أصابت مطالبات «هيئة الزكاة والدخل» العديد من الشركات والمصارف بقلق من أن تعيد «الهيئة» فتح الملفات القديمة للشركات وتبدأ في التحقق من موازناتها السابقة التي كانت تقدمها للهيئة، خصوصا أن الكثير من الاقتصاديين يرون أن حجم الزكاة الذي تحصله الهيئة لا يتناسب مع حجم الاقتصاد السعودي، مرجحين قيام المصارف بالضغط لإلغاء طريقة احتساب الوعاء الزكوي. وتطالب «هيئة الزكاة والدخل» المصارف السعودية بدفع بلايين الريالات كفروقات عن السنوات السابقة، يتوقع أن تتجاوز 15 بليون ريال، وذلك بسبب تغيير في احتساب الوعاء الضريبي، إلا أن المصارف قدمت اعتراضات لا تزال موضع بحث. وبلغت ايرادات زكاة عروض التجارة خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 42.2 بليون ريال، فعن السنة المالية 1436-1437ه بلغت نحو 15,29 بليون ريال، وفي موازنة 1435-1436ه بلغت نحو 14.17 بليون ريال، وفي 1434-1435ه بلغت نحو 12.76 بليون ريال. وظهر هذا الأمر إلى الواجهة مع صدور القوائم السنوية للبنوك السعودية التي تظهر تباعاً. إذ تقوم الهيئة باستبعاد الاستثمارات طويلة الأجل والوديعة النظامية والإيجار التمويلي عند احتساب الوعاء الزكوي. وبحسب ما هو متداول، فإن مطالبات هيئة الزكاة على المصارف تصل إلى 15 بليون ريال، إذ تبلغ على «بنك الجزيرة» 462 مليون ريال، والمطالبات على «بنك الرياض» تبلغ 3.5 بليون ريال، وعلى «بنك البلاد» تبلغ 615 مليون ريال، وعلى «بنك الراجحي» 1.7 بليون ريال، وعلى «سامبا» 2.1 بليون ريال، وعلى «ساب» 1.6 بليون ريال، وعلى «الفرنسي» 1.3 بليون ريال، وعلى العربي 1.1 بليون ريال، وعلى الأهلي 2.2 بليون ريال. ويرى اقتصاديون أن طريقة احتساب الزكاة مؤثرة في الأصول، وهي عبارة عن رأس المال ناقص الأصول الثابتة ناقص الاستثمارات، حيث طرق اختلاف أخيرا على جزئية الاستثمارات، إذ تم إعفاء السندات الحكومية الأمر الذي لا ينطبق على الاستثمارات طويلة الأجل، وهذا ما أثر في ارتفاع الوعاء الزكوي لدى مصلحة الزكاة ومطالبتها بحجم زكاة أكبر. وتوقعوا أن تقوم المصارف بالضغط على هيئة الزكاة والدخل باختلاق بعض الآثار لهذه المطالبات من قبيل أنها ستؤثر في قدرة البنوك على إقراض القطاع الخاص، ما سيؤثر في سيولة المصارف وفي نسب الفائدة من أجل إعادة النظر في طريقة احتساب الوعاء الزكوي. وكانت «الحياة» نشرت في وقت سابق أن المصارف السعودية المدرجة أسهمها في السوق المالية والتي أعلنت نتائجها المالية وعددها 11 مصرفاً عدا (البنك السعودي للاستثمار) الذي لم يعلن نتائجه بعد، سجلت أرباحا صافية في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بنسبة 2.4 في المئة مسجلة 33.3 بليون ريال، في مقابل 32.5 بليون ريال للفترة نفسها من العام 2016. كما سجلت الودائع الأجنبية لدى المصارف السعودية، نموا وارتفعت بنحو 8.47 في المئة خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مقارنة بالفترة نفسها من 2016. وبحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، فإن الودائع بالعملات الأجنبية لدى المصارف المحلية بلغت بنهاية نوفمبر 2017 نحو 142.98 بليون ريال مقارنة بنحو 131.8 بليون ريال للفترة ذاتها من عام 2016، مسجلة نموا بنحو 8.47 في المئة، بما يعادل نحو 11.16 بليون ريال. ويتكون قطاع المصارف السعودية من 12 مصرفاً مدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) ويبلغ رأسمالها 168.4 بليون ريال، وتقدر القيمة السوقية لأسهم القطاع بنحو 445 بليون ريال، تشكل 27 في المئة من قيمة سوق الأسهم السعودية. البوعينين: ملف الزكاة لا بد أن يغلق تنظيمياً قبل إغلاقه مالياً أكد الخبير المصرفي والاقتصادي فضل البوعينين في حديثه ل «الحياة» أن ملف الزكاة غير المحصلة على البنوك لا بد ان يغلق تنظيميا قبل اغلاقه ماليا. وقال: «يشكل الوعاء الزكوي تحديا حقيقيا للجهات المسؤولة عن تحصيل الزكاة؛ وطالما كان هناك تفاوت في تشكيل الوعاء الزكوي بين البنوك من جهة وهيئة الزكاة والدخل من جهة اخرى». واضاف: «في سنوات مضت كانت القوة في فرض الرأي حول الوعاء الزكوي تصب مصلحة القطاع المصرفي؛ الذي اعتقد انه يدفع زكاة اقل مما يجب لأسباب محاسبية صرفة ولا علاقة لها بالتحايل». واستطرد بالقول: «اعتقد ان الامر بات مختلفا اليوم لذا نجد المطالبات الجديدة لهيئة الزكاة التي طالبت البنوك بزكوات لم تسدد؛ لاستبعادها بعض الأصول من وعائها الزكوي». واردف قائلا: «وهو حجم الفروقات التي تطالب بها الهيئة العامة للزكاة و5 بنوك سعودية فقط؛ ما يعني ان هناك سبعة بنوك اخرى قد تكون منكشفة على ملف الزكوات المتأخرة». واضاف: «الاكيد ان اي مطالبة مالية بأثر رجعي ستؤثر في ربحية البنوك الصافية؛ التي ستتقلص بنفس حجم المطالبة المالية لهيئة الزكاة؛ ولكن هذا يجب الا يحول دون الزام البنوك بدفع الزكاة الشرعية متى اثبت انها دفعت جزءا منها وليس الكل؛ ولو كانت بأثر رجعي. فالزكاة شرعا لا تسقط بالتقادم ومرور الحول التالي بل يجب ان تدفع إبراء للذمة والتزاما بالقوانين الشرعية والتشريعات الحكومية». وقال: «ملف الزكاة غير المحصلة يجب ان يغلق تنظيميا قبل اغلاقه ماليا؛ واعني ان يكون الوعاء الزكوي واضحا ومتفقا عليه ومؤطرا بتشريع نظامي لا يسمح للبنوك بالاجتهاد او الالتفاف على النظام».