استوكهولم: خبير في القانون الدولي يؤكد مسؤولية شارون عن مجزرة صبرا وشاتيلا قاسم حمادي تاريخ النشر 14 سبتمبر 2001 أكد خبير القانون الدولي البروفسور الأميركي ريتشارد فولك في ندوة نظمها «مركز اولوف بالمه الدولي» في استوكهولم تحت عنوان «إسرائيل وفلسطين، من الانتفاضة إلى الحرب»، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون هو المسؤول الأول عن مجازر صبرا وشاتيلا وفقا للقانون الدولي الذي ينص على أن «المسؤولين عن سلامة المدنيين الموجودين في منطقة محتلة تقع على عاتق القائد العسكري الأعلى لهذه القوات». وتابع ان هذا ما ينطبق على شارون في حال صبرا وشاتيلا، فقد كان «موجودا شخصيا في بيروت» عندما احتل جيشه قسما منها. البروفسور فولك هو أحد أعضاء لجنة التحقيق التي كلفتها لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأممالمتحدة في جنيف نهاية عام 2000، مهمته التحقيق بالجرائم التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي في المناطق التي تحتلها إسرائيل. وتتكون اللجنة من جون دوغارد (جنوب افريقيا) وكمال حسين (بنغلادش) والبروفسور ريتشارد فولك من جامعة برينستون. وحضر الندوة مجموعة من الباحثين والسفراء الأجانب في السويد وعدد من المهتمين بقضية محاكمة شارون لمسؤوليته عن مجازر صبرا وشاتيلا في بيروت صيف 1982. وشرح فولك ان «شارون كان يعلم أن المقاتلين الفلسطينيين خرجوا من بيروت بكامل عتادهم، متوجهين بحرا إلى تونس، وتعهد حينها للأميركيين بأنه سيضمن سلامة المدنيين الفلسطينيين في المخيمات في حال انسحاب القوات الفلسطينية، لذا فهو يتحمل المسؤولية الكبرى عن المجازر بغض النظر عمن نفذها». وشارك البروفسور فولك في الفيلم الوثائقي «المتهم» الذي أعدته «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) عن مسؤولية شارون في مجازر صبرا وشاتيلا، ويؤكد الفيلم مسؤوليته، كما يشير إلى اشتراك كل من فؤاد ابي ناضر القائد العسكري للقوات اللبنانية وإيلي حبيقة، ويوضح أن مجازر صبرا وشاتيلا جاءت انتقاما لاغتيال بشير الجميل، إذ كانت رموز الكتائب، بحسب فولك، تؤكد للقادة الإسرائيليين أنهم سيشربون من دماء الفلسطينيين. ويصف شارون الكتائب بأنهم شديدو «اللطف عند تقبيل يد المرأة، إلا أنهم قادرون على ارتكاب أفظع الجرائم وحشية لدى قتل الفلسطينيين». وشرح فولك أن «ما نشهده الآن في فلسطين ليس انتفاضة فحسب، بل حرب حقيقية سببها الرئيسي حصر شارون للفلسطينيين في خيارين: إما الاستسلام وفقا للشروط الإسرائيلية، أو الارهاب واستمرار الانتفاضة». وتابع: «ان أي شعب في العالم يقبع تحت الاحتلال لن يستسلم وهذا ينطبق خصوصا على الفلسطينيين الذين اثبت تاريخهم أنهم لم يستسلموا لإسرائيل على رغم ضعفهم وقوتها». وشرح فولك ان «إسرائيل تتمتع بثلاثة عوامل قوة هي المال والتكنولوجيا والسلاح، في الأول تتحكم بمصير الفلسطينيين وتحرمهم من العمل ليزدادوا فقرا وبؤسا. والثاني يجعل الإسرائيليين يشعرون بالتفوق ويزيد من دونية الفلسطينيين الذين ينظرون إلى الإسرائيليين على أنهم يتمتعون بأحدث التقنيات. ثم العامل الثالث الذي يجعل إسرائيل تتفوق عسكريا، وهذا أمر لا يقبل الجدل بغض النظر ان كانت الأسلحة أميركية أم إسرائيلية». وتطرق في محاضرته إلى مسألة السلام، وقال إن «عوامل القوة التي تتمتع بها إسرائيل تحملها وحدها مسؤولية المبادرة في اتخاذ خطوات سلمية». وهي قوة احتلال أجنبي ولا يمكن تجميل هذه الحقيقة بأي شكل من الاشكال، و«المسؤولية القانونية والاخلاقية تحتم عليها أن تتعامل مع الخاضعين لاحتلالها بما يتوافق والقوانين الدولية». وأشار إلى أن الاتفاقات التي عقدت بين إسرائيل والفلسطينيين غير متكافئة وبالتالي غير عادلة، نظرا إلى أن الضغوط كانت دائما تمارس على الجانب الفلسطيني وحده ولم تتعرض إسرائيل لأي ضغوط تذكر. وأشار إلى اتفاق كامب ديفيد الثاني وفشله. وقال إن «تحميل الرئيس ياسر عرفات مسؤولية فشل المفاوضات ليس سوى ادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة»، مؤكدا أن الأطراف المتفاوضة جميعها مسؤولة عن ذلك الفشل وفقا للقانون الدولي. وعلى رغم أن فولك يهودي الأصل، إلا أن إسرائيل اتهمته بالانحياز لمصلحة الفلسطينيين بسبب التقرير الذي تقدم به إلى الأممالمتحدة يحمل إسرائيل قسما من مسؤولية العنف في المنطقة. ويقول إن «الموضوعية أمر مختلف تماما عن الحياد، إذ ليس هناك تكافؤ بين الطرفين المتنازعين». وكشف ان «الاتفاقات السابقة كانت تؤجل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتكتفي بالتركيز على موضوعين أساسيين هما انشاء الدولة الفلسطينية والقدس، مع تجاهل كامل لعودة اللاجئين الفلسطينيين». وتابع ان هذين الأمرين «لن يرسيا أبدا كما يقال حلا دائما وعادلا من دون حل قضية اللاجئين، فهي قضية قانونية وأخلاقية وليس هناك مبرر يجعلنا نستثني الفلسطينيين دون غيرهم من حق العودة إلى أرضهم وديارهم». واقترح فولك في ندوته التي تجنبت الصحافة المحلية في السويد أن تنشر مضمونها، أن تكون هناك آلية معينة لحل قضية اللاجئين، مشيرا إلى أمرين: اعتراف إسرائيل بأنها شردت «هؤلاء الناس وطردتهم من ديارهم»، والثاني ايجاد آلية للتعويض لمن لا يريد العودة مع أخذ حقائق الجغرافيا السياسية بعين الاعتبار بحيث لا يصبح اليهود أقلية في إسرائيل. وقال إن «النظام القائم في إسرائيل الآن عنصري، وهذا ما نراه من خلال عزل السكان الفلسطينيين واستقدام سكان من الخارج ليقيموا في قلب المدن والقرى المحتلة حيث تقوم إسرائيل بتسكينهم في المناطق الاستراتيجية على الروابي والتلال المشرفة على السكان الآخرين، إضافة إلى أن الإسرائيليين يحصلون على السلاح ويتمتعون بحماية مسلحة من الجيش. والتبرير الرئيسي لهذا التمييز بين السكان أنهم ينتمون إلى فئتين: عرب ويهود». وشرح أنه لا يمكن وصف هذه الآلية إلا بالعنصرية. وعقد فولك مقارنة بين ردود أفعال المجتمع الدولي تجاه العنف في الشرق الأوسط، وذلك الذي مارسته يوغوسلافيا السابقة في كوسوفو وكان سببا كافيا لاستدعاء قوات حلف الأطلسي (الناتو) إلى المنطقة وتدخلها عسكريا. وأشار إلى أن الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون أكبر بمئات المرات مما حدث في كوسوفو. وطالب بارسال مراقبين دوليين من الأممالمتحدة لمراقبة الأوضاع في المناطق الفلسطينيةالمحتلة.