تخيلوا لو لم يتم تعليم إناث الأمة، ولو لم يتم إدخال السيارات، ولا المبرقات ووسائل الاتصالات، ولم يتم استخدام الألبسة العسكرية، ولم يتم السماح بتناول القهوة العربية (التي أصبحت المشروب المفضل للممانعين الأوائل!)، ولم يتم تركيب الميكروفونات في الحرمين الشريفين مع التوسعة، ولم يتم إطلاق خدمة التلفاز (وينقل الآن البث الحي من الحرمين)، ولم تلتحق الطبيبات بالمشافي لمباشرة علاج المريضات والمرضى، ولم تباشر المعلمات التدريس!... هل كنا سنصبح في مصاف الأمم؟! لقد أضعنا سبعة أعوام منذ صدور قرار تأنيث محال المستلزمات النسوية، بتعطيل ذلك القرار السيادي من الممانعين! كانت المحتاجات للعمل إستفدن فيها الخبرة والدخل الطيب بدلاً من مذلة الاستدانة أو الطرارة (بشتى صورها)! مع تجنيب إناث الأمة الاضطرار للتعامل مع العمالة الوافدة (الذكور) الذين يفتقرون لأدنى معايير التأهيل المعتبرة! وفي أمور تخصهن وحدهن! بل حتى ببلاد الغرب يتم شراؤها من البائعات فقط! ومع ما في التعامل مع البائعين المقبلين من كل حدب وصوب من خدش للذوق والحياء، خصوصاً إناثنا الرقيقات المحافظات وذوات الخصوصية الفريدة التي نجأر بها ليل نهار، إلا أن الممانعين غضوا الطرف عن كل السلبيات، مثلما غضوا الطرف عن الاختلاء مع سائقين فاقدي الأهلية، فلا نعرف سيرتهم الذاتية، ولا خلفيتهم الاجتماعية أو النفسية أو الدينية، مع عائق اللغة! ومدى صلاحيتهم للعمل ضمن الأسرة السعودية المحافظة جداً وذات الخصوصية المتفردة... وقد امتلأت الصحف بأخبارهم التي يندى لها الجبين. كتائب الممانعة والتعطيل تعطلت كوابحهم، وأصبحوا بلا ضوابط، ولا حدود للاعتراض وما لا يحق لهم أصلاً، صار بمقدورهم تجاوز الخطوط الحمر بالهجوم السافر على القرارات السيادية، وعلى بعض رموز الدولة في أشخاصهم وأعراضهم ووطنيتهم ودينهم، ولم يسلم منهم الكتّاب، إذ وصفوهم بالمتردية والنطيحة! مع أنهم يقرؤون (ولقد كرمنا بني آدم) الآية، والحديث «وهل يكب الناس على رؤوسهم في النار إلا من حصائد ألسنتهم». إنها ظاهرة خطرة، إذا لم يتم ضبط الأمور وتعريفهم بحدودهم، وبالفرق بين حرية إبداء الرأي وبين إعطاء أنفسهم حق مصادرة التنمية الوطنية وبرامج الإصلاح، والمحاولات الحثيثة لحلحلة المشكلات التي كانوا أشنع أسبابها الرئيسة. رحم الله الدكتور غازى القصيبي، كان مستغرباً حزيناً بعد تعطيل قرار التأنيث، وعلى رغم صدوره من أعلى سُلطة في البلاد، فكم مضى من الوقت على ذلك القرار، حتى تفضَّل ملك الإصلاح بإعطاء الضوء الأخضر لتنفيذه، وكذلك غيره من القرارات التي تنتشل الفتاة السعودية من الظلم الشنيع الذي تعرضت له بمنعها من أبسط حقوقها في العمل الشريف... فهل كنا نحتاج إلى كل هذا الوقت في مسألة كهذه؟ المهم في كل هذا هو حماية القرارات من كتائب التعطيل التي لن تتأخر في نصب منصاتها الهجومية التي تستخدم كل أنواع الأسلحة (حتى المحرمة أخلاقياً ودينياً)، على رغم أنها تدعي الاتكاء على «الدين» ولن تستثني قذائفهم الكلامية أي أحد، وهنا المحك، إذا أردنا أن نثْبِتَ جديتنا وعزمنا على تنفيذ ما رأيناه وقررناه أنه صالح للوطن... فإما أن نمضي وندع صراخهم يتلاشى في الفراغ اللامتناهي، أو نحْنِي هاماتنا لعواصفهم الهوجائية... وهذا ما لا يجب أن نفعله بعد الآن. لسان الفتى نصْفٌ ونصْفٌ فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم [email protected]