ا ف ب - قبل 30 عاماً اكتشف العالم مذهولاً صور جثث مئات من النساء والأطفال والمسنين الذي قتلوا في صبرا وشاتيلا ونكل بجثثهم في المخيمين الواقعين جنوب العاصمة بيروت. ففي 14 أيلول(سبتمبر) 1982، اغتيل الرئيس المنتخب بشير الجميل الذي كان قائد "القوات اللبنانية" المسيحية اليمينية. وكان الجميل قد انتخب في آب(اغسطس) تحت ضغوط اسرائيل التي اجتاحت لبنان قبل شهرين، واغتيل في تفجير مقر حزب الكتائب في منطقة الأشرفية الواقعة ضمن بيروتالشرقية ذات الغالبية المسيحية. وتبنى الحزب السوري القومي الإجتماعي، عملية التفجير التي أودت بالرئيس المنتخب وعشرات آخرين. وتذرعت القوات الاسرائيلية بعملية الاغتيال لتجتاح بيروتالغربية (ذات الغالبية المسلمة) خلافاً لبنود الإتفاق الذي بموجبه تم ترحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات عن بيروت في اواخر آب(اغسطس )من العام نفسه بوساطة اميركية. وكانت المنظمة تتمتع بحضور عسكري ونفوذ سياسي في لبنان منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، متحالفة مع منظمات يسارية لبنانية منها الحركة الوطنية وعلى رأسها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وغيرهما. وبررت اسرائيل دخولها هذه المنطقة بانها أرادت "منع هدر الدم وأعمال ثارية" ومحاربة "ألفي ارهابي" ما زالوا مختبئين فيها. لكن الميليشيات المسيحية المتحالفة مع إسرائيل وبمساعدة الجيش الاسرائيلي الذي أضاء ليل المخيمين، دخلت مساء 16 أيلول(اغسطس) الى صبرا وشاتيلا. واستمرت المجزرة ثلاثة ايام بلياليها من دون ان يتدخل الجيش الاسرائيلي المنتشر حول المخيم لوقفها ووسط تعتيم تام. ولم تعلم بها وسائل الاعلام الا بعد انتهائها. وفي 19 ايلول/سبتمبر تصدرت وسائل الاعلام صور مذهلة اثارت الرأي العام العالمي، اظهرت جثثا مقطعة وبطونا مبقورة واطفالا تم سحقهم. وتفيد التقديرات أن المجزرة حصدت ما بين 800 والفي مدني فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال قتلوا بالرصاص و السلاح الأبيض وتم التمثيل بجثثهم. كما قتل فيها نحو 100 لبناني وعدد من السوريين. ومنذ ذلك الحين تقلص تدريجاً عدد المقيمين في مخيم شاتيلا ليقتصر حاليا على نحو 5800 لاجىء وفق منظمة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) فيما تحول مخيم صبرا الى حي مكتظ بالعمال الأجانب وعائلاتهم وبلبنانيين من الطائفة الشيعية خصوصاً. ومنذ سنوات يتم احياء ذكرى المجزرة في مخيم شاتيلا بحضور وفد من لجنة دولية يضم عشرات الناشطين من بلدان عدة. وحملت لجنة تقصي الحقائق الاسرائيلية (لجنة كاهانا) التي حققت عام 1983 بالمذبحة ارييل شارون، وزير الدفاع حينها، مسؤولية شخصية انما غير مباشرة لانه لم يتوقع حدوث المجزرة ولم يقم باي عمل للحؤول دونها مما اضطره الى الاستقالة. وحملت اللجنة المسؤولية المباشرة الى ايلي حبيقة مسؤول الامن السابق في القوات حينها، والذي اكد قبل اغتياله انه يملك وثائق تبرىء هذا الطرف المسيحي من ارتكاب المجزرة. يذكر ان ايلي حبيقة الذي اصبح لاحقا مواليا لسوريا ووزيرا في الحكومة اللبنانية ونائبا، اغتيل في 24 كانون الثاني/يناير عام 2002 بانفجار سيارة مفخخة بعيد مغاردته منزله في الحازمية (شرق بيروت). وواجه شارون وهو يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء شكوى، لم تثمر، رفعها ضده 23 فلسطينيا من الناجين عام 2001 امام القضاء البلجيكي. لكن المحكمة البلجيكية اوقفت عام 2003 الملاحقات بعد الغاء القانون الخاص الذي اقيمت بموجبه الدعوى. وفي 4 كانون الثاني/يناير عام 2006 دخل شارون في غيبوبة تامة لم يخرج منها حتى الان. وقد عادت مجددا الى الواجهة قضية حماية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الخارجة عن سلطة الدولة اللبنانية منذ عقود والتي لا يدخلها الجيش، وذلك بسبب المعارك التي استمرت اكثر من ثلاثة اشهر في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بين الجيش ومجموعة فتح الاسلام المتطرفة عام 2007. وبعد سقوط المخيم في 2 ايلول/سبتمبر بيد الجيش اعلن رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك فؤاد السنيورة ان المخيم الواقع في شمال لبنان سيكون بعد اعماره خاضعا لسلطة الدولة البنانية، مما يؤذن باطلاق عملية استعادة الدولة امن المخيمات.