رحّب معارضون ليبيون أمس السبت بالاقتراح الذي تقدم به الاتحاد الأفريقي للسلام في ليبيا وقالوا إنهم يفسرونه على أنه يعني ضرورة ألا يلعب الزعيم الليبي معمر القذافي أي دور بعد الآن في قيادة البلاد. جاء ذلك في وقت جدًدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعوتها القذافي إلى التنحي، في ظل تصعيد حلف شمال الأطلسي «الناتو» غاراته على طرابلس. وعرض زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي الجمعة استضافة محادثات على الفور بين طرفي الصراع في ليبيا لمناقشة وقف إطلاق النار والانتقال إلى حكومة ديموقراطية لكنهم لم يحسموا مسألة ما إذا كان هناك أي دور في المستقبل للقذافي. وقال منصور سيف النصر ممثل المعارضة في فرنسا للصحافيين في قمة الاتحاد الافريقي في غينيا الاستوائية إن المعارضة تتفهم أن روح الوثيقة تعني أن القذافي لن يلعب أي دور في مستقبل ليبيا. ولم يرد مسؤولو القذافي بعد على الخطة. وقالت وثيقة اطلعت عليها «رويترز» في اختتام القمة الافريقية إن الدول الأعضاء لن تنفّذ أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية ضد القذافي تاركة احتمال لجوء القذافي للإقامة في إحدى الدول الثلاث والخمسين الأعضاء في الاتحاد مفتوحاً. وفي مدريد (أ ف ب)، جدّدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون السبت المطالبة بتخلي الزعيم الليبي معمر القذافي عن السلطة بدل إطلاقه التهديدات لأوروبا. وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي خلال زيارة لمدريد: «بدل إطلاق التهديدات يتعيّن أن يعطي القذافي الأولوية لمصلحة شعبه وما فيه خيره وأن يترك السلطة ويساعد في تسهيل التحول الديموقراطي». وقالت نظيرتها الإسبانية ترينيداد خيمينيث إن موقف الحلف لم يتغير. وأضافت: «رد إسبانيا والتحالف الدولي هو مواصلة (إظهار) الوحدة والعزم اللذين نعمل بهما على مدى الشهور الماضية». وكان القذافي قال في كلمة له عبر الهاتف بثها التلفزيون الليبي أمام نحو 100 ألف من أنصاره الذين تجمعوا في الساحة الخضراء في طرابلس، مساء الجمعة، إنه يدعو حلف «الناتو» إلى وقف حملته الجوية وإلا سيجازف بتدفق المقاتلين الليبيين على أوروبا «مثل الجراد ... مثل النحل». وتوعد القذافي بالقتال حتى النهاية ووصف عملية الحلف بأنها عدوان استعماري يستهدف سرقة ثروة ليبيا النفطية. وقال: «أنصحكم، إذا اردتم السلام وأن تعود الأمور الى ما كانت عليه قبل 100 يوم، أن تتفاهموا مع الشعب الليبي». وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر اعتقال بحق القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس الاستخبارات العسكرية الليبية عبدالله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية. وأضاف القذافي: «إذن المعاملة بالمثل، السن بالسن والعين بالعين والبادئ أظلم .. الطفل بالطفل والبيت بالبيت والعائلة بالعائلة والمقر بالمقر. إذا قررنا نحن قادرون على أن ننتقل إلى أوروبا مثل الجراد .. مثل النحل. ولكن أنصحكم أن تتراجعوا قبل أن تحل بكم الكارثة». وجاء خطاب القذافي بينما اضطرت المعارضة الليبية المسلحة التي تقدمت الى مسافة 80 كيلومتراً من العاصمة طرابلس الى التقهقر الجمعة أمام قصف صاروخي من جانب القوات الحكومية. وأعلن حلف شمال الأطلسي في بروكسيل، السبت، أن طائراته كثّفت غاراتها على انحاء غرب ليبيا خلال الأيام الماضية حيث دمّرت 50 هدفاً عسكرياً لمواجهة تعزيز القذافي لقواته قرب المدن الرئيسية في المنطقة. وتركزت العمليات التي باشرها الحلف على مدار الساعة منذ الإثنين على المنطقة الممتدة من جبل نفوسة قرب الحدود التونسية إلى مدينة مصراتة غرب العاصمة الليبية. وقال الليفتنانت جنرال تشارلز بوتشارد قائد عمليات الأطلسي في ليبيا: «نستهدف كافة العتاد العسكري الذي يستخدم لضرب المدنيين بشكل عشوائي في مختلف انحاء ليبيا». وتابع: «يواصل الحلف الأطلسي تصعيد ضغوطه على نظام القذافي كما يواصل حمايته للمدنيين أينما تعرضوا للهجوم». وقال بيان الحلف إن ضرباته الأخيرة جاءت «بعد تعزيز القوات الموالية للقذافي تواجدها في مناطق حضرية رئيسية وعلى خطوط اتصال رئيسية». وتابع البيان: «يشكّل الحشد الليبي تهديداً حقيقياً لأكثر من 1.8 مليون مدني يعيشون في مدن نالوت وطرابلس وغريان والخمس ومصراتة». وقال الحلف إن طائراته ضربت خلال الأيام الأربعة الماضية في غريان، 80 كيلومتراً جنوبطرابلس، ثمانية اهداف بينها مجمع عسكري يستخدم لاعادة تزويد قوات القذافي، فضلاً عن دبابات ومركبات عسكرية أخرى. كما استهدفت غارة جوية أخرى شبكة انفاق تستخدم لإخفاء عتاد عسكري في الجبال قرب وادي تاورغاء على بعد 50 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس. ويرفض مسؤولون عسكريون في التحالف وصف الوضع على الأرض بالجمود بعدما أجهدت حملة القصف المستمرة منذ 104 ايام القوة النيرانية للائتلاف الدولي وتمثل اختباراً لوحدته مع بدء ظهور انقسامات داخله في شأن الاستراتيجية.