تواجه المصارف التجارية المغربية نقصاً حاداً في السيولة النقدية، بسبب استخدام الخزينة العامة آليات التمويل الداخلي لتغطية جزء من عجز الموازنة، الذي يزيد على ستة في المئة من الناتج. ودفع ذلك المصارف إلى تكثيف اعتمادها على السلف القصيرة الأجل من المصرف المركزي والتي ارتفعت إلى 78 بليون درهم شهرياً (الدولار يساوي 8.4 درهم)، وكانت تقدر بنصف هذا المبلغ قبل سنة. وأعلن رئيس اتحاد المصارف المغربية، أن «الوضع المالي للمصارف بات مقلقاً بسبب الخلل الذي تسجله الحسابات الكلية للمالية العامة». واعتبر في لقاء جمع المصارف التجارية والمصرف المركزي، أن «زيادة عدد الحسابات المصرفية إلى 56 في المئة من مجموع السكان، قابله ضعف في وتيرة الادخار وحجمه، وارتفاع في معدلات الأخطار». وكشف «المركزي» في تقرير شهري، عن «تراجع رصيد الحسابات المصرفية لا سيما الودائع التي تقلصت إلى 660 بليون درهم بانخفاض سبعة بلايين درهم في عشرة شهور. كما تراجع الاحتياط من النقد الأجنبي 35 بليون درهم في الفترة ذاتها، ومن 168 بليون درهم إلى 133 بليوناً نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي». وفي المقابل «ارتفع حجم القروض المصرفية للاقتصاد إلى 810 بلايين درهم (نحو 80 بليون دولار)، وهي المرة الأولى التي تزيد قيمة القروض على حجم الودائع ما يهدد التوازن المالي للمصارف الصغيرة». وتعتزم مصارف تجارية كثيرة، إعلان خطط لم تحدد قيمتها، لرفع قروض سيادية لمواجهة شح السيولة. وأفاد مصدر مطلع بأن الحاجة إلى التمويل المصرفي «لا يجب أن تقل عن 35 بليون درهم، علماً أن فارق الادخار قُدر ب 73 بليون درهم في الربع الثالث من السنة». وتترقّب الأوساط المالية نتائج جولة وزير المال والاقتصاد نزار بركة إلى الولاياتالمتحدة، للحصول على قرض سيادي بقيمة بليون دولار تساهم فيه مصارف خليجية، وهو الخروج الثاني إلى السوق المالية الدولية منذ عام 2010. وستُضخّ هذه المبالغ في السوق المالية المغربية، مع إعادة تشكيل احتياط من النقد الأجنبي المتضرر من ارتفاع كلفة الواردات والأسعار في السوق الدولية. وجدّد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران نيته مواصلة إصلاح «صندوق المقاصة»، عبر تحرير أسعار المحروقات وبعض المواد الغذائية الأخرى، لتمكين صرف 24 بليون درهم على الفئات المعوزة، ورفع الدعم تدريجاً عن الطبقات الوسطى والثرية، التي دعاها إلى «التضامن مع الفقراء لضمان الاستقرار الاجتماعي». وأوضح في أجوبة شهرية أمام مجلس النواب، أن «من أهداف برنامج حكومته تقليص عدد الفقراء، ومساعدة الشركات الصغرى والمتوسطة، وتوفير مناخ أعمال مناسب لجذب الاستثمار وخلق فرص عمل للشباب».