جبل شاهق وسط البحر، قطعة صخرية صلدة لم يحركها الماء منذ أمد طويل، لكأنه عقد اتفاقاً لا يُفك وثاقه عبر الليالي والأيام، متربعاً على عرش الماء في جزيرة كدمبل في مركز القحمة بساحل عسيرجنوب السعودية. وتبدو المنطقة وكأنها مقبلة على عهد سياحي وتنموي كبير، تبشر به ملامح الاهتمام الذي تحظى به والزيارات الدؤوبة التي يقوم بها الخبراء بلا انقطاع، لتحويل كل الفرص اللامعة في سماء المملكة إلى واقع ينتظره أبناء كل مناطق السعودية، لتحقيق رؤية 2030. جزيرة كدمبل واحدة من أجمل الظواهر البحرية الغريبة، في الجانب السعودي من البحر الأحمر، ما جعلها محط جذب لكثير من الزوار الذين يصلون إليها عبر «مراكب صغيرة»، معدة ومؤهلة خصيصاً لمهمة نقل محبي هذه المنطقة. تستغرق الرحلة البحرية إلى الجزيرة 4 ساعات ذهاباً وإياباً، بكلفة 350 ريالاً، وقد يمارس بعض الزائرين هواية صيد الأسماك بالقرب من الجزيرة. وجزيرة «كدمبل» تُعد جبلاً بركانياً عالياً بارتفاع شاهق وسط البحر، مع وجود رمال في إحدى جهاته، والجبل مجهز بمدرج للصعود، وتوجد على جوانب الجبل، بقايا صخور تآكلت بسبب التعرية، وكوّنت تشكيلاً صخرياً بديعاً، ولأنها جزيرة جبلية، فهي تفتقر إلى الغطاء النباتي أو الأشجار المعمرة، بسبب قلة المياه، وندرتها. وتوجد أسفل الجبل 11 مقبرة، ربما ترجع إلى بعض البحارة، الذين لقوا حتفهم بالقرب منه، فتم دفنهم هناك، لكن معالم تلك القبور غير واضحة. ويجتذب الجبل محبي صيد الطيور، لوجود أنواع عدة منها، مثل الصقور، فضلاً عن أنواع مختلفة لطير الحمام، منها المطوق والمشابه لحمام الحرم. ويدرس فريق من البنك الدولي هذه الأيام خطة تشغيلية مقترحة لاستحداث مسار أبها - جزيرة كدمبل السياحي في منطقة عسير مروراً بمركز السودة ومحافظة رجال ألمع وواديي ريم وعرمرم ومركز القحمة، على البحر الأحمر، وتضمنت الدراسة الجوانب التنظيمية والتنفيذية والاستثمارية. وكان المدير العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في منطقة عسير المهندس محمد العمرة زار فريق العمل هناك، واطلع على ما توصل إليه عن المسار عموماً، واستعراض المصورات الجوية، والتنوع الطبيعي من جبال وسهول ووديان وبحر وجزر، ومرئياتهم للعملية التنموية؛ كتوفير فرص عمل لأهالي المواقع التي يمر بها المسار، وتنشيط الجوانب الاجتماعية مثل دعم الأسر المنتجة وإعادة الحيوية إلى المدرجات الزراعية ودراسة الغطاء النباتي. وجزيرة كدمبل هي واحدة من بين 1400 جزيرة سعودية في البحر الأحمر والخليج العربي، لم تخضع لأي استغلال استثماري أو سياحي، ولا يزورها سوى بعض المهتمين والرحالة الهواة، فيما عدا 50 جزيرة، واقعة بين الوجه وأملج، وكانت المملكة أعلنت استثمارها أخيراً في مشروع البحر الأحمر، وهو أول استثمار سعودي من نوعه في تلك الجزر.