ليس مستبعدا أن تبدأ كتيبة الممانعة والتعطيل هجومها على قرار الدفع بالمرأة إلى سوق العمل الذي تضمنه الأمر الملكي الأخير. هذه الكتيبة لم تعد لديها «فرامل» ولا ضوابط ولا حدود لما يمكن أن تعترض عليه وما لا يحق لها، وصار بمقدورها تجاوز الخطوط الحمراء بالهجوم السافر على القرارات السيادية وعلى بعض رموز الدولة في أشخاصهم وأعراضهم ووطنيتهم ودينهم، ما يشكل ظاهرة خطيرة إذا لم يتم ضبط الأمور وتعريف هؤلاء بالفرق بين حرية إبداء الرأي وإعطاء أنفسهم حق مصادرة التنمية الوطنية وبرامج الإصلاح وحلحلة المشاكل التي كانوا أحد أسبابها الرئيسية. رحم الله الدكتور غازي القصيبي .. حدثته ذات مساء بعد تعطيل قرار تأنيث محلات بيع الملابس النسائية مستغربا وحزينا من إيقاف تنفيذ القرار رغم صدوره من أعلى سلطة تنفيذية، ووجدته حزينا ومكتئبا مثلي. كانت إجابته جزءا من براعته في إيصال ما يريد قوله بطريقته الخاصة، وانتهت المكالمة بحزن كثيف مشترك بيننا .. كم مضى من الوقت على ذلك القرار حتى تفضل ملك الإصلاح بإعطاء الضوء الأخضر لتنفيذه وغيره من القرارات التي تنتشل الفتاة السعودية من الظلم الشنيع الذي تعرضت له بمنعها من أبسط حقوقها في العمل الشريف، فهل كنا نحتاج إلى كل هذا الوقت في مسألة كهذه؟؟ قرار تأنيث المصانع والمحلات النسائية سيوفر مئات آلاف من الوظائف، فبحسب تقديرات المتخصصين سيوفر تأنيث محلات الملابس النسائية لوحده حوالى نصف مليون وظيفة خلال عامين، وإذا بدأنا في تأنيث بقية المرافق التي أشار إليها القرار فإننا سنوفر ملايين الوظائف خلال وقت لن يطول. وأما إذا التفتنا إلى مجالات أخرى كثيرة بإمكان المرأة العمل فيها فإن ملف بطالة المرأة سيكون جزءا من الذكريات السيئة للماضي. المهم في كل هذا هو حماية القرار من كتيبة التعطيل التي لن تتأخر في نصب منصاتها الهجومية التي تستخدم كل أنواع الأسلحة حتى المحرمة أخلاقيا ودينيا رغم أنها تدعي الاتكاء على الدين. لن تستثني قذائفهم الكلامية أي أحد، وسيعملون بكل جهد ومثابرة على إثارة لغط كبير كعادتهم .. وهنا المحك إذا أردنا أن نثبت جديتنا وعزمنا على تنفيذ ما نراه صالحا للوطن، فإما أن نمضي وندع صراخهم يتلاشى في الفضاء، وإما أن نحني رؤوسنا لعواصفهم فهذا ما لا يجب أن نفعله بعد الآن.