يبدو المسلسل الكوميدي السوري «بقعة ضوء» أفضل حالاً في هذا الموسم، والسبب الرئيس كما يبدو هو لجوء صناعه إلى قصص وحكايا ومفارقات من هنا وهناك دفعت بهم للإقرار للمرة الأولى بوجود معدٍّ وراءها، وليس مؤلفاً أو مجموعة مؤلفين، مع أن شبهات كثيرة دارت في مواسم سابقة حول المصادر التي جرى النقل أو الاقتباس عنها من دون ذكرها أو التنويه بها. أن يقدم صنّاع العمل على إقرار من هذا النوع، فإن هذا يعد نصف اعتراف، وليس اعترافاً كاملاً، إذ لا يزال ناقصاً معرفة أصحاب هذه القصص ومصادرها الرئيسة، وإلا فإن كتابة «إعداد» لا تكفي، لأنها تبدو مراوغة في الدفاع عن نفسها أمام سيل من الاتهامات لم يتوقف يوماً، وتغطي على حقوق بعض الكتاب أو المؤلفين المجهولين الذين قبلوا – ربما – بتسويات مالية مقابل سكوتهم عن حقوقهم المعنوية، بخاصة أن بعض اللوحات الكوميدية جاء متسقاً وعلى مقدار كبير من حرفة الكتابة الدرامية غابت عن المسلسل في المواسم القليلة الماضية. المسلسل من «إعداد» مازن طه، وهذا أمر يشي بوجود أزمة في الكتابة هنا، وإن ظهر عكس ذلك، وبخاصة في النوع الكوميدي، فليس كل ما يضحك الكاتب يمكنه أن يضحك الجمهور. هذا أمر أضحى متعارفاً عليه ببساطة، وإن كانت حلقات «بقعة ضوء» استعادت كثيراً من رونقها وألقها، فستظل ناقصة الإشارة إلى أصحابها الحقيقيين، وفي هذا فائدة تكمن في إمكان إجراء مطابقة بين النص الأدبي – إن وجد – والصورة المقترحة على الجمهور، وهذا يثري هذا النوع الصعب من الكتابة، ويسمح أيضاً بتشجيع الكتاب الجدد الوافدين على صقل أدواتهم بدل تجاهلهم بهذه الطريقة الملتبسة، لأن هذا النوع الكوميدي لا يهادن صناعه كثيراً، إذ سرعان ما يفلت من أيديهم، إن اعتقدوا أن الحل يكمن باقتناص فكرة من هنا وهناك، الغاية منها إضحاك جمهور لم يعد ممكناً الضحك عليه. مسلسل «بقعة ضوء» يمضي في هذا الاتجاه إن حصل الجمهور على ذكر المصادر كاملة، من دون زيادة أو نقصان. ففي هذا يكمن ثراء هذا النوع الكوميدي الصعب، وبغير الاعتراف بوجود كتاب شباب جدد، يمكنهم إضافة شيء وقول أشياء لم تكن في خاطر من تكرس من الكتاب والمؤلفين، فإن ثمة خللاً هنا يرخي سدوله على الكتابة الدرامية برمتها ودرجات تطورها... وهذا ما لا يرغب به صناع الدراما أبداً.