تواجه المصارف التجارية المغربية شحاً في السيولة النقدية، نتيجة زيادة الطلب على الموارد المالية التي ارتفعت الى أرقام قياسية خلال عيد الفطر. وأفاد المصرف المركزي بأنه قدّم قبل يومين أموالاً الى المصارف التجارية بقيمة 28 بليون درهم مغربي (3.6 بليون دولار)، لمواجهة الطلب على النقد الذي زاد بنحو بليون دولار، بسبب زيادة نفقات الشركات والأفراد، في مقابل تراجع حجم الودائع لدى بعض المصارف، علماً أن أمس كان أول أيام العيد في المملكة. واعتبر المركزي أن اللجوء المكثّف من الخزانة العامة الى المصارف لتمويل بعض عجز الموازنة، ساهم في نقص السيولة الشهرية لدى المصارف التي سددت 9 بلايين درهم أرباح صافية للشركات الأجنبية في المغرب التي حوّلت تلك المبالغ الى فروعها في أوروبا، بخاصة فرنسا. وُيقدر عجز الموازنة العامة بأكثر من خمسة في المئة من الناتج الإجمالي، وفضّلت الحكومة اللجوء الى السوق المالية المحلية لتمويل العجز عِوض دخول السوق الدولية، تجنباً لأي تأثير سلبي على التصنيف الائتماني للبلاد. واقترضت الخزانة نحو 60 بليون درهم من الموارد المالية من السوق المحلية خلال السنة الجارية، لتمويل نفقات الموازنة التي تواجه زيادة في عجز الميزان التجاري تحت ضغط ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في السوق الدولية. وتعتقد الحكومة التي ضخّت 11 بليون درهم لتحسين أجور العاملين في القطاع العام (نحو 800 ألف شخص) أن زيادة الطلب على النفقات والاستهلاك سيعزز فرص نمو الاقتصاد المحلي، المتوقع ان يبلغ نحو 5 في المئة نهاية السنة، وهي صيغة معتمدة منذ سنوات تقوم على تحقيق النمو عبر تعزيز الطلب الداخلي، حتى لو فاق عجز الموازنة نسبة 3 في المئة، الحدّ الأعلى المطلوب في مشاورات «الفصل الرابع» لصندوق النقد الدولي. وتتخوف الجهات المالية من تفاقم العجز الى معدلات كبيرة، ما قد يدفع إلى التمويل الخارجي، الذي قد يهدد برامج البنى التحتية والنفقات الاجتماعية، على غرار تجربة الثمانينات المريرة من القرن الماضي. وكانت حاجة المصارف التجارية الى السيولة النقدية تقدر بسبعة بلايين درهم في مطلع السنة، قبل أن ترتفع الى 17 بليوناً مطلع الصيف، لتصل الى قرابة 30 بليوناً في آب (أغسطس) خلال رمضان، وهو أكبر شهور السنة استهلاكاً وإنفاقاً. وكان البنك المركزي سمح للمصارف تقليص احتياطها الالزامي من 16 الى 8 في المئة خلال السنوات الثلاث الاخيرة، في مسعى لتأمين سيولة كافية للتغلب على زيادة النفقات، ما سمح بتحرير 45 بليون درهم، ساعدت على زيادة القروض المقدمة التي بلغت نحو 732 بليوناً في النصف الاول من السنة.