الشرطي الذي قبض على السيدة منال الشريف وهي تقود سيارتها في الخبر، لم يستطع أن يقول إنها خالفت النظام، لأن النظام المروري نسي أن يضع فقرة تمنع المرأة من قيادة السيارة، فخالفها بحجة أنها خالفت العرف، واكتشفنا ذلك اليوم أن مهمات شرطي المرور تعدت إلى حماية العرف.منال التي قبض عليها المرور وأخذ عليها تعهداً ثم أطلقها، اعتقلت لاحقاً في منتصف الليل من جهة أمنية أخرى بعد ساعات من خروجها، لأنها روجت فكرة قيادة السيارة تحت حملة «سأقود سيارتي بنفسي»، وعلى رغم أن منال لم تدع لتظاهرة كما يزعم البعض، ولم تخرج في أي تجمع أو تظاهرة، وكل ما قالته إنها تحتاج أن تقود سيارتها بنفسها وحضت النساء على أن يعتمدن على أنفسهن في قضاء شؤونهن ويقدن سياراتهن المكتوبة بأسمائهن لو توافرت لديهن رخصة دولية. أين هي الفكرة التي تتعدى على النظام طالما أن النظام لم يمنع، والدين لا يمنع، والفكرة التي دعت إليها لم تتجاوز حدود الشرع والنظام؟ منال، حتى كتابة هذا المقال رهن الاعتقال بينما فكرتها تجول بكامل حريتها داخل المجتمع السعودي الذي اشتعل مجدداً بفتح ملف قيادة المرأة السيارة. ملف «سواقة المرأة» فتح لأول مرة منذ عام 1990 حين خرجت سيدات يقدن السيارات في مطالبة بهذا الحق لكنهن ردعن وعوقبن بشدة. ثم عرض على مجلس الشورى عام 2005 ورفض مناقشته، ثم قدمت النساء اقتراحاً وشكوى لمجلس الشورى في كانون الأول (ديسمبر) 2010 ورفض استلامها. 21 عاماً مضت، ولم يحرز أي تقدم في شأن هذه القضية. أصبحت «سواقة المرأة» أشبه ب «قنبلة موقوتة» يخشى أي مسؤول معالجتها لكي لا تنفجر، ما يجعله يتفادى معارضتها أو الموافقة عليها، لهذا بقيت القضية في الوسط «المعطل». بعض المشايخ ممن يثق المجتمع برأيهم يقفون مع حق قيادة المرأة السيارة، والحكومة لم تخلق بدائل بإيجاد مواصلات عامة وآمنة ومريحة تسهل أن يقف في صف «سواقة المرأة» الكثيرون، فيما لم يجد المعارضون للموضوع سوى الدوران حول مسألة التوقيت وإشعال الرأي العام ضدها. لا يجرؤ أحد اليوم أن يقول إن قيادة المرأة السيارة ممنوعة نظامياً أو إنها حرام شرعاً، لأنهم يعرفون أن الزمن قد تجاوز مثل تلك الأطروحات، فماذا تكون إذاً؟ إنها مسألة وقت، وعلى النساء الصبر. لكن النساء مللن هذا الانتظار الذي لا يحمل أي تاريخ للبدء أو تلويحة بالعمل والأمل، وقد كان جديراً بأن يكون شعار حملتهن، «لقد هرمنا، لقد هرمنا في انتظار هذه اللحظة التاريخية»[email protected]