وزراء وخبراء يرسمون ملامح مستقبل التعليم والعمل من الرياض    المملكة ترحب باستضافة عُمان للمحادثات الإيرانية - الأميركية    مسؤول صيني ل«الرياض» العلاقة مع المملكة أولوية بالنسبة للصين    قصف خامس يضرب مصحات غزة    وصافة النجمة في اختبار جدة    موسم الدرعية    جامعة جازان تستضيف ندوة "الإفتاء والشباب" لتوعية الجيل بأهمية الفتوى    شيخ علكم إلى رحمة الله    موقف سالم الدوسري من لقاء الخليج    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية    ريال مدريد يتغلب على آلافيس ويواصل مطاردة برشلونة في الصدارة    وزير الاقتصاد والتخطيط: رأس المال البشري يقود الثروات وينميها    السعودية تحصد الجائزة الكبرى و124 ميدالية في معرض جنيف الدولي    افتتاح الجناح السعودي بإكسبو أوساكا    700 قاضٍ يكملون الفصل الأول من الدبلوم العالي للقانون الجنائي    وزير الشؤون الإسلامية يوجه خطباء الجوامع بالحديث عن ظاهرة الإسراف والتبذير في الولائم    عبدالله بن فهد : ختام مميز لجولة الرياض يعكس عراقة الجياد العربية    أمانة الشرقية وجمعية بناء يناقشان سبل تقديم الدعم لرعاية الأيتام    المنظومة الصحية السعودية تحصد جائزة و19 ميدالية عالمية    مجمع الدمام ينقذ مريضة من نزيف يهدد حياتها    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    مصر ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    تمديد أعمال المسح للمنشآت الصناعية بالسعودية إلى 4 مايو 2025    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    رياح نشطة وأتربة مثارة على الرياض والشرقية    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    تفكيك مواقع "الحزب" والحكومة تصادق على قانون الودائع.. لبنان يستعيد الجنوب ويطلق إصلاح النظام المصرفي    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    الخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!    حمار مدندش    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    مقتل 100 شخص في مخيم زمزم و280 ألف لاجئ عالقون.. السودان.. «الدعم» يرتكب مجزرة في دارفور وأزمة إنسانية على الحدود    10 آلاف ترخيص زراعي في الربع الأول    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - الكويت وضرورة حماية احتياط النفط
نشر في الحياة يوم 07 - 07 - 2011

بعد اعتماد أكبر موازنة في تاريخ الكويت للسنة المالية 2011 - 2012، بات واجباً تأمل المستقبل الاقتصادي للبلاد وكيفية التحرر من مأزق الريعية. إن اعتماد موازنة بقيمة تزيد عن 19 بليون دينار (70 بليون دولار) لا بد أن تثير تساؤلاً مهماً حول مدى قدرة البلاد على الاستمرار في هذا النمط من الإنفاق الحكومي في مواجهة تزايد الالتزامات الاجتماعية والسكانية خلال السنوات المقبلة.
ولا شك في أن عدداً من أعضاء مجلس الأمة تحفظ على هذه الموازنة، وصوّت 20 عضواً على رفضها، بل إن رئيس لجنة الموازنات في مجلس الأمة وصفها ب «المجنونة»، لكنها أُقرَّت في نهاية المطاف. إلا أن الأهم من أرقام الموازنة، هو كيفية تخصيص المبالغ في بنودها، إذ يبلغ نصيب الرواتب والأجور ثمانية بلايين دينار، ما يعني أن متوسط الإنفاق على الموظفين والعاملين في الدولة، قد يكون الأعلى في العالم. ولو كان جهاز الحكومة راقياً وكفؤاً، لما تردد أحد في التأكيد على أحقيتهم في رواتب وأجور كهذه، إلا أن درجة الكفاءة متردية كثيراً، كما الجهاز الحكومي متشبع بأعداد من العاملين يفيضون عن الاحتياجات الفعلية للعمل، وهم يطالبون بتأمين كوادر وبدلات خاصة بهم لتحسن مداخيلهم من الوظائف الحكومية التي يشغلونها!
وتعكس موازنة الكويت طبيعة الأوضاع الاقتصادية في البلاد حيث تطورت أنماط الاقتصاد الريعي منذ بداية عصر النفط، ويمثّل الإنفاق العام التشوه الأساس في العملية الاقتصادية بعدما أصبحت النشاطات الاقتصادية كلها تعتمد على ما تنفقه الحكومة من أموال تحققها من إنتاج النفط وبيعه. وارتفعت الموازنة من 200 مليون دينار عام 1961، أي عام الاستقلال، إلى نحو 20 بليون دينار، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد السكان، من كويتيين وغير كويتيين، من 360 ألف شخص إلى 3.5 مليون.
وقد تختلف الأرقام، إلا أن القيم الاقتصادية بقيت ذاتها وإن تكرّست أكثر. وتبقى الدولة في الكويت راعية لكل نشاط اقتصادي وتعمل على تشغيل المواطنين وتتحمل تبعات قراراتهم المختلفة والأعباء التعليمية والرعاية الصحية والرعاية السكنية وخدمات ومرافق كثيرة، مثل الكهرباء والمياه والاتصالات. وإذا نظرنا إلى مشاريع الخطة الإنمائية، فسنكتشف مشاريع مرافق وخدمات، لا بد أن تزيد من التكاليف التشغيلية مستقبلاً، إذ إن العائد من تلك المرافق والخدمات اجتماعي وليس اقتصادياً، وتتزايد هذه الأعباء مع تزايد أعداد المواطنين والمقيمين الذين يُستقدَمون لأداء أعمال مختلفة في القطاع الخاص والقطاع المنزلي والقطاع العام، خصوصاً أن كثيراً من الوظائف والمهن لا تزال بعيدة عن جذب المواطنين.
وأشارت الموازنة إلى أن نفقات السنة المالية 2011 - 2012 ستبلغ 19.4 بليون دينار، في حين أن الإيرادات قُدرت ب 13.5 بليون دينار، من بينها 12.3 بليون دينار إيرادات نفطية، ما يعني أن هناك عجزاً افتراضياً يقارب 6.0 بليون دينار. وربما افترض أعضاء مجلس الأمة وأعضاء الحكومة أن تقدير الإيرادات النفطية كان متحفظاً وبُني على أساس أن سعر برميل الخام الكويتي سيكون 50 دولاراً، في حين يراوح السعر الحقيقي ما بين 100 و105 دولارات. لكن إمكانات تراجع سعر النفط تبقى قائمة، فهل ستدفع هذه الالتزامات إلى زيادة الإنتاج؟ تخطط «مؤسسة البترول الكويتية» لرفع الإنتاج من ما بين 2.4 و2.5 مليون برميل يومياً إلى أربعة ملايين، فهل يمكن اعتبار مثل هذه الخطط رشيدة اقتصادياً؟
لا شك في أن أي زيادة في الإنتاج ستؤدي إلى استنزاف للثروة النفطية، وإذا كانت هذه الخطط تفترض بلوغ إنتاج يساوي أربعة ملايين برميل يومياً عام 2020، يجب التمعن فيها. وظلت تقديرات الاحتياط الطبيعي للنفط في الكويت تطرح رقم 100 بليون برميل، لكن خلال العقد الماضي، أُثيرت ملاحظات وتحفظات حول تلك التقديرات، وذكر البعض أن الاحتياط لا يتجاوز 50 بليون برميل، في حين طرح مختصون أنه قد لا يزيد عن 24 بليون برميل، ما يعني عمراً أقصر للنفط في ظل معدلات الإنتاج الحالية.
يتطلب الحفاظ على الثروة النفطية لمدة زمنية طويلة إذاً، لجماً للإنفاق العام للتخفيف من احتياجات التمويل، ولن يتحقق ذلك من دون إعادة النظر في القيم الاجتماعية والاقتصادية السائدة وإعادة الاعتبار لقيم المبادرة الخلاقة وحفز دور القطاع الخاص والتوظيف الأمثل للموارد البشرية والمالية والمادية. وتتطلب إعادة النظر هذه توافقاً سياسياً ومجتمعياً وارتقاءً بالمسؤولية الاجتماعية واحتراماً لقيم العمل والبذل والعطاء وزيادة الاعتماد على الموارد البشرية الوطنية.
غني عن البيان أن المطلوب هو إنتاج ثورة ثقافية تعصف بمنظومة القيم التي تتحكم بسلوكيات المواطنين والسياسيين وتعزز من مسؤولياتهم تجاه المستقبل، وعندما كان الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، ولياً للعهد ورئيساً للوزراء عام 1976، أسس «صندوق احتياط الأجيال القادمة»، بهدف تنويع قاعدة الإيرادات السيادية في البلاد، ولذلك فإن المطلوب الآن هو استشراف مستقبل هذه الأجيال وكيفية تمكينها من العيش بكرامة واقتدار في ظل المتغيرات المحتملة في الاقتصاد العالمي والتحولات في مصادر الطاقة. لكن الاستمرار في استنزاف الثروة وهدر الموارد المالية لن يتوافق مع الأهداف الموضوعة سابقاً والواجب تأكيدها مجدداً الآن من أجل ضمان مستقبل اقتصادي واعد للبلاد.
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.