باريس، دمشق، نيقوسيا -»الحياة»، أ ف ب - سعى مؤتمر للمعارضين السوريين العلمانيين اختتم أعماله في باريس ليلة اول من امس إلى طمأنة الأقليات والإسلاميين في سورية بخصوص شكل النظام المحتمل إذا ما تغير نظام الحكم في البلاد نتيجة الاحتجاجات الشعبية الواسعة المطالبة بنظام ديموقراطي تعددي مفتوح. وفي البيان الختامي للمؤتمر، شرح البيان العلمانية التي يدعو إليها فقال إنها تلك التي «تكرس الحياد في المجال العام وتفصل الروحي عن الزمني والمؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة». كما أكد الائتلاف العلماني انه «يؤمن بحق تقرير المصير للشعب الكردي ضمن حدود الوطن الجغرافي وسلطة الدولة الشرعية والإقرار الدستوري بالشعب الأشوري السرياني واعتباره شعباً أصيلاً وضمان كل حقوقه القومية واعتماد اللغة السريانية لغة وطنية رسمية وذلك أيضاً في إطار وحدة الوطن السوري». ودعا ممثلون الحركات والهيئات العلمانية السورية المجتمعين العربي والدولي إلى حماية المتظاهرين السوريين الذين دخلت حركتهم الاحتجاجية الواسعة على النظام السوري شهرها السابع. وجاء في البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي للائتلاف العلماني الديموقراطي السوري اثر يومين من الاجتماعات التي عقدت في احد فنادق باريس وشارك فيها نحو 300 شخص، أن الائتلاف «اكد التزامه التام مطالب الثورة السورية ودعمها لتحقيق أهدافها كاملة، والتزامه السقف الوطني للثورة الذي اعلنه الثوار والذي تمثل بمطالبة المجتمعين العربي والدولي القيام بواجبهما لحماية المتظاهرين السلميين والمدنيين والحفاظ على ممتلكاتهم وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية». وأكد البيان الختامي دعم هذا الائتلاف «المطلق للثورة السورية بكل السبل والأدوات المتاحة» مع التشديد على سلمية تحرك المعارضة، معتبراً أن «الرد على استبداد وتوحش النظام وقمعه العاري للثورة السلمية إنما يكون بالتمسك بسلمية الثورة والحفاظ على نقاء مسارها». وأضاف البيان رداً على المخاوف من سيطرة التيارات الإسلامية المتطرفة والسلفية على النظام الجديد في حال سقوط الرئيس النظام الحالي «أن السلفية والتعصب والطائفية هي مجرد أكاذيب اعتمدها النظام وسيلة للتعمية على الوجه الإنساني للثورة المنفتح على الحياة والمؤمن بقيم التسامح». واعتبر البيان أن «الدولة العلمانية المنفتحة التي يتطلع إليها المجتمعون بشكل كامل تكفل حريات مواطنيها الدينية بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الحريات العامة». وعقد المؤتمر في احد الفنادق الكبيرة في باريس. وقدم المشاركون فيه من الولاياتالمتحدة وأوروبا ودول الشرق الأوسط، وهم بانتماءاتهم القومية والدينية يمثلون أطياف الشعب السوري من عرب وأكراد ومسلمين ومسيحيين، وقد التقوا حول قاسمين مشتركين: العمل على إسقاط النظام السوري، والإيمان بالفكر العلماني. وكانت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديموقراطية التي تضم معارضين في الداخل عقدت اجتماعاً قرب دمشق اختتم أعماله اول من امس أكدت فيه التمسك ب «سلمية الثورة» كعامل حاسم «لإسقاط النظام الاستبدادي»، محذرة من مخاطر عسكرتها، وداعية إلى عدم الانجرار وراء دعوات التسلح. كما شددت على رفض التدخل الخارجي. وقال حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية في مؤتمر صحافي عقده في دمشق لإعلان نتائج الاجتماع إن «النظام الاستبدادي الأمني لا بد أن ينتهي. لا يعني ذلك اجتثاث أحزاب البعث والجبهة، لا بد من إسقاط الاستبداد والأمن وكل من لم تتلوث يداه بالقتل نرحب به من اجل بناء الوطن». واعتبر البيان أن القمع المتواصل للمتظاهرين السلميين هو الذي أدى إلى «أفعال انتقامية مسلحة»، في إشارة إلى مقتل عناصر من الجيش وقوات الأمن تؤكد السلطات أن عددهم يصل إلى المئات. كما دعا البيان إلى «السماح بالتظاهر السلمي وانسحاب الجيش إلى ثكناته ومحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإجراء مصالحة بين الجيش والشعب وتشكيل لجان مشتركة من تنسيقيات الحراك الشعبي ومن رجال الشرطة لضبط الاستفزازات وحماية التظاهرات السلمية» وجاء انعقاد هذا المؤتمر في سورية بعد مؤتمرات عدة ضمت معارضين سوريين عقدت في انطاليا وأنقرةوإسطنبول والدوحة وبروكسل من دون التوصل بعد إلى هيئة موحدة تمثل الثورة السورية. وقال سمير العيطة المشارك في المؤتمر وهو مدير تحرير «لوموند ديبلوماتيك» بالعربية في هذا الإطار «هناك ضرورة لتوحيد الجهود حتى تحصل لحظة التغيير» داعياً المعارضة بمختلف أطيافها إلى «أن تتوحد على أهداف مشتركة». ولم يشر البيان الختامي لمؤتمر دمشق إلى المؤتمرات العديدة التي عقدت حتى الآن لتوحيد المعارضة السورية إلا انه شدد على «ضرورة العمل على توحيدها»، مضيفاً أن المؤتمرين أوصوا «المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق بالعمل على إنجاز الائتلاف الوطني السوري وفق الرؤية المشتركة والثوابت الوطنية التي يتفق عليها وذلك خلال أسبوعين من هذا التاريخ». وكان معارضون سوريون عقدوا في أوائل حزيران (يونيو) الماضي مؤتمراً في انطاليا تحت اسم «المؤتمر السوري للتغيير» انتخب في ختام أعماله هيئة استشارية انتخبت بعدها هيئة تنفيذية. وفي أواخر آب (أغسطس) الماضي عقد معارضون سوريون اجتماعاً في إسطنبول اعلنوا خلاله عزمهم على تشكيل مجلس وطني. إلا أن «الهيئة العامة للثورة السورية» التي تعمل من الداخل السوري أصدرت بياناً أعربت فيه عن معارضتها إنشاء هذا النوع من المجالس معتبرة انه من المبكر لأوانه الكلام عنها. وأنهى المجتمعون في إسطنبول اجتماعاتهم من دون الإعلان عن تشكيلة أي مجلس. وفي التاسع والعشرين من آب (أغسطس) تلا الشاب ضياء الدين دغمش الذي سبق أن شارك في مؤتمر انطاليا بياناً في أنقرة باسم «شباب الثورة في الداخل» اعلن فيه تشكيلة مجلس وطني من 94 شخصاً برئاسة الأكاديمي المقيم في باريس برهان غليون، ودعا «من يرفض من الأعضاء قبول هذه المهمة أن يشرح عبر وسائل الإعلام مبرراته الوطنية». ودارت بالفعل بعد هذا الإعلان مشاورات ونقاشات حصل قسم كبير منها على صفحات الفايسبوك اعلن فيها غليون انه يواصل الاتصالات لتشكيل هيئة تمثل المعارضة السورية. وفي الخامس عشر من ليلوا (سبتمبر) الحالي قدم معارضون سوريون في إسطنبول تشكيلة «المجلس الوطني» الذي ضم 140 عضواً.