النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولكن ليس بلباس الغير من دون انتحال شخصية الآخرين، لدرجة أن تقوم تلك الجهة بنفى انتسابهم إليها! العاقل لا يُنصب نفسه قيماً على الآخرين، وهناك من هو أعلى منه علماً ومعرفة، وفى موقع المسؤولية، والعاقل لا يُناصب جنس المرأة العداء لا لشيء إلا لكونها امرأة؟ مخالفاً بذلك روح الإسلام الذى جاء بالعدل والمساواة، في الحقوق والواجبات. أما من يريد لها فقط البقاء فيبيتها، فليقم أولاً بتوفير حاجاتها الأساسية من سكن وزوج ومصدر رزق ثابت، وعندها سنرى أن من أحب الأمور إلى نفسها «أي المرأة» هو البقاء فى بيتها! أما أن ينبرى هؤلاء إلى جانب ويتعاموا عن الجوانب الأهم، فهذا عين الخطأ، وليراجع هؤلاء أنفسهم، ويجيبوا عن بعض الأسئلة التي يوجهونها لأنفسهم: الثياب البيضاء التى يلبسونها أين صُنعت؟ والشماغ ذات الماركات النخبوية، أين نُسجت؟ والنظارة السوداء بماركتها المشهورة من أين استوردت؟ فلينبروا أولاً إلى تشجيع تصنيعها وطنياً وبأيدٍ سعودية، بدل قول البعض منهم بأن الله سخرهم «أي الغرب» لنا لكي يصنعوا! ونحن نشتريها منهم بأموالنا! وهذا قول مردود عليهم، فكل الأنبياء كانوا يعملون يدوياً، نوح عليه السلام عمل نجاراً، ومن اشتغل بحياكة الثياب، ورعى الأغنام وغيرها من الأعمال اليدوية، والنسوة كن يعملن في الحقول، بل ويرعين الغنم، ويصنعن السلال والزنابيل وسفرة الطعام من سعف النخل، والمراوح اليدوية وغيرها الكثير، لم يكونوا يستوردون شيئاً؟ فى إحدى السنوات جاء إلينا من ادعوا أنهم من رجال الحسبة، وطلبوا من مدير الثانوية عقد اجتماع معهم، واستجاب المدير من دون المطالبة بإبراز ما يثبت هويتهم أو مرجعهم! وفى الإجتماع «الإدارة كاملة مع المدرسين» إدعوا أن اللغة الإنكليزية لغة دخيلة علينا ويجب التوقف عن تدريسها، وأضافوا قائلين إن هناك توجهاً إلى إلغاء هذه المادة، ونصحوا مدرسي المادة بالبحث عن أعمال أخرى؟ وهنا أصابنا الوجوم، وأصاب مدرسي المادة الهلع! فهذا تخصصهم، وهو مصدر رزقهم، وليست لديهم مهارات أخرى، أما أنا ففكرت فى فتح محل خياطة، إذ أجيد التفصيل، فقد اكتسبت المهارة بالمرحلة الابتدائية، إذ كنا نتعلمها من بعد صلاة العصر وحتى العشاء، فكانت «صنعة فى اليد أمان من الفقر» وبقية الزملاء منهم من فكر بفتح مطعم أو مكتبة «قرطاسية» أو غيرهما... هؤلاء، أتوا ليثيروا الهلع وينشروا الإشاعات، فهم يظهرون لنا بأنهم من فئة الصالحين، أو المتخصصين بأمور الدين أو التدين! أتمنى على الإخوة هؤلاء أن يطلعوا على أوضاع البيوتات لدينا، فكل بيت فيه خريج من الجامعة أو الكلية أو المعهد، أو خريجة جامعية أو كلية أو معهد فى بند العاطلين والعاطلات! وهن وصلن أعتاب العنوسة أو تعدينها، فالشاب لا يستطيع الزواج، والفتاة ليس لها مصدر رزق، والأيام تجري، والعمر ينصرم، فمن سيدفع الكهرباء؟ وقيمة فواتير الهاتف والجوال؟وبعضهن لجأن إلى الاقتراض من الجيران، ولكن إلى متى؟ وقد سُدت فى وجوههن فرص العمل فى محال اللوازم النسائية؟ على رغم الأوامر السامية بالسماح لهن بالعمل فى تلك الأنشطة النسائية «بلا اختلاط، أي نساء يبعن لنساء فقط» ومع ذلك تم منعهن، والأغرب غضهم الطرف عن شرائهن تلك اللوازم من الباعة الجائعين، الذين استُقدموا من بلدان ليست كبلادنا فى الثقافة أو الدين، يتحدثون مع نسائنا أثناء الشراء، ويرون منهن ما لا نريدهن أن يُظهرنه للأجانب! كيف نرضى بذلك؟ أين الغيرة هنا؟ لماذا لا نعينهن على العمل فى المجالات المناسبة لخصوصيتنا؟ هل في إبقاء العاطلات من الخريجات الجامعيات وغيرهن من اللواتي لم يتح لهن الزواج في البيوت، وبذلك الوضع، غير الضرر البليغ والموت البطيء، واللجوء إلى أنواع «الطرارة» والاقتراض وما ينجم عنهما من مشكلات خطرة كثيرة؟ ولكن المنع من كل شيء ولمجرد المنع من دون القدرة على خلق وإيجاد البدائل المناسبة، هو الفشل بعينه الذي يصل حد إلحاق الضرر بإناث الأمة، وهذا لا يقبله أى مسلم غيور، وعلى الناصحين والمحتسبين المشاركة في إيجاد فرص العمل لهن، كما تفعل المؤسسات الخيرية أو الشركات في فك الضيق عن الأسر الكثيرة المحتاجة، فقط عليهم استجلاء الحقيقة للإطلاع عن كثب على ظروف هؤلاء المحتاجين والمحتاجات، وهذا واجب على الجميع وبلا إستثناء، فالأمة كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. [email protected]