صيف الجزائريين هذه الأيام، ساخن على جبهات كثيرة، فأصحاب المآزر البيضاء غاضبون على وزير الصحّة، وأصحاب المآزر السوداء منزعجون من قانون المحاماة الجديد، وأصحاب الأحزاب والمنظمات والجمعيات منشغلون بالمشاورات السياسية، ولا سؤال لهم سوى أيهم أصلح للجزائريين نظام برلماني أو رئاسي أو مزيج بينهما؟ وأصحاب الجلد المنفوخ، لا حديث لهم سوى أيهما أصلح لتدريب المحاربين المنهكين في موقعة مراكش، مدرّب وطنيّ أم أجنبيّ؟ وبين الوطني والأجنبي، يوضع الحاج روراوة على منصّة الشنق، وكأنه لم يكن مسؤولاً عن قيادة المنتخب إلى مونديال 2010، وهو المسؤول عن الهزيمة أمام المغرب. فانقسم الجمهور بين رأيين مختلفين، وكان على المكتب الاتحادي، الهيئة التنفيذية، للاتحاد الجزائري لكرة القدم، أن يفصل في الأمر، بأن رجح كفّة مدرب، يذكرونه بخير لأنّ له مساره في الكرة العربية والافريقية والفرنسية، قبل أن يكون لاعباً في.. يوغسلافيا سابقاً. وأعني به وحيد خليلوزيتش، الذي قال في فترة سابقة "لو لم أكن لاعباً أو مدرّباً لكرة القدم، لكنت جنرالاً في الجيش البوسني". ومن حظّي أنني زرت سراييفو في خريف 2010، ومررت قريباً من موستار، حيث ينتسب وحيد، وهي واحدة من أجمل المناطق في البوسنة، التي شهدت أشرس المعارك ضد الكتائب التي استهدفت مسلمي البوسنة والهرسك، من الصرب والكروات. خليلوزيتش، يصفه القريبون منه، أنه رجل انضباط، وقدرة على إدارة أمزجة اللاعبين، وهو من النوع الذي تقلقه الخسارة. ورغم أنّه لم يحز ألقاباً كبيرة على صعيد المنتخبات، إلاّ أنّ له مساراً إيجابياً في كرة القدم، مكنّه من حيازة تجربة كافية، ليضعها في خدمة فريق يمكن القول إنّه يملك جاهزية الاستمرارية في نهج بلوغ كأس افريقيا 2013، ومونديال البرازيل 2014، وهو ما صرّح به لإذاعة الجزائر الدولية. إنّ الرجل الذي، خبر الجزائريين في فرنسا طويلاً في ملاعب فرنسا، ويدرك أنهم كانوا عظماً قاسياً في أنغولا حين أطاحوا الفيلة في موقعة تذكرها الألسن إلى اليوم، هو رجل يعرف أن إمكانية النجاح متوفّرة، على أن يترك الرجل وشأنه، ولا يكثر المتفيقهون في الكرة، ويتحوّل ثلاثة أرباع الجزائريات والجزائريين إلى وحيدة ووحيد (..) فيقولون هل من مزيد؟ وصلتني رسالة من قارئ ذكيّ، حريص وصريح، قال لي "أريد أن أوضح لك أمراً هاماً وهو أن كل الأسماء الكبيرة في عالم التدريب التي تحدثت عنها في عمودك المعنون بطابور في بيت روراوة هي أسماء لم تقم ببعث سيرها الذاتية للموقع الالكتروني للفاف وإنما روراوة هو من أراد الضحك على الشعب وعلى مسؤولي الدولة الكبار لإيهامهم بأن الخضر لا زالوا في أحسن أحوالهم رغم النكسات الأخيرة.. رغم أن روراوة لا يفهم في الكوتشينغ شيئاً، والكل يعلم أنه رجل إعلام وإداري قبل أن يعرف كرة القدم". فكان ردّي أنّ "روراوة، قدم الكثير للكرة الجزائرية، وليس من السهولة، أن نلغيه بجرّة قلم. وإنّ ما قام به، ليس قليلاً في بناء منظومة كروية وطنية ذات ملامح احترافية. وأمّا المدربون الأجانب الذين ترشّحوا لتدريب المنتخب الوطني، ليسوا سذجاً، ليلعبوا ورقة خاسرة. فهم يعرفون أن المنتخب الذي أدّى مشوارا جيّدا في المونديال، قادر على أن يحقق الأفضل، فاللاعبون موجودون، وشروط النجاح متوفرة.". فعقّب القارئ بما يلي "أشكرك على الردّ الذي لا أنكر أنّ فيه العديد من الحقائق ومنها أن روراوة قدم الكثير للكرة الجزائرية وهذا لا يمكن أن ينكره أي إنسان على وجه المعمورة لكن تكذيبات المدربين الأجانب لبعثهم بسيرهم الذاتية لموقع الفاف يؤكد أن روراوة داهية وأراد مغالطة كبار السياسيين والتأكيد لهم أن المنتخب في أحسن أحواله". وأضاف بأنه "يتوجب على المسؤول الأول أن يبدأ بالمديرية الفنية للمنتخبات لأن قدوم مدرب أجنبي كبير لن يكون حلاً للمشكل لأن لبّ النكسات التي أضحت تعيشها كرتنا في الوقت الحاضر هي انعدام التخطيط والبرمجة". وهو كلام صائب.. لتجنب المصائب. [email protected]