تُعرض في بيروت تماثيل أثرية اختفت منذ عقود بعد أن سرقت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بفضل حرب دولية على تهريب الآثار شهدت تصعيداً منذ نهب مواقع أثرية في سورية والعراق أثناء الحرب. وكانت التماثيل الرخامية الخمسة بين مئات القطع الأثرية التي نهبت من مخزن في العام 1981، ولم يظهر بعضها إلا الآن في السوق السوداء العالمية للآثار وفي بعض أبرز المتاحف في العالم أيضاً. وتم الكشف عن ثلاثة تماثيل من الخمسة في مراسم أقيمت في بيروت أمس (الجمعة)، بعد أن رصدهم متحف «متروبوليتان» في نيويورك حيث كانت معارة له من جامع تحف. ورصد أحد أمناء المتحف التماثيل وتعرف إليها باستخدام موقع «آرت لوس» الذي يسجل القطع الأثرية المسروقة. ومن بين الشخصيات الأساسية التي ساهمت في إعادة التماثيل الأثرية إلى لبنان مساعد المدعي العام في مانهاتن ماثيو بوغدانوس، وهو جندي سابق في حرب العراق قاد التحقيق في عمليات نهب في «المتحف الوطني» في بغداد خلال الفوضى التي عمت البلاد بسبب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للإطاحة بصدام حسين. وقال بوغدانوس الذي حضر مراسم الكشف عن التماثيل في بيروت أمس إن الغضب من عمليات النهب في العراق وسورية ومخاوف من استخدام تهريب الآثار في تمويل الجماعات المتشددة دفع دول عدة للعمل معاً لوقف الأمر. وأضاف: «نتج عن ذلك اهتمام أكبر وتدقيق أكبر وموارد أكثر وهي أمور كانت مطلوبة بشكل ملح من أجل محاربة تلك الشبكة العالمية سيئة السمعة». وساهم مكتب بوغدانوس في استعادة آلاف من القطع الأثرية المسروقة في السنوات الماضية. ورصد معرض فني في ألمانيا أحد التمثالين الآخرين العام الماضي، فيما تم ضبط التمثال الخامس في حاوية كانت قادمة إلى ميناء طرابلساللبناني الشهر الماضي. وكان تم العثور على كل التماثيل خلال الستينات والسبعينات من معبد «أشمون» في ميناء صيدا في جنوبلبنان. ويعود تاريخ التماثيل إلى فترة زمنية بين القرنين الرابع والسادس قبل الميلاد عندما كانت الامبراطورية الفارسية تحكم الحضارة الفينيقية لكنها كانت متأثرة بالفن والثقافة اليونانيين. ومن بين أكثر من 500 تمثال نهبت من معبد «أشمون» لم يتم التعرف إلا إلى عدد قليل وإعادته إلى لبنان. وقال وزير الثقافة غطاس خوري إنهم يسخرون كل الموارد المتاحة لاستعادة أي قطعة أياً كانت وأينما كانت، مشيراً إلى أن تراث لبنان ليس للبيع. وقد تبقى القطع الأثرية المنهوبة مختفية لعقود قبل أن يبدأ مهربون في بيعها لجامعي التحف، كما أن الطبيعة الدولية لسوق تجارة الآثار تؤدي إلى زيادة صعوبة مهمة تعقب القطع المفقودة. وأوضح غطاس أن لبنان ساعد في وقف شحن الكثير من القطع الأثرية الأجنبية عبر بيروت.