شدد رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل السلمي، على أن الأمن القومي العربي يعاني من تحدٍ كبير، مؤكداً في حوار مع « الحياة» أن أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية الآن هو النهج الإيراني. وقال السلمي: «نهج إيران نرصده ونرفضه ونتصدى له»، محذراً مما وصفه ب«تمدد الجماعات الإرهابية في بعض الدول العربية، وتعرض دول مثل مصر والبحرين والعراق والصومال لهجمات من هذه الجماعات». وأوضح أن الإرهاب «يتمدد في بعض الدول العربية كما هي الحال في اليمن نتيجة لانقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني وما تقوم به هذه الميليشيا من اعتداءات على دول الجوار اليمني من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع على أراضي المملكة العربية السعودية في تهديدٍ للأمن العربي والإقليمي». وعن الخلافات العربية - العربية قال: «نحن في البرلمان أكدنا أن وسائل الإعلام لديها مسؤولية كبيرة في نقل وجهات النظر المختلفة والتصدي للشائعات المغرضة وعدم الترويج لها والتمسك بميثاق الشرف العربي، دعماً لوحدة الصف العربي في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ أمتنا العربية»، لافتاً إلى تعرض الدول العربية إلى «مؤامرات وتحديات جسيمة تستوجب حتمية التعاضد والتماسك شعبياً ورسمياً». وعن دور البرلمان العربي في حل هذه الخلافات، قال: «إنه دور المهم للدبلوماسية البرلمانية العربية بجانب الدبلوماسية الرسمية للتصدي للخلافات العربية ووأدها قبل تفاقمها». ولفت إلى أنه ستخصص في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في المملكة العربية السعودية كلمة لرئيس البرلمان العربي، مضيفاً: «سأتحدث فيها عن التحديات التي تواجه العالم العربي وسبل مواجهة هذه التحديات، وسأتطرق للملفات الاستراتيجية الكبرى التي يعمل عليها البرلمان العربي ونشاطه وتحركاته اقليمياً ودولياً وخطط عمله التي تناولت أهم القضايا الاستراتيجية والمحورية العربية وبخاصة قضية العرب الأولى فلسطين، ومواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، والتدخلات الخارجية في الشأن العربي». وإلى نص الحوار: كيف تقرؤون الظروف المحيطة بانعقاد هذه القمة ؟ الوضع الراهن الذي يمر به العالم العربي في ظل الظروف والمتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية وتداعياتها يمثل تحدياً كبيراً على الأمن القومي العربي، فهناك دول عربية تعاني من صراعات داخلية وأوضاع غير مستقرة كما هو الوضع في سورية وليبيا مثلاً وما ينتج منها من قتل وتهجير وتشريد ولجوء، والتدخلات السافرة في الشأن العربي من القوى الدولية والإقليمية لإشاعة الفوضى وبث الفتن، وتمدد الجماعات الإرهابية المتطرفة في بعض الدول العربية كما هي الحال في اليمن نتيجة لانقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني وما تقوم به هذه الميليشيا من اعتداءات على دول الجوار اليمني من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع على أراضي المملكة العربية السعودية في تهديدٍ للأمن العربي والإقليمي، كما أن تطورات الصراع العربي الإسرائيلي وبخاصة بعد القرار الأميركي المرفوض الاعتراف بالقدس عاصمة للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) والتداعيات التي قد تحدث لو تم تنفيذ هذا القرار على الأمن والسلم في العالم العربي والعالم، ولا ننسى أن هناك دولاً عربية تتعرض لهجمات إرهابية تستهدف أمن هذه الدول واستقراراها، مثل مصر والعراق والبحرين و الصومال، والتي ندعمها في البرلمان العربي ونساند الإجراءات والتحركات التي تتخذها لضمان أمنها وسلامة مواطنيها. أخطر التحديات ما هي أخطر التحديات التي تواجه منطقتنا العربية؟ يُعد تدخل النظام الإيراني في الشؤون الداخلية العربية أخطر التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، فهو ينتهج الطرق كافة لتهديد أمن وسيادة الدول العربية وزعزعة استقرار المجتمعات العربية، وتجرأ النظام الإيراني بالتدخل السافر في الشؤون العربية، من خلال شعارات زائفة وأساليب رخيصة تستهدف النسيج الاجتماعي للدول العربية، لتفتيت المجتمعات العربية وتقويض سلطة الدول الوطنية، وبرز دور النظام الإيراني بوجهه القبيح لتوظيف الطائفية على نحو مقيت من خلال تكون الميليشيات والجماعات المسلحة داخل الدول العربية وإمدادها بالأموال والأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية لتنفيذ أغراضه السياسية في النيل من وحدة واستقرار دولنا العربية، وهو نهج نرصده ونرفضه ونتصدى له. فالنظام الإيراني الذي تسلل إلى الساحة العربية عن طريق إذكاء الطائفية، مستخدماً الميليشيات المذهبية كأذرع لدور مرفوض في العالم العربي، ينتهج سياسةً عدائية تتنافى مع القانون الدولي ومبادئ حُسن الجوار، من خلال استمرار احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، كُلُّ ذلك يُعد عدواناً صارخاً على سيادة وكرامة الأمة العربية، وتهديداً للأمن القومي العربي، وانتهاكاً للقانون الدولي. الخلافات العربية - العربية في رأيكم هل للخلافات العربية - العربية من سبيل إلى حلها وكيف تقدرون دور البرلمان العربي في حل هذه الخلافات؟ السبيل لحل الخلافات بين الدول العربية هو الحوار البناء للتوصل لحلول عملية تنهي الخلاف خاصة أن الدول العربية مصيرها واحد وهي مرتبطة مع بعضها البعض بروابط قوية تتعدى المصالح، لأن لغة وتاريخ وثقافة الدول العربية واحدة وما يصيب أية دولة عربية ترى أنه ينعكس على باقي الدول العربية، ونحن في البرلمان أكدنا أن وسائل الإعلام لديها مسؤولية كبيرة في نقل وجهات النظر المختلفة والتصدي للإشاعات المغرضة وعدم الترويج لها والتمسك بميثاق الشرف العربي، دعماً لوحدة الصف العربي في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ أمتنا العربية، وما يُدبر لها من مؤامرات وما تواجهه من تحديات جسيمة تستوجب حتمية التعاضد والتماسك شعبياً ورسمياً، أما دور البرلمان العربي في حل هذه الخلافات فهو نابع من الدور المهم للدبلوماسية البرلمانية العربية بجانب الدبلوماسية الرسمية للتصدي للخلافات العربية ووأدها قبل تفاقمها وحل الخلافات بين الدول العربية سلمياً، والوقوف ضد كل محاولات شق الصف العربي، وعكست مواقف البرلمان العربي وقراراته والبيانات التي صدرت عنه منطلقات البرلمان العربي في تأكيده على وحدة الصف العربي والتصدي لكل ما يهدف لإضعاف الموقف العربي الموحد، وإثارة الفتنة بين أبناء الأمة العربية، وعدم الإنسياق وراء المخططات الخبيثة والمغرضة والمدفوعة من أعداء الأمة العربية لشق الصف العربي وضرب تماسكه. المشاركة في «قمة الظهران» هل سيكون للبرلمان العربي ورقة خلال القمة العربية التي تستضيفها المملكة هذا العام؟ نعم ستخصص في الجلسة الافتتاحية للقمة كلمة لرئيس البرلمان العربي، سأتحدث فيها عن التحديات التي تواجه العالم العربي وسبل مواجهة هذه التحديات، وسأتطرق للملفات الاستراتيجية الكبرى التي يعمل عليها البرلمان العربي ونشاطه وتحركاته اقليمياً ودولياً وخطط عمله التي تناولت أهم القضايا الاستراتيجية والمحورية العربية خاصة قضية العرب الأولى فلسطين، ومواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، والتدخلات الخارجية في الشأن العربي، وسنشرح من خلال الكلمة ما يقوم به البرلمان العربي من تحركات وخطط عمل لمواجهة هذه التحديات بناءً على ما يضطلع به من مسؤوليات وما يملكه من أدوات على مختلف الأصعدة العربية والإقليمية والدولية، وسأتناول التحدي الذي تمثله القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) وسياساتها العنصرية البغيضة والسبل الكفيلة بمواجهتها دعماً لصمود الشعب الفلسطيني، وتحركات البرلمان العربي الذي أنشأ لفلسطين لجنة خاصة برئاسة رئيس البرلمان العربي باعتبارها قضية العرب الأولى، وخطط العمل الثلاث التي اعتمدها البرلمان العربي لدعم القضية الفلسطينية، اذ اعتمدنا خطة عمل لمواجهة التغلغل الإسرائيلي في القارة الافريقية، وخطة تحرك للتصدي للقرار الأميركي المرفوض الاعتراف بالقدس عاصمة للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، ولدينا خطة تحرك ضد ترشح القوة القائمة بالاحتلال للحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن لعامي 2019-2020، وسأشرح ايضاً من خلال الكلمة تحركات البرلمان العربي لمكافحة التطرف والإرهاب ومواجهة التدخل الخارجي في الشؤون العربية، وباقي الملفات الأخرى التي يعمل عليها البرلمان العربي في الجانب الاقتصادي والاجتماعي خدمةً للمواطن العربي. خطورة نقل السفارة الأميركية إلى القدس هل تتوقعون حدوث تأثيرات سلبية على الأمن القومي العربي حال نقل واشنطن سفارتها إلى القدس؟ أكيد، لأن مدينة القدس لها رمزيتها ومكانتها الدينية والتاريخية والثقافية العميقة، وليست محلاً للتنازل أو المقايضة لدى العرب والمسلمين فهم يحملون للقدس محبةً صادقة، وإيماناً راسخاً، ورفضاً قاطعاً للتخلي عنها، واستعداداً للتضحية في سبيلها، وما حدث في الشارع العربي والإسلامي من تظاهراتٍ واحتجاجاتٍ بعد قرار الإدارة الأميركية خير شاهد ودليل على المكانة الخاصة لمدينة القدس لدى العرب والمسلمين، وكيف أن هذا القرار استفز مشاعر العرب والمسلمين بل حتى أحرار العالم ولا يمكن التنبؤ بما قد يحدث لو تم تنفيذ هذا القرار هذا من ناحية. من ناحيةٍ أخرى فالقرار الأميركي رفضه العالم كله في جلسة تاريخية لمجلس الأمن في 21 كانون الأول (ديسمبر) 2017، وأصبحت الولاياتالمتحدة الأميركية خارجة عن الاجماع الدولي ومعزولة عن العالم، وخرجت عن حيادها ونزاهتها المطلوبين للقيام بدور الوسيط في عملية السلام بعد أن كشفت عن انحيازها بصورة علنية للقوة القائمة بالاحتلال. وأصبحت وسيط غير مقبول في مفاوضات السلام التي كانت ترعاها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقرارها المرفوض خطوةٌ للقضاء على الحل السلمي للقضية الفلسطينية، وضربٌ لكل المقررات والاتفاقيات العربية والدولية، والولاياتالمتحدة الأميركية ستتحمل مسؤولية تبعات هذا القرار اللا مسؤول، وما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة وعلى المستويين الإقليمي والدولي، وما يشكله من تهديد للأمن والسلم الدوليين، وبكل تأكيد نحن نأمل في ألا ينفذ هذا القرار حفاظاً على الأمن والسلم في المنطقة وفي العالم. ملف القدس ... هل تواصلتم مع الإدارة الأميركية بشأنه؟. نعم وجهت خطاباً لرئيس مجلس النواب الأميركي مباشرةً بعد صدور قرار الإدارة الأميركية المرفوض الاعتراف بالقدس عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال ونقل السفارة الأميركية إليها، وأكدت في رسالتي أن هذا القرار مخالف لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية ذات الصِّلة بالقضية الفلسطينية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين في المنطقة والعالم، ويستفز مشاعر العرب والمسلمين والمسيحيين. وطالبت بضرورة التزام الولاياتالمتحدة الأميركية - باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي - بما أقرته الأممالمتحدة من قرارات ذات صلة بمدينة القدسالمحتلة وكذلك مبادرة السلام العربية لعام 2002، ومبادئ القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد جميعها الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للقدس، وإن القدسالشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967. وطالبت من رئيس مجلس النواب الأميركي استخدام مجلس النواب صلاحياته في إعادة النظر في القانون الصادر عنه عام 1995م القاضي بنقل سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية إلى مدينة القدسالمحتلة وما يتضمنه من اعتراف بالقدسالمحتلة عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، الذي يتناقض مع موافقة الولاياتالمتحدة الأميركية على قرارات الشرعية الدولية، ويؤسس لتغيير وضع قانوني قائم لمدينة القدسالمحتلة، ويتحدى المرجعيات الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة، في مسعى مرفوض لحسم هوية القدس العربية الإسلامية والمسيحية لمصلحة القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل). مؤتمر «معاً ضد الإرهاب» عقدتم في شباط (فبراير) الماضي مؤتمراً بعنوان «معاً ضد الإرهاب»... ما هو أبرز ما توصلتم إليه؟ نعم بناءً على مبادرة البرلمان العربي تم عقد المؤتمر الثالث للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي ورئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والأزهر الشريف ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية ومجلس وزراء الداخلية العرب ولجنة حقوق الانسان العربية وممثل رئيس البرلمان الأفريقي، وصدر عن المؤتمر «الوثيقة العربية الشاملة لمكافحة التطرف والإرهاب»، والتي تمثل وثيقة هامة في تاريخ العمل البرلماني العربي عكست رؤية برلمانية عربية موحدة تجاه مكافحة التطرف والإرهاب، وفق مضامين جديدة ومقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وتربوياً، وتقنياً، وتشريعياً، وتحويل المواجهة من إجراءات معزولة تقوم بها كل دولة على حدة الى تخطيط استراتيجي شامل. وتم إصدار هذه الوثيقة إدراكاً من البرلمان العربي للتحديات الجسام، التي تواجه الأمة العربية، والمستجدات التي تستدعي مضاعفة الجهود العربية المشتركة، لمواجهة تنامي ظاهرة الإرهاب المقيت والتطرف والغلو، وتمدد الجماعات الإرهابية المسلحة داخل الدول العربية، وتداعيات كل ذلك على وحدة ونسيج الأمة العربية، وتمثل الوثيقة، إسهاماً برلمانياً عربياً من منظور شعبي، يتكامل مع السياسات والإجراءات الرسمية العربية، ويعبر عن الظروف بالغة الدقة التي تعيشها أمتنا العربية، ويضفي رؤيتنا وهويتنا العربية على الجهود الدولية والإقليمية إزاء محاربة الإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وإدانة الجرائم والممارسات الوحشية والمستنكرة للتنظيمات والجماعات الإرهابية، من جرائم ضد الإنسانية جمعاء، ورفع البرلمان العربي الوثيقة لجامعة الدول العربية لعرضها على مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.