لندن- أ ف ب - واصل روبرت مردوك هجومه المضاد بالاعتذار عن فضيحة عمليات التنصت وقبول استقالة اثنين من المقربين منه في أقل من 24 ساعة، بعدما تخلّى عن مشروع أساسي لتوسيع أمبراطوريته في بريطانيا. فقد أعلن مردوك مدير عام المجموعة الإعلامية «نيوز كورب» ليل الجمعة - السبت استقالة ليس هينتون المدير العام لشركة «داو جونز»، أحد الفروع الأميركية لمجموعته. وكان هينتون المقرّب جداً من مردوك، من 1995 إلى 2007 رئيس الفرع البريطاني للمجموعة الإعلامية «نيوز إنترناشيونال» التي استقالت مديرتها العامة ريبيكا بروكس قبل ساعات بسبب فضيحة التنصت، التي أدت إلى إغلاق أهم صحف المجموعة «نيوز أوف ذي وورلد». ونقل بيان عن هينتون قوله: «قرأت مئات المقالات عن أخطاء مهنية حقيقية أو مفترضة أرتكبت عندما كنت رئيساً تنفيذياً لنيوز إنترناشيونال ومسؤولاً عن الشركة». وزاد: «الألم الذي سُبب لأشخاص أبرياء لا يمكن تصوره. وجهلي بما كان يحدث على ما يبدو أمر لا أهمية له، ونظراً للظروف أعتقد أن استقالتي من نيوز كورب مناسبة وأعتذر إلى الذين جُرحوا بأعمال نيوز أوف ذا وورلد». وكان مردوك، الأسترالي - الأميركي الذي يبلغ الثمانين من العمر عبّر في إعلانات كتبها بنفسه وتنشرها الصحف البريطانية، عن أسفه «للأخطاء الفادحة التي وقعت». وأرفق الاعتذار بوعد بإجراءات تعويض عملية. كما قدّم اعتذارات «صادقة وبلا أي تحفّظ» لوالدي ميلي داولر التي قتلت في عام 2002. وقد أثار الكشف عن أن مخبراً يعمل لحساب «نيوز أوف ذي وورلد» محا رسائل على الهاتف الخليوي للفتاة المفقودة للإيحاء لأقربائها والشرطة أنها على قيد الحياة، الاستياء في بريطانيا. ومنذ ذلك الحين، لم تكف الفضيحة عن التضخم. وأصبحت مجموعة مردوك مستهدفة أو مهددة بتحقيقات في بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة. وفتح مكتب التحقيقات الفيديرالي تحقيقاً أولياً لمعرفة ما إذا كانت عمليات تنصت غير قانونية جرت خصوصاً على هواتف ضحايا لاعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وتعكس الاستقالة المدوية لريبيكا بروكس (43 سنة) مديرة الفرع البريطاني ل «نيوز كورب»، محاولة مردوك استعادة زمام المبادرة. وكان مردوك سافر إلى بريطانيا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي ليؤكد دعمه الثابت لهذه السيدة ذات الشعر الأحمر، التي تقدم على أنها «سابع أبنائه». لكن موقفها ضعف خصوصاً بعد إدارتها صحيفتين شعبيتين بريطانيتين «ذا صن» والأسبوعية «ناتدبليو» التي يشتبه بأنها تنصتت على حوالى 4 آلاف شخص من سياسيين وأفراد الأسرة الملكية وضحايا جرائم مثل الفتاة ميلي أو أقرباء جنود قتلوا في العراق أو أفغانستان. وعلى أمل نزع فتيل الأزمة، أمر مردوك الأحد الماضي بإغلاق الصحيفة بعد 168 عاماً من العمل. وقال رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كامرون إن رحيل «ملكة الصحافة الصفراء» هو «القرار الصائب»، بينما قال زعيم المعارضة العمالية ايد ميليباند «كان يجب أن ترحل قبل ذلك». كما أكد الأمير السعودي الوليد بن طلال ثاني أكبر مساهم في «نيوز كورب» التي لها مقار في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة «بالتأكيد كان يجب أن ترحل». وكانت الأحزاب البريطانية الكبرى شكلت جبهة موحدة نادرة الأربعاء للمطالبة بالتخلّي عن مشروع شراء مردوك مجموعة القنوات الفضائية «بي سكاي بي». وصرحت بروكس، التي عيّن في مكانها توم موكريدج المدير العام ل «سكاي ايتاليا» التابعة ل «نيوز كورب» أن «استقالتي ستمنحني الحرية والوقت اللازمين للتعاون بالكامل مع التحقيقات الحالية والمقبلة». وستمثل بعد غدٍ أمام لجنة الإعلام في مجلس العموم البريطاني مع مردوك ونجله جيمس رئيس «نيوز إنترناشيونال». وحمل أعضاء اللجنة بعنف على ثلاثة من قادة الشرطة المتهمة بالاستهتار بالتحقيق والتغطية على مخبرين فاسدين، وإن اعتقل تسعة أشخاص حتى الآن، بينهم اندي كولسون رئيس التحرير السابق ل «ناتدبليو»، الذي يسبب توقيفه إرباكاً سياسياً، باعتباره كان مديراً لمكتب اتصال كامرون في كانون الثاني (يناير) الماضي. وأخيراً، سيمثل كولسون وبروكس أمام لجنة التحقيق العامة التي شكلت لكشف قضية التنصت و «تنظيم» ممارسات وسائل الإعلام. دعوى ضد «ذا صن» على صعيد آخر، قرر الممثل البريطاني جود لو رفع دعوى قضائية ضد صحيفة «ذا صن» التابعة لمجموعة مردوك، متهماً إياها بالتنصت عليه، على ما ذكر الجانبان. هي المرة الأولى التي يتم فيها اتهام «ذا صن» الأكثر مبيعاً في بريطانيا، علناً في قضية التنصت. واستند لو (38 سنة)، الذي سبق أن رفع دعوى ضد «نيوز أوف ذا وورلد»، في دعواه الجديدة إلى 4 مقالات بين 2005 و2006 استندت برأيه إلى معلومات اكتشفت جراء التنصت على رسائله الصوتية، كما ذكرت مجموعة «نيوز إنترناشيونال» في بيان. ورفضت المجموعة هذه الاتهامات «التي لا أساس لها»، وتعتبر «محاولة خبيثة لدس ذا صن في قضية التنصت». أما محامو الممثل فوصفوا «اتهامات» نيوز إنترناشيونال بأنها «سخيفة»، ف «خلال ما يقارب خمس سنوات، خدعت نيوز انترناشيونال الشرطة والبرلمان والرأي العام في شأن مدى الأخطاء التي ارتكبها صحافيوها ومديروها».