انطاليا، لندن - «الحياة» - فيما تسعى المعارضة السورية إلى تجميع اطيافها والاتفاق على خريطة عمل من اجل دعم الحركة الاحتجاجية، وبعد يوم من انتهاء مؤتمر انطاليا، تتجه الأنظار إلى مؤتمر آخر للمعارضة السورية من المقرر ان يعقد في العاصمة البلجيكية بروكسيل. ومن المتوقع ان يشارك فيه عدد من الشخصيات التي شاركت في مؤتمر انطاليا. ويقول مشاركون في مؤتمر بروكسيل الذي يتم التحضير له حالياً، أن ليس هناك تناقض او اصطدام بين عقد مؤتمرين للمعارضة في انطاليا وبروكسيل خلال ايام معدودة، مشيرين إلى ان الهدف الاساس لمؤتمر بروكسيل هو «التواصل» مع نشطاء سوريين جدد، سواء يعيشون في اوروبا او الذين سيأتون من سورية اضافة الى التنسيق بين الجماعات والتنظيمات السورية المختلفة والتي لا تربطها حقيقة علاقات تنظيمية من أي نوع بسبب سنوات التضييق على المعارضة السورية. لكن رغم تجاوز المشاركين في مؤتمر انطاليا بعض خلافاتهم الفكرية والاجرائية، إلا أن بعض المشاركين والمراقبين أظهروا تحفظات على بعض مجريات المؤتمر. فقد احتج حسام القطلبي المعارض السوري وعضو «ائتلاف أصوات ديمقراطية» الذي كان في الهيئة التحضيرية لمؤتمر أنطاليا، على الطريقة التي جرت فيها الانتخابات وعلى التوزيع الطائفي والعشائري لأعضاء الهيئة المنتخبة. ونقلت عن تلفزيون «فرانس 24» قوله: «جئنا إلى هنا على أساس أن نخرج بقررات متعلقة بدعم الثورة السورية على الصعيد المالي وحقوق الإنسان والقررات الدولية، وتشديد الضغط الدولي على النظام السوري كي يوقف أعمال العنف والقتل». وتابع: «كان من المفترض أن ينتج عن هذا المؤتمر هيئة من الكفاءات يُراعى في اختيار أعضائها قدرتهم على الإنجاز وكفاءتهم. لكن في الحقيقة لم يتم التطرق إلى هذه المعايير، بل تم التطرق إلى معايير أخرى تماماً، تتعلق بالانتماء الطائفي والعشائري للمرشحين». وأضاف المعارض السوري: «أنا موافق على البيان الختامي، لكنني لا أعتقد أن الهيئة المنتخَبة قادرة على تنفيذ قرارات المؤتمر على أرض الواقع، لأنها تفتقر إلى الحد الأدنى من الكفاءة والقدرة على الإنجاز. لم نأت لنتسلق على الثورة، ولم نأت لنظهر إلى الواجهة في الإعلام. لم يكن هذا هدفنا. والآن إذا تم تحويل الموضوع بهذه الطريقة، فأنا ضده تماماً. الهدف الذي جئنا من أجله أصلاً، هو تشكيل هيئة تنسيقية بين شباب سورية، تعتمد على الكفاءات لمتابعة قرارات المؤتمر». إلا ان الكثير يقولون إن اصطفاف المعارضة السورية والتنسيق بينها ليس أمراً سهلاً بسبب سنوات القمع والتضييق على المعارضة السورية، كما ينتقدون ان انتخابات الهيئة الوطنية في انطاليا تم «نوعاً ما على أسس طائفية». وفي هذا الصدد قال المعارض السوري رضوان زيادة، أستاذ الحقوق في جامعة جورج تاون في الولاياتالمتحدة وأحد الأعضاء المنتخبين في الهيئة الاستشارية لمؤتمر أنطاليا، في تصريحات لتلفزيون «فرانس 24»: «إنها ليست طائفية. لكن القائمة كانت شكلاً من أشكال التجمع، تم فيها تمثيل كل الأطياف السورية. لكن كأي عملية انتخابية، ربما تشوبها بعض الشوائب. ثم تأتي هذه الانتقادات، وهي انتقادات مشروعة. نحن نقول أن هذه الهيئة لا تمثل كل السوريين، بقدر ما هي إحدى القوى التي ستعمل على توحيد الصف. وبالتأكيد كل مَن حضر المؤتمر سيكون له دور في المستقبل، سواء عبر اللجان المختلفة التي تم تشكيلها أو بالتشاور والتعاون معها. هناك تمثيل كبير للشباب السوري، وسيتم تشكيل هيئة شبابية داخل المؤتمر سيكون لها دور رئيسي في التواصل مع شباب الداخل. وستعمل بالتوازي مع الهيئة الاستشارية التي تم تشكيلها. في النهاية هذه الثورة هي ثورة الشباب، ويجب أن يكون لهم تمثيلهم الحقيقي والضروري». وتابع: «يجب التأكيد على أن مسألة التمثيل هي دائماً صعبة في ظل أنظمة ديكتاتورية، حيث لم تكن هناك معارضة منظمة لفترة طويلة في سورية. المعارضة في الداخل هي إما في السجون أو في المنفى. بالتالي، فإن قضية الالتقاء في مؤتمر والنقاش والاتفاق على أجندة لدعم الداخل فيما يتعلق بإسقاط النظام، تعتبر في حد ذاتها نجاحاً كافياً». وأضاف موضحاً: «إنها خطوة باتجاه توحيد صوت المعارضة والضغط باتجاه التمثيل الدولي للمعارضة السورية، ستحاول العمل مع كل السوريين في الخارج ودعمهم بشكل أو بآخر من أجل تحقيق أهداف الشعب السوري في الحرية والديمقراطية». وعن مهام الهيئة الوطنية، قال زيادة:»إنها هيئة منتخبة من المؤتمرين الذين حضروا مؤتمر المعارضة السورية للتغيير. وهي تضم معظم القوى السياسية السورية ومكونات الشعب السوري من عرب وأكراد والشباب والإخوان المسلمين وإعلان دمشق وغيرها. بالتالي هي تعكس تمثيلاً حقيقياً للشعب السوري، وسيكون لها دور في المستقبل فيما يتعلق باختيار هيئة تنفيذية تتألف من 11 شخصاً لتقوم باللقاء مع ممثلي الهيئات الدولية، من أجل دعم الثورة السورية في الداخل. نؤكد أنها ليست شكلاً من أشكال المجلس الانتقالي، بقدر ما هي هيئة تنفيذية تهدف إلى إيصال صوت السوريين في الداخل إلى المجتمع الدولي، من أجل تحقيق أهداف الشباب السوري في الحرية والكرامة». وذكر رضوان زيادة ان المؤتمر قرر تأسيس «لجنة حقوقية لفضح وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان» والعمل مع المحاكم الدولية لتقديم بشار الأسد وغيره من الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري إلى هذه المحاكم. وحول مدى واقعية طلب المعارضة في انطاليا «تغيير النظام» بعد نحو 11 اسبوعاً فقط من بدء الحركة الاحتجاجية، قال:»هذا هو هدف الثورة السورية، الضغط الداخلي. وأنا أعتقد أن الشباب السوري قادر على تحقيق هدفه في فرض استقالة الرئيس. وفي الوقت نفسه ستكون هناك ضغوط خارجية من المجتمع الدولي تشكل عشرين في المئة من مجمل الضغوط. الآن هناك مشروع قرار في مجلس الأمن سيدين العنف الذي تمارسه السلطات السورية على المتظاهرين. ونعتقد أن هذه بداية الضغوط الحقيقية عبر مجلس الأمن، مما يشجع جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي على اتخاذ خطوات مماثلة وحقيقية من أجل وقف سفك دماء الشعب السوري». وكانت تنظيمات سورية في الداخل مثل «الشبكة السورية لحقوق الانسان» أعربت عن تحفظات في شأن التمثيل في مؤتمر انطاليا، موضحة ان المجتمعين هناك «لا يتحدثون باسم الشعب السوري ولا يمثلونه».