ما إن أطلق الاتحاد الجزائري لكرة القدم «مناقصة دولية لجلب مدرب عالمي للمنتخب الأول»، حتى انفجر البريد الالكتروني للحاج روراوة بطلبات العديد من المدربين المنتشرين في القارات الخمس، وتبيّن أنّ أسماء مثل زيكو وكلينسمان وخليلوفيتش، وتوشاك ولاكومب ولو غوين، ودونغا.. كلها ترغب في تدريب المحاربين الذين انكسروا في موقعة مراكش. لقد كان اللجوء إلى خيار المدرب الأجنبي، أشبه بآخر الدواء الكيّ، فسعدان، الذي يبقى أكثر المدربين الجزائريين، حضوراً في المونديال، إلاّ أن المنتخب بقي طويلاً أشبه بكأس ماء نصفه فارغ والنصف الآخر ملآن، أي أنه لا يسجّل أهدافاً، وليس من السهولة بمكان أن تسجل عليه أهدافاً.. والناس يريدون أن يفرحوا، ولا فرح دون أهداف. وجاء عبد الحق بن شيخة، تحدوه رغبة كبيرة في فكّ شفرة الهجوم والخروج من دائرة العقم، لكنّ ذلك لم يتحقق. فأعلنت صفارات الإنذار في بيت الفاف، وينقسم الناس بين مطالب بتجديد الثقة في المدرب الوطني، وظهر منتدى يديره بعض أنصار هذه الفكرة تحت شعار «ماجر وطني» يدعون فيه إلى جمع آلاف التوقيعات لإعلان أيقونة الكرة الجزائرية ماجر مدرّباً، بينما يأخذ جزء هام من الرأي العام موقفاً مؤيّداً إلى ما ذهب إليه روراوة من ضرورة الفصل في أمر مدرّب أجنبي، ذي تجربة تعود بالفائدة على منتحب الجزائر المطالب بالعودة سريعاً إلى منافسات كأس أفريقيا 2013 وبعدها مونديال 2014 بعد أن سقطت ورقة التأهل لنهائيات أمم أفريقيا 2012 في الماء. وللأمانة، فإنّ فكرة المدرب الأجنبي، لم تكن جديدة على روراوة، فالرجل تبنّى فكرة المدرب الوطني من منطلق أنها الأصل، وبعد أن استنفذت فاعليتها، لجأ إلى الحلّ الأجنبي، وتلك ليست بدعة. فالإنكليز لجأوا إلى الإيطالي كابيللو، وهي أمة كرة القدم، والبرتغال استعانت بخدمات البرازيلي سكولاري وهي ذات تقاليد في كرة القدم، وأماّ افريقيا وآسيا فهما سوق مفتوحة للمدربين من كلّ الجنسيات، لأن الكرة لم تعد فعلاً خارج التجارة، ومثلما يتمّ اللجوء إلى خبراء في مجالات علمية وتكنولوجية، يمكن اللجوء إلى خبراء الجلد المنفوخ، وتشكّلت في العالم بورصة خاصة باللاعبين والمدربين، ترتفع وتنخفض بحسب ما يحققونه من ألقاب ونتائج. ولاحظت أنّ بين الأسماء الأجنبية التي قاربت الخمسين، ممن ترشحوا لقيادة منتخب الجزائر، يوجد مدربان من أصل جزائري، في بلدين أحدهما أوروبي والآخر في أمريكا الشمالية، وحاصلان على مؤهلات علمية عالية، وهو ما يؤكّد أن إمكانية النجاح متوفّرة للجزائريين، وغيرهم، إذا ما اتسموا بروح العمل والجديّة، ومن أمثلة ذلك أن اثنين من مدربي الرابطة المحترفة يحظيان بتقدير كبير هما، رشيد بلحوت مدرب شبيبة القبائل القادم من بلجيكا حيث كان مدرباً بها، ونورالدين زكري القادم هو الآخر من إيطاليا حيث كان مدربا ناجحاً أيضاً في منطقة ميلانو. إلى جانب الفلسطيني منصور الحاج سعيد الذي قدم من ألمانيا، والثلاثة مرّوا عبر بوابة وفاق سطيف ليتنقلوا بعدها إلى فرق أخرى، ينالون ألقاباً وكؤوساً.. فالمدرب الوطني، يمكنه أن ينجح إذا توافرت له بيئة صحيّة، ولم تمارس عليه ضغوط المحيط. والمدرب الأجنبي، يمكن له أن ينجح، مثلما يفشل، إذا حدث له ما حدث للمدرب البلجيكي لينيكس الذي كان يدرب منتخب الجزائر، وأذنه في هاتف زوجته ملكة جمال بلجيكا التي تطالبه بالعودة إلى الديار.. ففشل في الجزائر، وهو ينصع بهجة بلجيكا هذه الأيام بعد سنوات من الجدب. وفي انتظار ظهور الدّخان الأبيض من بيت الفاف، يتسلل النقاش إلى دوائر السياسيين في الجزائر الذين بدا جليّاً أنهم منقسمون بين إنتاجين أحدهما وطني.. وآخر أجنبي مستورد. [email protected]