة" للمحيط في اعمال البناء. ومع التطور العمراني الذي تشهده المدينة منذ بداية الثمانينات ازداد الاقبال على "الذهب الأبيض". وكانت نذر الخطر لاحت قبل سنوات حين لوحظ ان الماء تتقدم من بعض النقاط الضعيفة. واتخذت اجراءات عاجلة تمثلت في دعم الحواجز الطبيعية في النقاط الأضعف، وصدور قرار بمنع استغلال الرمل على امتداد خمسين كيلومتراً، ولكن لم يطبق القرار، وطوى النسيان الموضوع. الأزمة الحالية قادت الى تشكيل لجنة طوارئ أصدرت توصيات منها الاسراع في دعم النقاط المتآكلة، وباشرت الهندسة العسكرية هذا العمل. لكن حظر الاتجار برمال البحر يبقى الرهان الأهم. فبرغم التأكيد مجدداً ان هذا النشاط ممنوع فإن التنفيذ مسألة اخرى تتطلب الاستمرارية وتشكيل حرس خاص يكلف الرقابة على الشاطئ. فرمال المحيط مربحة، جيدة، وقريبة، ورغم انه يصعب الحصول على أنواع تشبهها في الجودة، سيكون على الباحثين عن الربح السريع تخصيص المزيد من الوقت والبنزين والمال لتزويد سوق البناء هذه المادة الضرورية التي تخلط بالاسمنت. ومن المفارقات الغريبة ان يشكل الرمل مادة بهذه الأهمية في بلد من أكبر مشاكله زحف الرمال على المدن والأراضي الزراعية وواحات النخيل والغابات.